السيد عرقاب يستقبل وفدا عن بنك الاستثمار والتنمية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا    إحباط عدة محاولات تهريب وترويج للمخدرات والمؤثرات العقلية مع حجز كميات هامة عبر مختلف الولايات    المعرض الافريقي للتجارة البينية بالجزائر: رزيق يستقبل نائبة رئيسة جمهورية ناميبيا    معرض التجارة البينية الإفريقية : سلطة ضبط السمعي-البصري تدعو إلى ضمان تغطية إعلامية استثنائية    ولاية الجزائر : منع سير كل المركبات ذات الوزن الثقيل لمدة يومين    معرض التجارة البينية الإفريقية 2025: الإذاعة الوطنية تسطر برنامجا ثريا لمواكبة الحدث    دعا إلى تطوير الحقول ورفع مستويات إنتاج النفط والغاز..عرقاب يجدد دعم الوزارة لتوسع أنشطة "هاليبرتون" بالجزائر    بلعريبي يعلن عن استلام 322 هيكلا تربويا جديدا عبر الوطن تحسبا للدخول المدرسي المقبل    معسكر.. إقبال كبير على معرض المستلزمات المدرسية    وزارة التضامن الوطني : منصة "حمايتي" للتكفل بانشغالات النساء ضحايا العنف    العاب القوى: مشاركة 61 رياضيا يمثلون تسع دول عربية في بطولة العالم لألعاب القوى 2025 بطوكيو    بداري يعاين أشغال التهيئة جامعة هواري بومدين    لتعزيز الكفاءات في مجال التكافؤ الحيوي والبحث السريري..توقيع مذكرة تفاهم بين صيدال وشركة AbbVie الأمريكية    جثمان الفقيد جعفر يفصح يوارى الثرى بالقبة بالجزائر العاصمة    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني: اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    23 شركة جزائرية في سلوفينيا ابتداء من 20 سبتمبر    الجزائر ملتزمة بقيَم الحكم الراشد    سنتصدّى لأي ممارسات غير قانونية    المملكة المغربية.. نموذج للدولة الإرهابية!    طاولات بيع الألعاب النارية تغزو الشوارع    حقوق الإنسان حسب الصياغة الجديدة للرئيس الأمريكي ترامب    الجوع يواصل قتل أبناء غزّة    حيداوي يترأس اجتماعاً تقييمياً    تأجيل انطلاق الموسم إلى 13 سبتمبر    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية الهندوراس    وزير الخارجية البريطاني يؤكد أن المجاعة التي يشهدها قطاع غزة هي "من صنع الإنسان"    تصفيات مونديال 2026: المنتخب الوطني يجري حصته التدريبية الأولى بسيدي موسى    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 63633 شهيدا    فلسطين : عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    حوادث المرور: وفاة 36 شخصا وإصابة 2252 آخرين خلال أسبوع    السلطات تعكف على ضمان دخول مدرسي في أحسن الظروف    تأكيد على إعطاء رقمنة الادارة المكانة التي تستحقها    ارتفع عدد الشهداء من الصحفيين إلى 247    30 سبتمبر آخر أجل لتسديد الاشتراكات السنوية    هذا جديد تنظيم الحج..    