يختتم العروسان مراسيم زواجهما برحلة يعتبرها البعض فرصة للهروب من زحمة العرس، ويعتبرها الآخرون هما إضافيا، مجبرين على الوفاء به وبين روعة شهر العسل وتكاليفه الباهظة، يضيع عرسان اليوم في رسم معالم حياتهم المستقبلية. يمتد الفرح ويتواصل بعد العرس ليقترن بأجواء شهر العسل التي يمني جميع العرسان أنفسهم بأن يكون أجمل شهر في حياتهما، ولو سافر ألف مرة بعد ذلك فلن تكون أكيد أكبر وأجمل من هذه الرحلة، وتختلف مدة وطرق قضاء شهر العسل من شخص لآخر. حسب إمكانياته حتى وإن كانت رحلة مكلفة، إلا أنها استطاعت أن تحجز لها مكانا في أجندة العرسان، كما حجزته من قبل في عقولهم ولمدة طويلة، فالعرس لا يكتمل إلا بشهر العسل، ولا يجوز تجاوزه إلا أن تكاليفه الباهظة صرفت أنظار بعض العرسان عن شهر العسل وقلصت في أحيان كثيرة من مدته أو تكلفته وأصبح التفكير في مصاريف العرس يرعب الكثير من العائلات، إلا أنه ورغم كل ذلك مازال لشهر العسل بريقه الذي لم تستطع أعباء الحياة إخفاءه. ويفضل أغلب العرسان قضاء شهر العسل في المدن الساحلية داخل الجزائر مثل عنابة، سكيكدة ووهران التي تأخذ حصة الأسد في استقطاب العرسان الجدد، أما خارج الجزائر فتبقى تونس الوجهة المفضلة لعرسان الجزائر، حتى وإن كان شهر العسل ثقافة مستوردة، كما يقال عنه، إلا أنه استطاع أن يفرض نفسه وفي صور مختلفة مثل التقليد أو المفاخرة أو المتعة وغيرها من الصور الأخرى. عرسان بآخر سنتيم يضطر العرسان إلى السفر وقضاء شهر العسل وذلك تنفيذا لرغبة زوجاتهن فأول طلب في الحياة الزوجية مستحيل أن يرفض، لذلك تجد أغلبهم لا يعارضون الفكرة بل يجدونها فرصة للاستراحة من تعب العرس والإرهاق الذي تسببه التحضيرات الكثيفة، ويخصص العرسان لذلك ميزانية خاصة يخبئونها خصيصا لشهر العسل، خاصة أصحاب الدخل المتوسط، حيث تكون وجهتهم المميزة المدن الساحلية، لكن الملاحظ أن مدة شهر العسل تم تقليصها من طرف الكثيرين إلى أسبوع أو أسبوعين على أكثر تقدير، يقول سليم، أحد عرسان، هذا الصيف أود قضاء شهر العسل بكامله، لكن تكاليف العرس الباهظة أثقلت كاهلي، لذلك سأكتفي بأسبوع واحد على إحدى الشواطئ الشرقية للبلاد التي لم أحددها بعد، المهم بالنسبة لي هو تغيير الأجواء قليلا، فشهر العسل لا يجب أن يأخذ طابع القداسة، ويبقى لمن استطاع إليه سبيلا، ولا أظن أن الجميع قادر على تكاليفه. كما أؤكد أن شهر العسل أو أسبوع العسل الذي سأقضيه سيقض على آخر سنتيم في جيبي لذلك سأضطر للعودة إلى العمل حال عودتي من شهر العسل. حال سليم لا تختلف عن غيره من العرسان في الجزائر فأسبوع العسل هو الأقرب لفئات كثيرة وقضاء ليلة الدخلة داخل فندق من 5 نجوم يتطلب تخصيص ميزانية معينة، أما البقية فقد ألغوا فكرة شهر العسل، ولم تعد موجودة إلا في مخيلاتهم، نظرا لأسباب مادية سيئة، وكما يوجد هؤلاء، يوجد أيضا عرسان فوق العادة سمح لهم ثراؤهم بأن يقيموا أفراحا تتجاوز تكلفتها مئات الملايين ويختمونها بشهر عسل أسطوري تحتضنهم المنتجعات الراقية في إسبانيا أو موناكو وغيرهما من المناطق الجذابة في العالم. عرائس لا يقبلن عن شهر العسل بديلا تقبل أغلب العرائس على مضض فكرة تقليص شهر العسل، خاصة أمام ارتفاع أسعار الفنادق وغيرها من الأمور المكلفة الأخرى التي وجدها الأزواج حجة للإفلات من شهر العسل، الذي تحول في نظر الكثيرين إلى شبح يهدد جيوبهم، أما الفتيات فالكثيرات منهن لايرضين عن شهر العسل بديلا، ونادرا ما ترضيهن التعديلات التي يدخلها العرسان في آخر لحظة على شهر العسل. وعرائس هذه الصائفة أخذتهن فتنة الأفلام والمسلسلات التركية، وأصبحت أحسنهن من تظفر برحلة إلى تركيا، لايهم متى وكيف، المهم أن تسمع صديقاتها بأنها زارت بلاد الأناضول، أما الوجهة الثانية المحببة للفتيات فهي تونس، وتبقى تكلفة هذه الأخيرة أقل من تركيا بكل تأكيد، لكن جاذبية تركيا ورغبة الكثير من العرائس في قضاء شهر العسل فيها جعلها تحتل قائمة أفضل المناطق المرغوبة لقضاء شهر العسل، تقول إحداهن إن قضاء شهر العسل في تركيا أو غيرها رغبة مبالغ فيها، إلا أنها متاحة لمن يملك المال ولا يجب أن نترك أهواءنا تسيطر على عقولنا، فشهر العسل يمضي لكن أعباءه تبقى تثقل كاهل العرس لمدة طويلة، لكن بما أن شهر العسل حق مشروع وفرصة لن تتكرر ولها خصوصية معينة تجعلها بعيدة عن أي مساومات أو تأجيل يجب أن تتم وفق ميزانية العريس وقدرته، أو أن يشترك كلاهما في جعلها رحلة بعيدة، بعيدا عن هموم الديون أو غيرها من المشاكل الأخرى وأسبوع واحد في منطقة سياحية بالجزائر يفي بالغرض تماما. أما نصيرة فهي عروس وجدناها بقاعة الحلاقة، فقد أخبرتنا أنها اتفقت مع عرسيها على قضاء أسبوعين في مدينة عنابة، وتضيف أن ذلك يساعد زوجها كثيرا ولا يحمله أعباء إضافية، كما أنه فرصة للراحة بعد عناء طويل في تحضير العرس لا يهم بالنسبة لي أين أقضيها، المهم أن ارتاح وفقط، ويبقى شهر العسل فرصة لا تعوض للهروب من متاعب الأعراس الذي أصبح يثقل كاهل كل من يفكر فيه، والمهم ألا يتحول شهر العسل عن هدفه الأساسي، وأن يستمر وأن يكون بداية حسنة لرحلة العمر الطويلة.