الخضر يُحقّقون بداية مثالية    الأفافاس تتذكّر آيت أحمد    بوعمامة في جامع الجزائر    معنى اسم الله "الفتاح"    زغيدي يعتبر تجريم الاستعمار الفرنسي لحظة تاريخية ورسالة قوية من أبناء نوفمبر    وزيرة الثقافة تطلق ورشة إصلاح شاملة لتعزيز الفعل المسرحي في الجزائر    وزيرة الثقافة تكرم الفائزين في الطبعة الثالثة لجائزة "أشبال الثقافة"    وزير العدل: القانون الأساسي للقضاء لبنة جديدة لإرساء عدالة قوية ومستقلة    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    انطلاق فعاليات الطبعة ال17 للمهرجان الثقافي الوطني للأهليل بتيميمون    ضبط أزيد من قنطار من الكيف    والي البليدة يتفقد مشاريع هامّة ببلدية مفتاح    جامعيون يقتحمون مجال الحرف    الإعلام شريك أساسي في مرافقة السياسة الوطنية    وزير الصناعة يلتقي سفير قطر    مجلس المنافسة عالج 14 قضية    حلب تشتعل مجدّداً    تثمين دور الجزائر في مجال الحماية الاجتماعية    الخضر يستهدفون دخول كأس إفريقيا بقوة    محرز الأعلى أجراً    تمديد آجال الترشح لجائزة الرئيس    انهيار جزء من مسجد سيدي محمد الشريف بالقصبة    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 22 فلسطينيا    "دليل على أن صوت الطفل رقم أساسي في معادلة البناء الوطني"    الوزير الأول، غريب، يترأس، اجتماعا للحكومة    وفد وزاري هام بولاية بشار تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية    الذهب يرتفع إلى مستوى قياسي    غلق العديد من الطرقات بوسط البلاد    إطلاق منصة الإلكترونية "مرافقة" توفر خدمات شاملة    أم البواقي : شخص يلفظ أنفاسه بمستشفى عين مليلة    إطلاق بوابة رقمية لإدارة مختلف التظاهرات والفعاليات الشبابية    التحوّل الرقمي يؤكّد الرؤية الصائبة للجزائر الجديدة    التنظيم الإقليمي الجديد.. الوجه الآخر لتقريب الإدارة من المواطن    تفكيك شبكة إجرامية وحجز نصف مليون قرص مهلوس    إنشاء نظام رقمي وطني فعّال وآمن ومتماسك    خدمات ومنتجات جديدة للجالية الجزائرية بالخارج    "الخضر" للدخول بقوة وطرد النحس    "جيبلي" ينتج 4 ملايين لتر من الحليب المبستر يوميا    اليمن: الاتفاق على تبادل نحو 3 آلاف أسير بينهم سعوديون وسودانيون    بتحريف مضمون قرار مجلس الأمن 2797..الاحتلال المغربي يحاول تضليل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    حماس تعتبر تصريحات كاتس "خرق كبير" لاتفاق وقف إطلاق النار..قصف جوي ومدفعي على أنحاء متفرقة من قطاع غزة    صحيح البخاري بجامع الجزائر    مئات الصهاينة يستبيحون الأقصى    حروب إسرائيل غير المنتهية    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الرئيس تبون قدّم لي توجيهات سامية لترقية الأمازيغية بكل متغيراتها    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    الجزائر مستعدة لتصدير منتجاتها الصيدلانية لكازاخستان    الرائد في مهمة التدارك    بلايلي يتمنى تتويج الجزائر بكأس إفريقيا 2025    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    عهدة الجزائر بمجلس الأمن.. أداء ومكاسب ترفع الرأس    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أين وصلت نظرية الثقافة عند مالك بن نبي؟
نشر في الحوار يوم 15 - 05 - 2018

يرى الأستاذ والمفكر، زكي الميلاد، أن كتابه (المسألة الثقافية.. من أجل بناء نظرية في الثقافة)، الصادر في طبعته الأولى سنة 2005م، جاء متمما لكتاب (مشكلة الثقافة) لمالك بن نبي، الصادر في طبعته العربية، في القاهرة، سنة 1959م. بهذا القول يفتح الميلاد، هامش العلاقة والمقاربة بين الكتابين. وتتأكد هذه المقاربة وتتجسد كون أن الأستاذ الميلاد قد خصص فصلا موسعا في كتابه المذكور، تناول فيه نظرية مالك بن نبي في مشكلة الثقافة، وختمه بالتساؤل: إلى أين وصلت نظرية الثقافة عند ابن نبي ؟!.
وفي نظر الميلاد أن نظرية الثقافة عند ابن نبي تعد واحدة من أشهر النظريات الثقافية التي ظهرت في المجال العربي المعاصر، وأكثرها خبرة ونضجا وتماسكا، واكتسبت تميزا خصوصا مع غياب هذا النمط من النظريات إبداعا واكتشافا على مستوى الدراسات الثقافية في العالم العربي.
ومع ذلك بقيت هذه النظرية بعد غياب ابن نبي على حالها، ولم تشهد تطورا وتقدما وتراكما وتجددا مهما، لا من الناحية المعرفية والمنهجية، ولا من الناحية التحليلية والنقدية، وانتهت إلى وضع جامد، وما زالت على هذا الحال من دون تحريك أو تجديد، والذي كرّس هذا الوضع الجامد طريقة التعاطي مع هذه النظرية، التعاطي الذي لم يكن فعالا من الناحية النقدية، أو معرفيا من الناحية التحليلية.