كرة القدم/مونديال 2026: المنتخب الوطني يشرع في التربص التحضيري بسيدي موسى    القمة العاصمية تنتهي دون فائز    الكشف عن هوية مدرب منتخب الرجال بعد أيام    الجزائر العاصمة تنظم 160 برنامج ثقافي وترفيهي    بسكرة.. الأمن الغذائي يبدأ من هنا    دور حيوي للجمعيات في الدّفاع عن الهُوية الوطنية    توثيق قانوني وشهادة دولية عن ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزّة    الإدارة تظفر بخدمات الحارس فراحي والمدافع حشود    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    فرنسية تعتنق الإسلام    تعزيز الهوية وحماية التراث مسؤولية جماعية    تتويج جلال قصابي بجائزة أحمد رحمون للديوان الشعري الأول    دعوة لإنشاء متحف عمومي يبرز كنوز عين صالح    شباب بلوزداد يحقّق بداية موفقة    بللو يؤكد على ضرورة الاسراع في تنصيب لجنة أخلاقيات الفنان    معسكر : انطلاق المهرجان الفني والثقافي الأول للطفل "صيفنا لمة وأمان"    هكذا كان يتحدّث بن بلّة عن بومدين..    إلزام المتعاملين بالتصريح اليومي للحصص المستوردة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    لا إله إلا الله كلمة جامعة لمعاني ما جاء به جميع الرسل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجامع الجديد.. تحفة معمارية نادرة من الطراز العثماني
نشر في الحوار يوم 19 - 09 - 2008

أول ما قامت به الدولة العثمانية مباشرة بعد تلبيتها لنداء الإغاثة الذي وجهه إليها حاكم الجزائر سليم تومي أنها لجأت إلى بناء المساجد لتعزيز مكانة الدين الإسلامي ونشر تعاليمه السمحة بين عموم المسلمين، ومن بين تلك المساجد الجامع الجديد أو ما يعرف بجامع الحواتين وهو من الشواهد الباقية على امتداد العمارة الإسلامية إلى الجزائر. من جامع الحواتين إلى الجامع الجديد
يقع جامع الجديد بالقصبة السفلى بساحة الشهداء بالجزائر العاصمة مطلا على البحر، حيث كان يعرف سابقا بجامع الحواتين نسبة إلى المكان المتواجد فيه المعروف ''بلابيشري ''حيث يصطاد ويباع السمك طازجا. وقد أثبتت الكتابة الراسخة على يسار المحراب تاريخ بناء هذا الصرح الديني الشامخ والذي يعود إلى سنة 1070هجري 1660 ميلادي هذا نصها: ''الحمد لله وحده ومن يريد الإطلاع عل من يرجع الفضل في بناء المعلم التاريخي سيعلم أنه سيعود إلى وكيل الحاج حبيب الذي بناه سنة 1070 هجرية الموافق ل 1660 ميلادية''، وكتب فوق إحدى أبواب المسجد ''وإنه بعون الله تبارك وتعالى تم في عهده الزاخر بناء هذا المسجد والله يسدد خطى جنودنا المنتصرين، ويجازي كل واحد منهم بألف جزاء''.
المسجد تحفة معمارية أصيلة
يتميز الجامع الكبير بهندسته المعمارية التركية ويعتبر أيضا دون منازع تحفة معمارية ذات شكل هندسي مميز يجسد بحق فن العمارة الإسلامية، وقد صممه مهندس فرنسي على طراز عثماني، لذا يتراءى للزائر جمال ورونق هذه البناية التي أضفت جمالا وسحرا وبهاء على مدينة الجزائر بني مزغنة، وتصميم هذا المسجد يسطر الصليب اللاتيني، مذكرا بذلك تصميم القديسة صوفي الكائن باسطنبول، والذي أصبح بعد ذلك النموذج الرسمي لبناء كل المساجد الأخرى في عهد الإمبراطورية التركية
ما إن تدخل قاعة الصلاة تبهرك الهندسة المعمارية الأنيقة التي زينت بها أركان المسجد، ويغمرك احساس غريب يشدك ويغوص بك في اعماق التاريخ.
