* روحاني في الجزائر بين التشكيك في المواقف والتأكيد على نية التحالف ستكون الزيارة المرتقبة لرئيس الايراني، حسن روحاني، المحطة الثالثة في تاريخ الزيارات الرسمية بين البلدين، بحيث كانت اخر زيارة رسمية في جانفي 2009 حيث التقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونظيره الايراني الاسبق أحمدي نجاد. ويصف البعض هذه الزيارة لرئيس الايراني انها تأتي في وقت تريد فيه الولاياتالمتحدةالامريكية كسب حلفاء جدد قي المنطقة وهذا ما تعول عليه ايران من ضمان لحلفائها التاريخيين القدماء. * من الموافقة تارة إلى القطيعة التامة تارة أخرى.. لقد شهدت العلاقات الجزائريةالايرانية، وعلى مدى عقد من الزمن، حالة ثبات، خاصة تلك الفترة التي شهدت حكم الرئيس الراحل هواري بومدين حيث كانت للجزائر علاقات وطيدة مع الجانب الايراني، وثقها التوقيع على الاتفاق الشهير بين إيرانوالعراق سنة 1975 والمشهور باتفاقية الجزائر، والذي وضع نهاية وحدا للخلاف الحدودي بين العراقوإيران، وذلك بين الرئيس العراقي الراحل انذاك "صدام حسين المجيد" وشاه ايران محمد رضا بهلوي. وقد تخللت العلاقات الدبلوماسية الجزائريةالايرانية وتلاقت لاحقا في بعض المراحل من العلاقات الدولية، وما كانت تواجه ايران من عقوبات وتحذيرات دولية وبعد قطعها لعلاقاتها مع الولاياتالمتحدةالامريكية سعت الدبلوماسية الجزائرية انذاك وبأدوات توافقية الى اللجوء الى الحلول لرجوع ايران كقطب سياسي في المنطقة، وهذا ما رسمته الزيارة الرسمية لرئيس الراحل الشاذلي بن جديد لإيران في عام 1982، والذي كانت بمثابة تحول هام في ميزان العلاقات بين البلدين، والذي جاء في سياق ما قامت به الجزائر من تمثيل ورعاية المصالح الإيرانية لهذا الشأن. هذا ويرى العديد من المراقبين ان ما شهدته الجزائر طيلة عشر سنوات او ما سمي بالعشرية السوداء بغض النظر عن الاسباب الداخلية التي كان البلد واقعا فيها، تجلت الاسباب الخارجية والتي كانت في ذروتها في تلك المدة الى العقلية التي جاءت بها الثروة الايرانية، والتي اعطتها طابعا معولما، الامر الذي جعل العلاقات الجزائريةالايرانية تتقدم في مرحلة من التحول الدبلوماسي، وتعطي نوعا من المؤشرات على شرخ بات اكيدا في العلاقات ووصولها بذلك الى مرحلة القطيعة. هذا وبقيت العلاقات على حالها، وزاد عداء الدول وتوجهات الرأي العام الدولي اتجاه ايران والتعبير على انها دولة الداعمة او الابن غير الشرعي للارهاب رغم ما شهدته ايران بعد ذلك من تغييرات جذرية داخلية، وبعد اعتلاء هاشمي رفسنجاني الحكم وفوزه على الجناح المتشدد بزعامة على أكبر محتشمي حيث تبلور الفكر الايراني بمنطلق جديد اراد من خلاله إعادة تقييم موقفه خاصة اتجاه الأوضاع في المغرب العربي، خاصة وتأييدها للحركات الأصولية المحلية، ما جعلها تسعى وبعد مدة من الفرقة والقطيعة إلى توسيع العلاقات الدبلوماسية العادية مع دول الشمال الافريقية وعلى رأسها الجزائر.
