الصغير سلام واحد من الصحفيين الجزائريين اللامعين في الخليج وتحديدا في قناة دبي الفضائية التي حط بها الرحال عم 2005 ، بعد تجرية طويلة من العمل الصحفي في الجزائر استمرت لأكثر من 15 سنة، تنقل فيها بين الصحافة المكتوبة التي يعتبرها مدرسته الأولى و تجربة تلفزيونية كانت مميزة. في هذا اللقاء يتحدث الصغير سلام صاحب الأخلاق العالية والقلب الكبير والقلم المبدع، عن تجربته ونظرته للإعلام في الجزائر. حاوره / نبيل ع أولا/ عشرسنوات من الغربة في دبي ومن العمل التلفزيوني وأنت سليل الصحافة المكتوبة، من أضافت إلى الأخرى؟ وماذاأضافت لك تجربتك المهنية في الإمارات؟ -أصعب الأمور على نفسي الحديث عن تجربتي الذاتية و دائما ما أفضل أن يتحدث عنها زملائي و أصدقائي ..الغربة تجربة صعبة على المستوى الإنساني و المهني ..أن تبدأ من الصفر و تضحي برصيدك المهني ليس بالأمر الهين أنا أعتبر نفسي رفقة زملاء و زميلات من مؤسسي الصحافة المستقلة في الجزائر، كما كانت لي تجربة قصيرة في التلفزيون ..في الجزائر خضت تجارب عديدة في الصحافة و أسست عناوين خاصة عديدة و عملت في القطاع العام و حينما نضجت مهنيا أدركت أن الأوان قد حان للهجرة فاخترت الإمارات و تلفزيون دبي الذي أعمل به منذ أكثر من عشر سنوات في قسم الأخبار، صحيح أنني قادم من الصحافة المكتوبة و التي منحتني القدرة على إبداع النصوص الصحفية و حتى الأدبية، إلا أنني تعلمت في تجربتي بتلفزيون دبي فنيات الإعلام التلفزيوني و صناعة نشرات الأخبار و أنا حاليا أعتبر نفسي كاتبا أكثر من كوني صحفيا أما تجربة العيش في دبي فأتاحت لي فرصة العمل مع محيط مهني محترف و متنوع من مختلف الجنسيات، في الغربة عرفت نفسي و اقتربت من خالقي و طورت نفسي و تدربت على الفنيات الصحفية و التقنية ووسعت معارفي و عرفت بعد أن زرت عشرات البلدان أن شعبنا مغيب عن التطور الذي عرفته دول العالم و مخدر بوهم أنه "الأحسن و الأروع"! ثانيا/ البعض ينتقدالصحفيين الجزائريين في الخارج على أساس أنهم يتحولون إلى معارضين بينماكان بعضهم بوقاً للنظام عندماكان بالجزائر؟ أولم يكن لهم موقف سياسي أصلا؟ وهل مطلوب من الصحفي أن يتخذ موقفا سياسيا محددا؟ هذا صحيح..أكثر من هذا، البعض لم يكن صحفيا في الجزائر و لا علاقة له بالمهنة و ادعى ذلك لما صار في الخارج و من أشرت إليهم في سؤالك هي فئة قليلة تعد على الأصابع، فالصحافة مهنة مثل القضاء و المحاماة و الطب، فلماذا تمارس مهنتنا من طرف من هب و دب .. لكن لماذا لا يلام المهندس و الخبير الاقتصادي و الأستاذ الجامعي حينما يختار الهجرة و يتهم الصحفي ب"الخيانة" حين تضطره الظروف إلى البحث عن ظروف عيش أفضل له و لأولاده؟ ..لماذا تنقلب الدنيا حينما يعبر أحد الإعلاميين عن رأيه؟ في رأيي ليس من كل من انتقد الفساد معارض و عن نفسي أنا كاتب و صحفي و سأكتب بصوت مرتفع ضد الفساد و التخلف و رهن مستقبل الأجيال وتدجين الإعلام الخاص و تحويل الإعلام العمومي إلى مراكز شيخوخة، و مع هذا أقولها لست معارضا لأنني كاتب و صحفي و كفى، و حينما أقرر أن أمارس المعارضة سأنضم إلى الحزب و التيار الأقرب إلى أفكاري!
