محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أصول الإسلام    فتاوى : الواجب في تعلم القرآن وتعليم تجويده    إنه العلي ..عالم الغيب والشهادة    الدولة تقدم تسهيلات لاقتناء حافلات جديدة للنقل    انطلاق فعاليات الطبعة ال33 لمعرض الإنتاج الجزائري بالجزائر العاصمة    الاحتلال ارتكب 813 خرقا لسريان اتفاق وقف النار : قصف إسرائيلي متفرق وتوغل محدود شرق دير البلح    اليوم العالمي لمناهضة الاحتلال:دعوة بباريس لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير    فنزويلا ترفض تهديدات ترامب وتؤكد سيادتها على ثرواتها    تعزيز التعاون الجزائري–الإيطالي في مجال التكوين العملياتي للحماية المدنية    سعيود يؤكد إلزامية صيانة الطرق وتحميل المسؤوليات للحد من حوادث المرور    تشكيل برلمان الطفل الجزائري لأول مرة بالمجلس الشعبي الوطني    والي الجزائر يتفقد مشاريع توسعة شبكة الطرق ضمن المخطط الأصفر    لقاء وطني لتعزيز الصناعات الإبداعية الرقمية وتأهيل كفاءات الشباب    انطلاق الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الدولي لموسيقى الجنوب بتمنراست    تفكيك 32 شبكة إجرامية في النصب الإلكتروني وتوقيف 197 متورطًا    أطباء علم السموم يحذّرون من استهلاك الفطريات البرية    قيادة الجيش مهتمة بالمنظومة الصحية    زيادة معاشات ومنح التقاعد.. خطوة إضافية هامة    قرار أممي لفائدة فلسطين    شبكات إجرامية تستهدف الأطفال    واقعية ترامب    لاناب توقّع اتّفاقية شراكة    الخضر يشرعون في التحضيرات    من يحرس مرمى الخضر ؟    كوريا: الجزائر شريك استراتيجي    لا تساقط ولا تقادم للجرائم الماسة بكرامة الشعوب    الجامعات الحدودية نموذج للتكامل ومحرك للتنمية    قفزة نوعية في إنتاج الأسماك ببومرداس    شروط جديدة للاستفادة من حقّ الصرف للسفر    الجزائر قطب طاقوي مهم في إفريقيا    البرهان يبدي استعداده للتعاون مع الرئيس الأمريكي    160 مليار لرد الاعتبار لعاصمة "روسيكادا"    تعزيز دور البحث العلمي والابتكار كقاطرة للتنمية    كأس إفريقيا فرصة إيلان قبال للانتقال إلى نادٍ كبير    بودربلة في مهمة تعبيد الطريق نحو أولمبياد ميلانو    منصة لاكتشاف تجارب سينمائية شابة    "رُقْية" يدخل قاعات السينما ابتداء من 22 ديسمبر    فرصة لتبادل الخبرات وتشجيع العمل الإبداعي    العناصر الوطنية في تربص إعدادي ببجاية    قافلة متخصصة للكشف المبكر عن سرطان الثدي    نُجري أبحاثا متقدمة لعلاج أمراض السرطان    اتفاقية شراكة بين قناة "AL24News" واتحاد إذاعات الدول العربية لتعزيز التعاون الإعلامي    الجزائر تفوز بمنصب مدير المركز العربي لتبادل الأخبار والبرامج لاتحاد إذاعات الدول العربية    ضرورة تعزيز حضور خطاب ديني وطني معتدل و ملتزم    نحو رفع سرعة الأنترنت بالجزائر    اتحاد العاصمة يتأهّل    بوغالي يترأس دورة القاهرة    التلفزيون الجزائري سينقل 17 مبارة لنهائيات للكان    وزيرا السكن والمالية يوقعان القرار الخاص بالسعر النهائي    هل هناك جريدة كبيرة عندنا..؟!    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    اللعبان بركان وبولبينة ضمن قائمة"الخضر"في ال"كان"    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكوّن الديني.. مقص لتفصيل الخرائط الجغرافية
نشر في الحوار يوم 02 - 05 - 2018

حين قال وزير الداخلية الألماني "هورست زيهوفر" إن الاسلام ليس جزءا من الألمانية، متبنيا الطابع المسيحي ل"دويتشلاند"، طغت العديد من الأسئلة، وقتها، كان أبرزها "كيف لوزير دولة ديمقراطية علمانية يتبنى البعد الديني المسيحي في خيارات الهوياتية للفيدرالية".
في الاتجاه نفسه، سار الرئيس الجمهورية الفرنسية الأسبق "جيسكار ديستان"، حين حاول إدراج المسيحية كديانة رسمية ضمن ميثاق الاتحاد الأوروبي، غير أنه لم يوفق في مسعاه.
ويعكس تصور "ديستان" موقف المدرسة السياسية اليمينية، المنتمي إليها، فهذه المدرسة لطالما اشتغلت على تأصيل الهوية الأوروبية الوطنية والقومية في مواجهة صعود الهويات المتعددة التي تهدد تماسك المجتمع الأوربي المسيحي.
وشهدت فترة ترؤسه للجمهورية صعود الجيل الثاني من المهاجرين المغاربة، لاسيما ما يعرف بحركة "بور" (مصطلح يطلق على المهاجرين المولودين في فرنسا من عائلات شمال إفريقيا).
وشكل هذا الصعود إعادة طرح الوجود الإسلامي في فرنسا كعنصر انتماء ثقافي وفكري واجتماعي وبات مطلب الهوية يفرض نفسه على أرض الواقع، بعدما كانت هذه الفئة من المهاجرين تنادي بالمطالب الاجتماعية والإنسانية.