إن أول ما يلفت انتباه الزائر لهذا المسجد احتواؤه لمنبرين أولهما منبر خشبي عتيق يتوسط قاعة الصلاة تقريبا وكان مخصصا للامام لإلقاء الدروس والخطب ومن خلاله يمكن الصعود إلى ''سدة '' وهي عبارة عن مرفإ مربعة الشكل محمولة على أربعة اعمدة كانت تستعمل للإلقاء الدروس وقراءة القرآن كما كانت مخصصة لاثرياء ونبلاء المدينة، أما المنبر الثاني فلا يقل أهمية عن الأول وهو في غاية الجمال والابداع وقد جيء به من ''مسجد سيدة'' الذي احرقته فرنسا الإستعمارية بعد عامين من غزوها أرض الجزائر وهو مصنوع من الرخام أتي به من تونس ومن إيطاليا. ويتكون المسجد من المحراب: يكسو محراب الجامع الجديد في قسمه السفلي من الفخار ومزين بالجبس وبه زخرفة دقيقة ونقوش جميلة محفورة على الحجارة. للجامع الجديد ايضا أربع '' سدات'' منفصلة منصوبة في الطابق العلوي إحداها مخصصة للنساء، كما يوجد بأعلى المسجد ممر خشبي ''دربوز من الخشب'' يحيط بالمسجد ويستعمل لطلاء جدران المسجد وتنظيف سقفه وهو قديم قدم المسجد، ويتميز الجامع الجديد بوفرة النقوش والفسيفساء ويضم مجموعة من التحف النادرة منها أربعة كراسي من الخشب يتربع عليها مشايخ العلماء أثناء حلقات العلم وشمعدان مصنوع من النحاس الخالص وهو هبة للمسجد من طرف علي الخزناجي وهو ما أثبتته الكتابة المنقوشة عليه المؤرخة سنة 1141 للهجرة. وتعلو جدران المسجد نوافذ صغيرة مصنوعة من الرخام الأبيض تستعمل لاضاءة المكان إضافة إلى اطارات الابواب كلها من رخام ابيض مصنوع في ايطاليا. كما يتوفر المسجد على ستة أبواب أما الباب الأول فيمثل الباب الرئيسي للمسجد مفتوح على ساحة الشهداء ومن خلاله يدخل جموع المصلين لتأدية الصلوات، أما الباب الثاني فيوجد إلى يسار الباب الرئيسي ويمثل مدخل مصلى النساء، بينما يوجد باب إلى يمين الباب الرئيسي مدخل المدرسة القرآنية التابعة للمسجد كانت من قبل غرفة يجلس فيها قاضي الجزائر للنظر في شؤون الرعية وباب رابع يجاور مدخل النساء للمؤذن، كما يوجد بابان يقعان خلف المسجد من بينهما باب مدخل قاعة الوضوء وآخر مدخل إلى باحة المسجد من الجهة الخلفية له.
تسع باحة المسجد حوالي 3000 مصلي يؤمه الناس من كل حدب وصوب سواء لتأدية الصلاة أو لحضور حلقات الذكر.
اما منارة المسجد فهي عبارة عن برج له قاعدة مربعة أضفت عليه طابعا مغاربيا وهي رائعة المنظر مربعة الشكل وضعت فيها ساعة جدارية ضخمة سنة 1852 يصل ارتفاع المنارة 29,5 مترا غير أن اعمال الردم التي تمت في عهد الامارين قد نقصت من علوه وأصبح الآن يبلغ 25 مترا فقط والواجهات الأربع هي مزخرفة بأجر بنقش بيضوي الشكل مع وجود نقش مستطيل الشكل، والكل يعلوه إبريز من الفخار البهيج وهي مزينة بمادة السراميك في واجهاتها الاربع.