* تطلعات إلى الانفراج وتأملات في كسب المكانة… لقد كانت الزيارة الثانية لرئيس الإيراني الاسبق احمدي نجاد إلى الجزائر، والتي وصفت بالتاريخية، النقطة المفصلية في تاريخ العلاقات بين الدولتين، حيث شكلت منحى بارزا في النقلة النوعية للعلاقات الثنائية، وإعادة تلك الروح الغائبة منذ اتفاق 1975، وذلك بغية تسوية ما خلفته تلك القطيعة، والتي يذهب العديد من المحللين إلى ان ايران كانت سببا فيها لولا منهجها الذي حاولت تطبيقه على باقي بلدان المنطقة حيث شكلت مسألة اعادة المياه الى مجاريها بين البلدين امرا غير محتمل، وبعيدا كل البعد، وهذا راجع لتلك المؤشرات، لكن تلك الصفحة طويت بعد الزيارة المتبادلة والتي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أكتوبر 2003، والتي كانت في اطار الدبلوماسية الناعمة والتي عرفت انذاك بالزيارة التي جاءت لإعادة توجيه مجرى النهر الى النهج الصحيح في العلاقات، وإذابة الجليد وإنهاء ثماني سنوات من القطيعة والتوتر والمقاطعة. ومنذ ذلك الحين شهدت العلاقات الجزائريةالإيرانية نوعا من التوافق المبدئي القائم على الحذر في المواقف، وهذا ما شهده عام 2000 حيث تم تبادل السفراء. وفي سنة 2008 زار النائب الأول للرئيس الإيراني السيد برفيز داودي الجزائر حيث تم من خلال هذه الزيارة مناقشة عدد من القضايا تتعلق بالتبادل الاقتصادي والأمني، ثم بلغت هذه العلاقات ذروتها بعد زيارة الوزير الأول رئيس الحكومة أحمد أويحيى لإيران في نوفمبر 2010 وتم توقيع عدد من اتفاقيات شراكة في مختلف المجالات وأهمها المجال الاقتصادي كالصناعات الثقيلة والصناعات التحويلي وفي المجال الزراعي وفي مجال التعليم العالي، وخرج أويحيى بخارطة طريق تؤطر العمل بين البلدين. هذا ويضاف الى سجل المبادلات الاقتصادية التوقيع على مشروع توأمة ميناء "بجاية" وميناء "الخميني" الى جانب ما جاء بعده من اتفاقيات شملت عدة قطاعات كان اخرها التوقيع على خمس اتفاقيات تعاون اقتصادية. ويبدو ان اكبر لغم صعب على الدبلوماسية الجزائرية نزعه بعد جهد دام لمدة سبع ساعات كان كفيلا بتغيير قرار فيما يخص خفض انتاج النفط وتنازلها عن حصتها في ما عرف باتفاق الجزائر لمنظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط "أوبك" ويرى البعض ان سبب ذلك يعود للمكانة التي توليها ايران للجزائر في المنطقة وكذا ما عملت عليه الدبلوماسية طوال الفترة السابقة.
* الحلم الإيراني بين التطرف المذهبي وإسقاطات علي خامنئي.. الملاحظ للسياسة الخارجية الايرانية يرى ان النظام الايراني حلما وواقعا يريد تجسيده منذ قيام ثورته رغم ما شهده هيكله السياسي من تغيير، لكن الافكار بقيت ما بقيت المصلحة الايرانية قائمة، بحيث تسعى ايران وبجهد حثيث لتجذير نفوذها داخل كل بلد ترى فيه انه يخدم مصالحها، ولو قلنا انه يتعدى ذلك حدودها الجغرافية ونطاقها الاقليمي، وهذا ما شهدته العلاقات الجزائريةالايرانية طيلة عقود من العلاقات الدبلوماسية، الامر الذي جعل من المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، والذي اراد خلق ارضية مشتركة تضم الجزائر، والذي قال عنها بأن لها نظرة مشتركة مع ما تراه ايران في حربها بما اسمته التطرف الديني والذي من شأنه ان تشكل جبهة تولد علاقة روحية بين البلدين.