كسر عبد الله حمادي أحد الطبوهات وقضية من القضايا المسكوت عنها في جزائر الاستقلال، متحديا كل الظروف من خلال فضحه العديد من الحقائق الغائبة عن الدارسين الجزائريين بخصوص مجلة ''هنا الجزائر'' التي يعود تاريخ صدورها الى ,1952 حيث كانت وسيلة في يد الاستعمار الفرنسي يسوق بها لثقافة الاندماج، محاولا بذلك تصحيح ما ورد في تلك المجلة من مغالطات وتزوير للحقائق التاريخية. استعرض حمادي في إصداره الجديد ''نفاضة الجراب تأملات في الادب والسياسية''الصادر عن ديوان المطبوعات الجامعية بعض الحقائق حول مجلة ''هنا الجزائر'' التي مازالت تثير العديد من ردود الافعال في الاوساط المثقفة بالجزائر وما تناولته هذه الأخيرة من أخبار كاذبة خلال فترة الوجود الاستعماري ببلادنا من خلال تقديمها صورة عن الجزائر المستعمرة كبلد ينعم بالأمن والاستقرار والرخاء، في وقت - يقول حمادي - تشهد فيه الجزائر حربا ضروسا لأجل استرجاع سيادتها. وتأسف حمادي عن ضياع جزء كبير من هذه المجلة ''بسبب خوف البعض من كشف الماضي القريب الذي لا يشرف العديد من الوجوه الثقافية''. وتتوالى الدراسات الشائكة في هذا المؤلف بتناولها للمسكوت عنه في ثقافتنا الوطنية، حيث يقدم الباحث قراءة في وثيقة تاريخية نادرة يكشف فيها النقاب عن مبايعة شيوخ الزوايا في الجزائر لفرنسا، فحوى الوثيقة يدور حول مبايعة وتأييد لا مشروط من قبل مشاييخ الزوايا لفرنسا. كما يطرح حمادي في هذا الإصدار مجموعة من القضايا الفكرية والأدبية والنقدية، حيث ضمن كتابه مجموعة من الدراسات زاوج فيها بين ما هو أدبي وما هو تاريخي منها منهج ابن باديس في المناظرة والحوار، شيء من تأبين الدكتور محمد الصالح بن جلول للشيخ ابن باديس، في ذكرى الشيخ مبارك الميلي. كما يعيد صاجب الكتاب النظر في العديد من المسلمات التي باتت تحفل بها كتب التاريخ والأدب الجزائري ليعرج بعدها على ذاكرتنا الثقافية التي أعاد من خلالها مقولته الصريحة بشان تهميش مدينة العلم والعلماء. وتبقى هذه الدراسة كما أوضح الدكتور محمد كعوان في مقدمة الكتاب إنجازا عظيما ودليلا على اهتمام صاحبها بالموضوعات الشائكة، محاولة منه ''نفض جرابه من كل ما علق به من قضايا فكرية وأدبية ونقدية لم تلمسها بعد يد الباحثين.