الجامع الجديد مركز إشعاع فكري وثقافي
أكد لنا السيد زرقيني رابح إمام وخطيب المسجد الجديد الذي كان لنا بمثابة مرشد سياحي ومؤرخ حيث استسقينا منه معظم المعلومات التاريخية السابقة الذكر أن المسجد مازال يحافظ على بعض الأمور التي يسير عليها مذهب أبي حنيفة النعمان منذ إنشائه أول مرة سنة 1070يظهر ذلك، يقول زرقيني، من خلال محافظته على تربيع الآذان التي ترفع على مسامع المسلمين إيذانا للصلوات الخمس وهو ما أكد ه وزير الأوقاف عبد الله غلام الله أثناء اجتماعه الأخير حيث أمر بتثنية الآذان كما هو الشأن في المذهب المالكي السائد في شمال إفريقيا وأمر بتطبيقها على مساجد الجمهورية لكن استثنى هذا المسجد من تطبيق تلك التعليمة، كما بقي هذا المسجد محافظا على قراءة حزب الراتب الذي يتم قبل آذان صلاة الظهر ودبر أذان العصر وبعد صلاة المغرب حيث يقوم بتلاوته جماعة تسمى بالحزابين. أما في شهر رمضان فتحذف قراءته بعد صلاة المغرب نظرا لضيق الوقت ولوجود صلاة التراويح التي تعقب صلاة العشاء فيقرأ فقط أوقات الظهر والعصر. هذا وقد أوضح الإمام زرقيني أن المسجد كان ولايزال منارة للعلم وقبلة للعلماء والقراء وحفظة القرآن الكريم.
طقوس المسجد الجديد في شهر رمضان المبارك
في هذا السياق يقول الشيخ زرقيني إن تحضيرات المسجد لهذا الشهر الكريم تبدأ قبل شهرين من حلوله فيشرع في قراءة صحيح البخاري ويختمونه في الليلة السابع والعشرين من رمضان ويقرأونه بطريقة السرد الواحد تلو الاخر، بعده يقومون بشرح بعض الاحاديث النبوية، إضافة إلى تنظيم مسابقات فكرية حول مواضيع متنوعة منها الفقه، التاريخ الحديث والثقافة العامة وكل مادة يدرج فيها سؤال أو سؤالين وهي مفتوحة لجميع الناس ومختلف الفئات العمرية، كما اعتاد المسجد فتح مسابقة في حفظ القرآن الكريم تكون حصريا بين الطلبة المسجلين على مستوى المسجد دون سواهم ورصدنا جوائز توزع على الفائزين تشجيعا لهم وتحفزهم ليحذوا حذوهم ويكون ذلك في حفل ينظم في التاسع والعشرين من رمضان، ودعا زرقيني كافة الأولياء إلى ضرورة تجسيد وترسيخ في أذهان أولادهم حفظ القرآن ومصاحباتهم إلى المسجد ليكتشفوا ما للمسجد من دور كبير في تنوير الفكر وتربية الناشئة وإعدادها إعدادا حسنا خاصة في هذا الشهر الفضيل، مضيفا أن المسجد هو مصدر النور والعلم والبصيرة والعزة للإسلام والمسلمين؛ مصداقا لقوله تعالى: ''وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا''. أما عن نوعية الخطب التي تلقى في مثل هذا الشهر وحتى في شهر شعبان الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ''شعبان شهر يغفل فيه الناس'' تختلف عما هي عليه في بقية أشهر السنة فهي تتضمن الأعمال الجليلة التي قام بها نبي الأمة خلال هذا الشهر الذي هو شهر الفتوحات والغزوات وفيه نزل القرآن العظيم كما تطرح مواضيع في السيرة والفقه والسنة النبوية ومواعظ وإرشادات دينية. وأن هذا المسجد، يضيف ذات المتحدث، شاءت الاقدار أن ينجو من محاولات عديدة من الإدارة الفرنسية التي خططت لهدمه قصد انشاء أحياء وطرق جديدة، فضلا عن الكوارث الطبيعية كالزلزال العنيف الذي ضرب الجزائر العاصمة سنة 1817 و''كأن هذا الصرح الاسلامي أراد أن يثبتت للاجيال صموده رغم كل هذه المحن التي مرة بها ويترك هذه البصمة العجيبة لتكون شاهدة على مدى رقي فن العمارة الإسلامية وتنوعها التي بزغت على أرض الجزائر منذ حقب تاريخية''. وخلص الإمام زرقيني بقوله ولسانه يلهج بالدعاء قائلا اللهم ارزق هذه الامة الامن والاستقرار في الدين والدنيا ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المؤمنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.