برؤية قال إنها تقدم توصيفا عميقا للوضع الحالي للبلاد باسقطاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قال رئيس حزب التجديد والتنمية، الدكتور اسير طيبي، إن العمل السياسي يحتاج لنظرة جديدة تؤسس لانتقال سلمي وتداول حضري وسياسي على السلطة وإدارة حكيمة للشأن العام، وفي حوار خص به "الحوار" وصف رئيس الحزب المعروف بتوجهاته الوسطية والليبرالية قانون المالية لسنة 2016 بمثابة الخطر الحقيقي الذي سيعصف بتوازن الدولة واستقرار نظامها الاجتماعي والسياسي، موجها نداء لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يدعوه فيه إلى التدخل من أجل حماية الشعب الجزائري من سياسة التفقير، كاشفا أن حزبه على استعداد ليكون وسيطا بين السلطة والمعارضة.
*في البداية ماهو موقف حزبكم من المبادرات الأخيرة التي أطلقتها الأحزاب والشخصيات السياسية موالاة و معارضة؟ – أشكركم بداية على هذه الالتفاتة الإعلامية، وإجابة على سؤالكم، فحزب التجديد والتنمية لايرى أن المشهد السياسي الحالي بالجزائر يعبر بشكل حقيقي وفعلي عن وجود موالاة ومعارضة، فالعمل السياسي في حد ذاته يحتاج لإعادة بناء وتأسيس لأن الكثير من الفاعلين أحزابا ومجتمعا مدنيا ونخبا مثقفة يتم اقصائها اليوم من ممارسة حقها في التعبير والمشاركة في صياغة هذه المبادرات التي تحدثت عنها، سواء كانت صادرة من منابر أحزاب الموالاة أوالمعارضة، وأعود لأؤكد أنني أتحفظ على هذا التصنيف. البلاد تمر في اعتقادي بمرحلة بالغة الحساسية والدقة، فقد فقدنا وبشكل مفاجئ نصف عائدتنا المالية بانخفاض سعر المحروقات، وأثر هذا كما هو واضح على سياسة الدعم التي انتهجتها الحكومة ومارسها النظام على مدار سنوات، وهو ما خلق حالة قلق لدى الرأي العام، والمبادرات التي أطلقتها الأحزاب والشخصيات السياسية خلال الآونة الزخيرة مازلنا نرى أنها تفتقد للرؤية المشتركة، فمثلا مبادرة "الأفافاس" التي تم دعوتنا إليها رأينا رغم أهميتها أنها غير متكاملة، إذ لم يتم الاتصال والتشاور كما يجب مع كافة الأطياف السياسية، وحين تساءلنا عن السبب لم تقدم لنا مبررات منطقية أو مقنعة، كما أن مبادرة حركة مجتمع السلم التي لم تر النور لم يكتب لها الاستمرارية، أما مبادرة الأفلان الذي أعتقد أنه كان ذكيا في دعوته كافة الأحزاب، فإننا ندرسها على مستوى الحزب بإمعان لأنها تتضمن 17 بندا الأهم فيه -حسب قراءتنا- مساندة برنامج رئيس الجمهورية، وهذا البند لا يستقطب صوت المعارضة التي ترى أنها مغيبة ومقصية من المشاركة في السلطة، رغم هذا نحن أكدنا أننا نساند برنامج الرئيس إلى غاية 2019، ولكن المسألة تتعلق في نظرنا الآن سياسيا بإيجاد حلول توافقية لا الاستغراق في تسويق المبادرات إعلاميا والتموقع على أساسها لربح الوقت.
* خلق قانون المالية موجة من ردود الفعل السياسية، فكيف يرى حزبكم ما جاء به القانون من إجراءات أثارت مؤخرا حفيظة نواب المعارضة بالبرلمان؟
– نحن على مستوى حزب التجديد والتنمية، ومن منبركم الإعلامي "الحوار" أقول" أدعو باسم حزب التجديد والتنمية رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى اتخاذ قرار تاريخي يحمي بموجبه الشعب الجزائري الذي انتخبه من سياسة التفقير الممنهجة التي أقرها قانون المالية لسنة 2016، والذي تضمن في عدد من مواده إجراءات مجحفة في حق الشعب ومحدودي الدخل، كما ندعو أحزاب الموالاة والمعارضة إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية اتجاه الشعب بالرفع من مستوى النقاش والابتعاد عن المتاجرة بقضايا وانشغالات الأمة. إننا على مستوى حزبنا نعتقد أن مراجعة قانون المالية خاصة في الكثير من مواده أمر ضروري وحتمي لزن التبعات الاجتماعية والسياسية ستكون خطيرة، ونحن نحذر من مواصلة هذا النهج الذي فرض ضرائب جديدة على المواطنين وأصاب قدرتهم الشرائية، فالحكومة كان الأحرى بها أن تحارب الفساد المالي والإداري الذي ضيع المال العمومي بدل ترك المواطن يدفع فاتورة الوضع الهش الذي نواجهه الآن جراء انخفاض سعر البترول وعجز السلطة والمعارضة على حد سواء في إيجاد صيغة مشتركة للخروج من الأزمة، وهذا يدفعني للإعلان أننا على استعداد رسميا أن نكون وسيطا بين السلطة