على ضوء ما سبق، يبدو لي أن صعود تيار التطرف الديني في أوروبا يوحي أن إشكاليات عودة الدين كمعطى هوياتي وليس ديني هو جزء من محاولة فك الارتباط الثقافي بين الوطن والوطن الأم أو محاولة التخلص من السيطرة الثقافية الغربية المشكلة من الثنائية (الانتماء المسيحي الكاثوليكي أو اللائكي اللاديني).
وانعكست هذه القطيعة على ظاهرة التدين في وسط المهاجرين، عبر التحاق جزء من أبنائهم والمتحولين دينيا للإسلام بالجماعات الجهادية، بعد تحقيق مطلب المواطنة والتجنيس.
كما أصبح الفرد المسلم في الغرب يطالب بالبحث عن أنموذج الرجل المؤمن في الفضاء الأوروبي من خلال البحث عن دار الإسلام كفكرة متخيلة تستقطب عقول هؤلاء الشباب، ليستقر بهم المطاف عند حدود "طوباوية" خلافة الدولة، التي صارت الملجأ لتجسيد الحلم المفقود في الفضاء الغربي.
هذه القفزة المطلبية التي عرفتها طبقة المهاجرين بعد انشغالها بالمسائل الاندماجية والترقية الاجتماعية والعدالة، دفعتهم إلى البحث عن الفضاء "الوجودي-المتخيل"، عبر التدين بشكله الاستفزازي والعنيف، الذي عادة ما يصطدم مع الآخر المغاير والأسس البنيوية الأوربية.
في تلك الأثناء، كان صعود اليمين المتطرف سببا ونتيجة تعدد الهويات غير المتوافقة مع تاريخيانية أوروبا، فعودة هذا التيار واستقوائه، يعكس جملة من التصورات تجاه المكون الآخر كعنصر "المؤمن-المسلم"، الذي يحاول فرض وجوده وذاته.
وبالتالي، بات يشكل المكون الديني المسيحي فاصلا بينهما لتحديد الفروق، بدل التجنيس، مما أنتج عودة المجتمع الكاثوليكي وانتشاره في كل الأوساط حتى اليسارية المتطرفة منها، على حساب تراجع التيارات العلمانية والشيوعية ورجوع الخطاب الكنائسي واقتحامه المجال السياسي والثقافي.
وما نعيشه اليوم من إشكالية عودة الدين كقيمة رد فعلية تجاه الآخر، تصنعها التخوفات من رفض التعايش أو التنصل من الهيمنة أو البحث عن الأنا في الفضاء الصراعاتي، مما يبرر العنف كمحاولة للحماية من السيطرة ويشرعن للقوة في محاربة الإرهاب ونشر العولمة ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.
قياسا على ذلك، فُسر تولي "دونالد ترامب" سدة الحكم في أمريكا بعودة التيار المحافظين الجدد، ممن عارضوا التوجه الاحتوائي والتصالحي ل"بارك أومابا" تجاه حركات الإسلام السياسي وإيران وقضايا الشرق الأوسط.
ومعروف عن المحافظين خطابهم المتشدد ومواقفهم العدائية تجاه إيران وحركة الإخوان المسلمين ودعمهم التواجد الإسرائيلي الجغرافي على حساب الفلسطينيين واستخدامهم القوة العسكرية والمصادمة مع الشرق المتوحش.
وعند إسقاط ذلك على العالم العربي، يتبين جليا عودة الديني في استخدامه في الحقل الجيوسياسي والجيوإقليمي، ذلك أن عودة إيران إلى الساحة العربية والتوسع في المربع السوري واليمني واللبناني والبحريني تحت ذرائع مختلفة ومتباينة.
يقابل ذلك، حملة سعودية وتركية في توظيف السنة في صراعاتها الجيوسياسية والتموقعات الإقليمية، حتى صارت دول، بينها الجزائر ومصر، تستخدمان في أدبياتهما ديبلوماسية على أنهما تنتميان إلى المحور السني، بعدما كانتا من دول المحور القومي التحرري.
وتبرز أشكال أخرى في عودة الديني في النزاعات والصراعات الشرق الأوسطية، منها التدخل الروسي في سوريا الذي يتم عبر الدعم السياسي والديني للكنسية الأرثوذكسية الروسية لصالح الأقلية الأرثوذكسية في منطقة الشام.
ومازال المخيال الديني عند المسيحيين ممن يعتقدون بعودة المسيح ولدى المسلمين ممن ينتظرون المهدي، وكلاهما يجتمعان حول فكرة خلاص المجتمعات من الرذيلة والظلم وعودة الفضيلة والعدل والسيطرة الدينية.
والملاحظ أن العولمة أصبحت تشكل عنفا على ثقافة الفرد وخصوصية الوطن القطري وأضحى مفهوم التعولم مرادفا للاستعمار الجديد، الذي يبرر استخدام العنف الدولي وشرعنة القوة العسكرية في تفكيك الأوطان والسيطرة عليها.
وفي ظل عجز الدولة القطرية الدفاع عن نفسها، تشكلت جماعات تحت تغطيات دينية تحاول الدفاع عن نفسها ومقاومة أشكال الخضوع للهيمنة العالمية.
وفي تقديري، أنه يتعين على الغرب والمجتمع الإسلامي إعادة صياغة مفهوم التسامح الذي يهدف إلى حل النزاعات المنتجة والمصنعة من قبل المجتمعات داخل الكيان الواحد أو المتعدد من أجل خلق نموذج للعيش المشترك.
وتهدف هذه العملية، وفق تصوري، إلى تحقيق الحد الأدنى من التعايش عبر الاعتراف بالآخر من أجل حقه في أداء طقوسه الدينية وتوفير الأمن والتنمية وحياة طبيعية أفضل.
بقلم: عمر لشموت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.