وفي المجال العربي، يمكن تحديد ثلاثة اتجاهات في التعاطي مع نظرية الثقافة عند ابن نبي، وهذه الاتجاهات هي:
الاتجاه الأول : وهو الاتجاه الذي يتوافق مع النظرية ويتناغم معها ويدافع عنها وينبهر بها أحيانا، وهذا هو الاتجاه الغالب في الدراسات والكتابات التي أنجزت حول أفكار ابن نبي ومنظومته الثقافية، وينطلق أصحاب هذا الاتجاه من أهمية وقيمة وفاعلية الأفكار والمفاهيم والتصورات التي توصل إليها ابن نبي في مجالات الثقافة والحضارة والاجتماع، وضرورة التعريف بهذه الأفكار والتواصل معها.
وإلى بداية تسعينات القرن العشرين، كان في تقدير البعض أن فكر ابن نبي يتعرض لنوع من الإهمال أو الإقصاء أو التعتيم، وهذا ما عبّّر عنه بعض الكّتاب، وكان دافعا لهم في إنجاز كتابات ودراسات حول فكره وسيرته.
الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الذي يتعارض مع نظرية ابن نبي وعموم منظومته الثقافية، وقد حاول أصحاب هذا الاتجاه الكشف عن بعض الأخطاء والعيوب الفكرية والثقافية في مؤلفات ابن نبي، ولفت الأنظار إليها لعله بقصد الحد من توسع وامتداد أفكاره من جهة، والحد من جاذبية ولمعان هذه الأفكار من جهة أخرى.
وهذه الأخطاء والعيوب المقصودة هي أفكار ومفاهيم كانت تفسر بطرق ملتبسة عند هؤلاء، ومن هذه المفاهيم التي تركز عليها النظر في مفهوم القابلية للاستعمار، الذي فسره البعض على أنه يتضمن تبريرا للاستعمار أو يدعو لمهادنته، في حين أن ابن نبي يفسر هذا المفهوم على خلفية أن الاستعمار هو نتيجة وليس سببا، والمشكلة عندنا هي في الذات وليس في الاستعمار نفسه، وحسب القول الذي نقله (أخرجوا الاستعمار من نفوسكم يخرج من أرضكم).
وهكذا النظر لمفهوم التراب الذي اعتبره ابن نبي أحد عناصر مركب الحضارة إلى جانب عنصري الإنسان والوقت، فقد فسره البعض على خلفية أن ابن نبي يبالغ في أهمية الجانب المادي في بناء الحضارة، وهكذا النظر أيضا لمبدأ الذوق الجمالي الذي عدّه ابن نبي من عناصر مركب الثقافة، وفسّره البعض على أنه من ملامح تأثر ابن نبي بالفكر الغربي الذي يبالغ في تقديس مفهوم الجمال.
والملاحظ على أصحاب هذا الاتجاه أنهم لم يقدّموا نقدا معرفيا لنظرية الثقافة عند ابن نبي ولمنظومته الثقافية بصورة عامة، ولم يساهموا في تطوير أو تحريك التعامل النقدي والنظر التحليلي، أو حتى القراءة العلمية والمعرفية لأفكار ونظريات ابن نبي.
الاتجاه الثالث : وهو الاتجاه الذي يتجاهل نظرية ابن نبي ومنظومته الثقافية ،ولا يحاول الاقتراب منها أو الاحتكاك بها بأية صورة كانت بما في ذلك الصورة النقدية، لهذا ظلت نظرية الثقافة عند ابن نبي جامدة ومازالت على هذا الوضع دون الإضافة عليها أو الانطلاق منها نحو بناء أفكار جديدة أو إبداع ماهو أرقى منها أو حتى العمل على تكميلها وتكاملها، والذين ورثوا أفكار ابن نبي ونظرياته ظلوا يمجدونه ويعرفون به ويدافعون عنه أمام خصومه ومنتقديه، ولكن لم يظهر من هؤلاء من يضيف إلى أفكاره ونظرياته أو يجدد فيها أو يبدع من خلالها أو يكملها أو غير ذلك.
ومن جانب آخر، مازال العالم العربي وفي نطاق الفكر الإسلامي بوجه خاص يفتقد إلى نظريات في الثقافة يمكن لها أن تنازع أو تزاحم أو تحل مكان نظرية ابن نبي في الثقافة، ومن بعد ابن نبي لم تظهر نظرية في الثقافة تنتمي إلى المنظومة الإسلامية، الأمر الذي يكشف عن ضعف شديد ينبغي العمل على تداركه والتغلب عليه من خلال مضاعفة الاهتمام بحقل الدراسات الثقافية وبحقل العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وما ينبغي أن يُعرف –حسب قول الميلاد– أنه من خلال هذه القراءة والتحليل لم يكن بصدد التقليل من أهمية وقيمة نظرية الثقافة عند ابن نبي، وإنما كان بصدد السعي نحو ألا تصل هذه النظرية إلى حالة من الجمود والتوقف، أو نصل نحن إلى حالة التوقف عن الإبداع والتجديد، الأمر الذي يتطلب تغيير طريقة التعاطي ومنطق التعامل مع نظرية ابن نبي ومنظومته الثقافية بشكل عام من أجل قراءة معرفية جديدة، وبهذا يكون الميلاد قد فتح أمامنا أفقا في طريقة التعاطي مع فكرة الثقافة من جهة، وفي طريقة التعاطي مع فكرة الثقافة عند ابن نبي من جهة ثانية، كما أنه فتح هامش المقاربة بين كتابه (المسألة الثقافية…) وكتاب ابن نبي (مشكلة الثقافة).
بقلم الباحثة : سمية غريب من الأغواط – الجزائر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.