طمأن وزير الخارجية الأسبق الأخضر الإبراهيمي، الجزائريين، معتبرا أن الجزائر محصنة ولا خوف عليها، رغم تواصل آثار وارتدادات الثورات العربية، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من التجربة الجزائرية فيما يخص المصالحة الوطنية التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة التي كانت ناجحة في إخماد نار الفتنة، معرجا على العديد من الملفات التي تلهب الساحة العربية، بدءا بالشأن السوري ووصولا الى الوضع في اليمن وليبيا. قال الأخضر الإبراهيمي، أمس، خلال تنشيطه لمحاضرة تحت عنوان "الربيع العربي.. حقيقة، سراب أم مؤامرة"، إنه لا خوف على الجزائر ولا على مستقبلها في ظل سياسة راشدة وحكيمة تسيرها: "الجزائر محصنة، صحيح توجد محاولات وأطماع ومشاكل بيننا وبين غيرنا، ويحاول البعض خلق نوع من المشاكل للجزائر، لكني شخصيا لا أخاف على الجزائر". الإبراهيمي أوضح أن ما يسمى ثورات عربية سؤال مركب يطرح ما ان كان ثورة أم مجرد سراب أم هو مؤامرة مدبرة مسبقا: "اذا كان هذا الربيع ثورة فهو ثورات، واذا كان سرابا فإنه مختلف لونه في كل بلدان الربيع العربي، وإذا كان مؤامرة فهو مؤامرات عدة أحيكت لكل بلد على حدة"، معتبرا أن أوجد التشابه موجودة وهي كثيرة، غير أن الوضع في هذه البلدان يقول يختلف من بلد لآخر، وكل بلد تتلون فيه الأحداث بخصوصيات تاريخية، سياسية ثقافية واجتماعية.
* شرارة الربيع العربي في تونس لم تأت من العدم وعاد الدبلوماسي المخضرم إلى أحداث سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010 ليعتبر أن هذا الحدث الأليم وما تبعه من تطورات في تونس، مصر، ليبيا، سوريا وغيرها لم تأت من العدم، ولكن سببها أحداث أخرى ساعدت على حدوثها وتطوراتها، على شاكلة: "التدخل الروسي العسكري في أفغانستان والمقاومة الشرسة من قبل المجاهدين الأفغان، ثم هبت أمريكا والسعودية لمناصرة الأفغان، كل هذا له اثر على ما يجري من حولنا، ضف الى ذلك الثورة التي قام بها الخميلي في ايران التي بدت انها ثورة مسلمة لتتبين مع الوقت أنها ثورة شيعية سنية سرعان ما اخذت شكل مواجهة واصطدام بين الشيعة والسنة"، مشددا أن هذه الحرب ساهمت في توغل الحركة الإسلامية في إيران على التوجهات العلمانية لينتصر التوجه الأول. الإبراهيمي ربط كذلك بين الثورات العربية والعدوان الأمريكي على العراق الذي مكن من استقلال كردستان، مؤكدا أن احتلال العراق أدى إلى تسليم ما تبقى من العراق بشكل كامل إلى النفوذ الإيراني، وذلك عن طريق تسليم أمريكا الحكم للميليشيات الأكثر ارتباطا بطهران، التي تتحكم حاليا بشكل يمكن القول انه مباشر على العراق، وتمارس نفوذها في سوريا واليمن وتتدخل في منطقة الخليج كالبحرين والمنطقة الشرقية من السعودية، ليشدد أن هذه الحقائق التي عرفتها المنطقة في الحقب الأخيرة لها اثر بالغ فيما يسمى بالربيع العربي وتطوراته. وسيط النزاع الدولي، عرج على ما سماه التقييم الخاطئ الذي كاد أن يكون عاما في دول الغرب والمنطقة (ردة فعل الاولى)، موضحة ان اجماعا تشكل في الغرب والاخوان المسلمين في مصر بأن هذه الثورات لن تتمكن من اسقاط الحكم، وأنها هبة ونار ستخمد بعد مدة، مؤكد: "لما بدأت الحرب في سوريا سارع الغرب للقول ان حكم بشار الأسد سيسقط، وكانت روسيا وحدها التي قالت إن وضع سوريا يختلف عن تونس ومصر، وأن نظام الأسد لن يسقط، مؤسف جدا أن الدول الغربية قيمت الموقف الروسي بأنه انحياز للنظام السوري وليس تحليلا موضوعيا"، وأوضح ان ما يجري في سوريا واضح للعيان، من تهديم وتشريد اكثر من 11 مليون سوري، بل ان سوريا يقول مهددة بالتقسيم الى دويلات صغيرة، مشددا ان سوريا مهددة بالصوملة.
* التدخل العسكري الذي قاده ساركوزي جاء مدمرا لليبيا في الشأن الليبي، اعتبر الأخضر الإبراهيمي أن التدخل العسكري الغربي الذي قاده الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالتعاون مع صديقه الحميم بيرنارد ليفي جاء ظالما للشعب الليبي، ووقف في وجه المحاولات الإفريقية الساعية للمساعدة والوصول الى حل سلمي، متحدثا عن اسئلة كثيرة تطرح عن النوايا الحقيقية لفرنسا ومغزاها من التوجه للتدخل العسكري في ظل التصريح الاخير للرئيس الامريكي باراك أوباما الذي اعترف ان هذه الخطوة كانت اكبر غلطات ادارته. وعن اليمن، اوضح الدبلوماسي المحنك أن الوضع القبلي باليمن يشبه الوضع القبلي في افغانستان، معتبرا أن احداث السنوات الخمس التي مرت على الدول العربية مهمة جدا فيها لمسات الثورة، لكن تحوي ايضا في بعض من وجوهها الأوهام السرابية والتدخل الأجنبي السافر في هذه الأحداث، معتبرا أن ما حدث سيتواصل ويؤثر لا محالة على دول الجوار. بالمقابل، صنف الاخضر الابراهيمي ما يعرف ب"داعش" وجبهة النصرة على أنهما منظمتان إرهابيتان، تعود جذورها للقاعدة، هدفها الأساسي استغلال الفراغ الموجود في سورياوالعراق، وعن الحديث عن مؤامرة وسايسبيكو جديد قال المتحدث:" لا اعتقد ان التقارب الروسي الأمريكي سيخلق سايسبيكو جديد". وعن الجامعة العربية، عاد الابراهيمي الى جذور نشأتها، معتبرا أنها نشأت قبل الأممالمتحدة، إلا أنها لم تستطع تحقيق أهدافها "في البداية لمسنا بوادر قوة، لكن سرعان ما تراجع، ايمان الدول العربية بالتعاون العربي يتلاشى، وهذا امر محزن جدا". نورالدين علواش