قررت، وأنا عندما اقرر افعل الافاعيل، ان اتخلى عن الرسميات وأترك كل البروتوكولات التي أصبحت جزءا مملا من حياتي منذ سنين… فقمت بالتنكر.. ياك يقولو بدل اللوك يحبوك.. وأنا اعلم جيدا بأنه مهما غيرت من أقنعة مايحبونيش… ترجلت في شوارع المدينة.. رأيت ملصقات تحمل صورتي ولم اتعرف على خلقتي إلا بصعوبة.. من كثرت التشويه.. واحد يرمي الشمة (حاشكم) الآخر يظهر ابداعاته المدفونة عليها، والاخر خدمها كورنيات تاع كاوكاو المهم خالوطة… ركبت الحافلة بعد طول انتظار، وكانت مكتظة، وبدأت استمع الى احاديث الرعية!! قال أحدهم: يقال إن هنالك وزيرا يجوب المدينة متخفيا ومتفقدا لأحوال الناس.. فقال سائق الحافلة: بركاونا من البوليتيك، خلونا نسمعوا لراديو تاع الفروطوار. وتعالت الصيحات وزير وقال الأول: لعله اشتاق إلى عيشته الأولى، وقال الثاني: وقيله مازالك تامن بالغوله ههههه، وقال آخر: وقيله رايح يركب امعانا البيس ه، أما الثالث فقال: حارمة اعليا مرتي بالثلاث ماعلابالهم بجدنا لا هوما ولا المسؤولين الي تحتهم. فقلت لهم بنبرة مستهزء: لعل الوزير أراد أن يعيش مشاكل الناس؟ فرد شيخ كبير السن تظهر عليه بوادر الحكمه وأجابني بطريقة عثمان عريوات.. والله؟ اسمعني مليح ااا سي… ذلك الوزير لم يأت من السماء، ولم يخرج من تحت الأرض، بل تربى بيننا، واشتد عوده في مجتمعنا، وقبل استوزاره كان يعلم بحالنا ويعرف مشاكلنا وعاشها معنا وعانى منها، إلا أنه يتناساها أو بالاحرى نسيها وذهب يدشن، ويحضر الحفلات، ويقيم المهرجانات والتشريفات، ويحضر الندوات ويسافر بين الدول والدويلات، ويركب السيارات، ويسكن الفيلات… فلا هو غير الوضع، ولا هو ألزم المسؤولين الذين تحت إمرته بتغيير الوضع البائس الذي نعيشه، ونحن كما تركنا سيجدنا إن نزل إلينا… اوصدقت الاشاعة. تأثرت بكلام ذلك الشيخ، تنهدت طويلا وقلت آاااااه…. لو كنت وزيرا.