والمعارضة للخروج من هذا النفق، وهذا بالرجوع عن الاختيارات التي اتجهت السلطة إلى تبنيها، منها هذا القانون الذي نرفض مواده خاصة المادتين 66 و76 اللتين تسمحان بفتح رؤوس أموال للشركات العمومية، وتسمح من جانب آخر بتحويل اعتمادات مالية من قطاع إلى قطاع دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية منها البرلمان. إننا نعتبر أن هذا القانون هو بمثابة تفقير للشعب الجزائري، أقول هذا دون مزايدة أو توظيف سياسي، لذا ندعو رئيس الجمهورية إلى التدخل العاجل واتخاذ قرار يكفل حق الشعب في أن يعيش كريما في بلد يراد له أن يبقى مرهونا بأيدى أصحاب المصالح ورجال المال، وعلى ذكر رجال المال نحن على مستوى العمل السياسي لم نكن أبدا ضد الاستثمار في البلاد والعباد، بل نرحب بأي استثمار يعود على الاقتصاد الوطني بالخير، ولكننا نرفض تماما وبشكل مطلق توغل أصحاب المال في القرار السياسي، ونطالب الحكومة بعرض بيان سياستها العامة التي وجهت من خلالها الاستثمار في الشركات العمومية لنعرف مكامن الخلل ويتحمل كل مسؤول واجباته ومسؤولياته أمام الدولة والشعب، ودعوني أقول أن ما جاء مضمنا في قانون المالية هو بمثابة إجراء عقابي إن صح القول للشعب الذي عودناه على سياسة الدعم الاجتماعي وندفعه الآن دون تحسيس ولا توجيه إلى التقشف من جيبه وراتبه الشهري، وهذا الطرح قد تكون عواقبه وخيمة إذا لم نتدارك الوضع ونراجع بشكل عام سياسة الحكومة خاصة على مستوى الدعم، الذي يجب أن لا يستمر بوتيرة العطاء الحالية، وفي المقابل يجب علينا أن نستحدث بدائل أخرى لدعم الجبهة الاجتماعية.
*كيف يرى حزب التجديد والتنمية آداء تنسيقية الانتقال الديمقراطي ومقترحاتها للخروج مما تعتبره أزمة سياسية ؟
-في الحقيقة تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي نتابع كباقي الأحزاب آدائها السياسي وما تقدمه من توصيف للمشهد السياسي الراهن وسقف مشاريعها الذي يصل إلى السلطة، نرى أنه يجب على هذا التكتل السياسي أن يغير هو الآخر من طريقة الآداء وينفتح على كافة الأطياف السياسية دون اعتماد معيار الحزب الصغير أوالكبير، فهذا التصنيف لايعبر عن حقيقة العمل السياسي القائم أساسا على التعدد واحترام قناعات مختلف القوى الفاعلة، وبكل صراحة نحن نعتبر أن فكرة معارضة السلطة من أجل المعارضة فقط …لاتقدم ولا تؤخر بمعنى أنها لا تقدم شيئا ملموسا، لذا ندعو القائمين على هذه التنسيقية لفتح المجال لكافة القوى للتعبير عن تطلعاتها، كما ندعو إلى الحوار مع السلطة ونبذ الفكر الإقصائي الذي نعتقد أنه سبب الاحتقان الموجود، والذي انتقل الآن على صفحات ومنابر الإعلام، ففكرة استعداء السلطة ليست هي الأخرى حلا ولا أنصح بها، بل التغيير الذي يكون يجب أن تساهم السلطة والنظام في صياغته مع المعارضة في إطار رؤية سياسية عميقة تأخذ في الحسبان المصالح العليا للجزائر التي تواجه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية.
*ماهي مقترحات حزبكم للخروج مما يصفه البعض بأزمة شاملة تواجه البلاد في الوقت الراهن؟
– أولا ندعو وبشكل عملي، وقد قدمنا هذه المقترحات إلى السلطة عبر مستوى معين، إلى تأسيس مرحلة جديدة سياسية تشارك فيها السلطة والمعارضة في بناء نظام سياسي ومؤسسات قوية، كما ندعو إلى وضع مشروع اقتصاد وطني متين وتعميق المسار الديمقراطي بفتح المجال والآن للأحزاب السياسية الجديدة لتأخذ مواقع هامة داخل الحكومة ومؤسسات الدولة، كما ندعو إلى تجاوز ثقافة الاقصاء والتهميش الذي تعاني منه الكفاءات الوطنية وتعزيز العمل السياسي بالانفتاح على السلطة وخيارتها، وإشراك المعارضة في العمل المؤسساتي، وقد قلت إننا على استعداد أن نكون وسيطا بين النظام والمعارضة ضمن مشروع وطني سياسي نقترحه رسميا للتداول وعن قرب للرأي العام والنخب والفعاليات السياسية، وأرجو في الأخير أن يدرك الجميع موالاة ومعارضة -كما يقال- أن الجزائر لاتتطلب الآن، ونحن نرى صراعات بين أحزاب وقوى داخل النظام تظهر إلى العلن للمزيدات والتوترات التي تحركها المصالح والمطامع، البلاد ليست في حاجة -كما قلت- لهذا الجو من الاحتقان الذي قد يهدد أمن البلاد ويجعلنا أمام مصير مخيف وخطير ومستقبل غامض ومجهول.