إزاحات محمد جعفر قبل أيام حضرت الوفود العربية لمشاركة الجزائر انطلاق محفل هام في مدينة قسنطينة العريقة التي أبت إلا أن تكون عاصمة للثقافة العربية لعام 2015. هذه الاحتفائية التي سخرت لها الدولة إمكانات بشرية ومادية هائلة حتى تحقق متعة الزائرين والوافدين الذين سيرجعون إلى بلدانهم بعد العرس مقتنعين بأن في الجزائر نشاطا ثقافيا وحراكا جادا من خلال العروض والبرامج والمعارض المسطرة أو هذا هو المرجو. والمتابع ينتبه أن موجة الانتقادات قد بدأت مع أول يوم لهذه الاحتفالية وإن كانت بعض الأصوات قبل ذلك قد راهنت على أن الجزائر لن تكون حاضرة وفي مستوى التطلعات العربية، مشككة في نجاح التظاهرة، طارحة مجموعة من الانتقادات والمشاكل التي لم يُقَدِر المسؤولون كيفية التعامل معها، مع العلم أنه كانت لنا تجربة سابقة ومماثلة كان من المفروض أن تعلم منها ومن أخطائها. ولا ريب أن أول الانتقادات في المسؤولين أنفسهم الذين أوكلت إليهم إدارة هذه التظاهرة، كذلك في نوعية الحضور العربي والمحلي المشارك، ثم التأخر في إنجاز المشاريع وموعد الاحتفاليات، ولعل ما أريد أن أركز عليه أكثر هو دور الإعلام في كل هذا. قال رؤوف حرزالله على صفحته في الفايسبوك أنه اتصل بالسيد سامي بن شيخ الحسين محافظ المهرجان للاستفسار عن عدم دعوة قناة العربية لتغطية الحدث، كما نشرت بعض الصحف أن التغطية ستكون حصرية للقنوات الوطنية فقط، بينما القنوات العربية والعالمية ستكون غائبة عن الحدث، ولا أعرف من الأرعن الذي رأى وأجاز هذا القرار الخطر، ولعل صاحبنا كان يفكر في الكيفية التي تخول له وللقائمين على التظاهرة سد التغرات الممكنة والقفز على النقائص وذر الرماد في العيون، في إطار السياسة القديمة نفسها متبعة منذ الاستقلال والتي تتمثل في التمجيد الدوغمائي الذي لا هدف له إلا البكاء على الأطلال والتفاخر بإنجازات وهمية، وكأن لا غرض لنا من إقامة هذا المحفل وهذه التظاهرة إلا الترويج المحلي الذي يدخل في إطار عام هو الاحتفاء بإنجازات العهدة الرابعة التي بات يتردد صداها في كل مناسبة كبيرة أو صغيرة تقام هنا أو هناك، ولا أدري كيف يمكن أن نقنع أي عاقل من خارج الجزائر أن هذه التظاهرة العربية يمكنها أن تتجاوز بصيتها وبما حققته الإطار المحلي دون إعلام يمكنه حشد الجماهير العربية العريضة من الخليج إلى المحيط والتأثير عليها إيجابيا وتوجيهها إلى أن هناك حدث مهم يقوم الآن في بلاد الجزائر، ومن هنا أناشد المهتمين والمختصين بأن ينتبهوا إلى هذه النقطة ومعالجتها في الحين، إلا إذا كان هناك من يعتقد أننا نملك إعلاما مؤثرا يمكنه توجهيه الرأي العام العربي والدولي ويراهن عليه، فأنا حينها سأعد نفسي واحدا ممن لا هم لهم إلا الطعن في كل ما هو وطني!