ثالثا/ كيف تبدو نظرتك اليوم إلى واقع الإعلام في الجزائر، ومارأيك بالجيل الجديد من الصحفيين؟ -الوضع ليس سوداويا و هناك تجارب محترمة و بالجزائر طاقات إعلامية مبهرة، لكن جسد الإعلام الجزائري موبوء بالسياسة و غارق في الشؤون السياسوية، بينما أول قناة مشاهدة في بلادنا متخصصة في الطبخ ..لم يرق إعلامنا للأسف و هذه مسؤولية الإعلاميين إلى مستوى السلطة الرابعة، و بلدنا هو الوحيد الذي لا توجد به نقابة مهنية قوية و هذه أيضا مسؤولية مهنيي القطاع كما أن السلطة تعتبر الصحافة خصما و هذا خطأ بالطبع ..أما عن الجيل الجديد فهو يتفوق علينا بتحكمه في التكنولوجيا و تحكمه في اللغات الأجنبية، لكنه لا يقرأ و لا يطور نفسه ما عدا بعض الاستثناءات الرائعة التي تعد بالكثير، لكن هذا الجيل شجاع و يقبل على المغامرة أما نحن فكنا جيلا "عاقلا" لأننا ظلمنا و صنعنا مجد الآخرين و لم يكن لنا في تلك الأمجاد التي صنعناها نصيب ولو كان معنويا!! حتى إن بعض الصحفيين غادروا القطاع خشية الفقر. رابعا/ هل الهجرة تعني أن أحلام الصحفيين ضاقت بهاالجزائر؟ بالعكس لا يمكن لأي صحفي مهما كان أن يبني مجدا خارج وطنه، ربما تمنحك الغربة عيشا مريحا أو شهرة، لكن لا يمكنك أن تؤسس لتجربة و لا يمكن أن تمتلك صحيفة أو مؤسسة إعلامية ..مهما نجحت فأنت مهاجر و في بلدك يقال لك أنت مغترب، فالجميع يقولبك في صفة أنت لا تحبذها .. خامسا/ كيف تقيم مسيرتك المهنية وهل أنت راض عنها؟ أنا مطمئن لكن لست راضيا عن مسيرتي..راض من باب أنني احترمت مهنتي و أخلاقياتها كما ساعدت صحفيين كثيرين و فتحت لهم الباب، و ذلك أمر أفخر به كما دربت العشرات منهم سواء في بلدي أو في مهجري ..لكنني غير راض إطلاقا على إنجازاتي، لدي مشاريع كتب لم أنهها و برامج و أعمال تلفزيونية ترددت كثيرا في إطلاقها و كذلك تأخرت في إنهاء رسالة الدكتوراه. سادسا/ ماهي نصائحك للجيل الجديد من الصحفيين؟ لا أعتقد أنني في موقع الناصح ..لأن هذا الجيل الشاب كما قلت من قبل يتفوق علينا في كثير من الأمور، أرى فقط أنه جيل متسرع جدا حتى إن بعضهم يريد العمل في قناة دولية بعد أقل من عام من دخوله إلى المجال ..جيل قليل الصبر و أقول لهم ببساطة " صحفي لا يقرأ جريمة لا تغتفر"
سابعا/ هل لديك أقوال أخرى؟ أنا بريئ!…ههههه ..صحافتنا غنية بالطاقات الإعلامية لكنها فقيرة للأخلاقيات و للتقاليد المهنية، كما أتساءل لماذا تبقى بلادنا متخلفة في مجال السمعي البصري عن جيراننا في موريتانيا و تونس و المغرب و كيف تسير دون قوانين، لماذا تبقى الأخطاء اللغوية حتى في أسماء بعض القنوات ..كيف للجزائر التي تملك طاقات بشرية رهيبة أن تبقى متخلفة في مجال الصحافة الإلكترونية مقارنة بالجيران دائما !..أعتقد أن معركتنا الحقيقية هي ضد التخلف.