تيبازة: تخرج الدفعة ال28 للقضاة من المدرسة العليا للقضاء بالقليعة    محروقات: شركات فرعية لسوناطراك توقع مذكرات تفاهم مع مؤسسات طاقوية ليبية    الكاتب ياسمينة خضرا: الكتاب سيحتفظ بمكانته رغم التحديات الرقمية    زيارة رئيس الجمهورية إلى إيطاليا: محطة جديدة في ترسيخ العلاقات التاريخية وتعزيز الشراكة الاستراتيجية    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة بلغت مرحلة كارثية    مونديال 2025 للكرة الطائرة /أقل من 19 سنة- ذكور/ : المنتخب الجزائري ينهزم امام نظيره البلغاري (3-0)    برج بوعريريج : تسخير 10 طائرات لإخماد حريق بلدية اثنية النصر    بورصة الجزائر: اختتام ناجح لاكتتاب قرض سندي لشركة "توسيالي الجزائر"    إفتتاح المعرض الفني "انبثاق" بالجزائر العاصمة    كرة القدم / بطولة إفريقيا للاعبين المحليين 2024 (المؤجلة الى 2025): المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بسيدي موسى    مجلس الأمة : اختتام الدورة البرلمانية العادية 2024-2025    قسنطينة : تنظيم حفل ترويجي تمهيدا لانطلاق الألعاب الإفريقية المدرسية الأولى    التعاون الإسلامي: مصادقة الاحتلال الصهيوني على مشروع قانون لفرض "السيادة" المزعومة على الضفة "تصعيد خطير"    الجزائر تستعد للمعرض الإفريقي    عدد الشهداء الصحفيين في غزّة يرتفع    مجلس قضاء خنشلة يُتوّج    محرز بقميص جديد    نداء إلى الأحرار في العالم    عرض تجارب رائدة في استخلاص الزيوت النباتية    هذه رحلة الإنسان في البحث عن معجون الأسنان    متى ننهي استباحة إسرائيل الأمن القومي العربي!    وزير الشباب يؤكّد دعمه للحوار الاجتماعي    التواصل مع الشعوب لا يعني الاستلاب الثقافي واللغوي    استشهاد سبعة فلسطينيين بينهم أطفال    عنابة : حجز أزيد من 14800 قرص مهلوس    وفاة 3 أشخاص وإصابة 202 آخرين    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات    حدث يمثل "شاهدا على مسار بناء الدولة الجزائرية المنتصرة"    إدراج بنك (AGB) ضمن قائمة البنوك المعنية بحق الصرف الجديد    الجزائر تعتبر اللغة العربية "قضية سيادية وثقافية بامتياز "    الملتقى العربي الأول حول "الضاد في وسائل الإعلام": دعوة لتعزيز استخدام اللغة العربية الفصحى في وسائل الإعلام بمختلف انواعها    إحباط تمرير 3 قناطير من الكيف عبر الحدود مع المغرب    وزير الاتصال يعزّي عائلة الفقيد    تواصل موجة الحرّ في عدة ولايات    ديناميكية فعالة ومتميزة تطبع العلاقات الجزائرية الرواندية    تصوير فيلم بالداخلة يساهم في قمع المغرب للشعب الصحراوي    الوقف الفوري لحرب الإبادة الصهيونية بحقّ المدنيين الفلسطينيين    السداسي الجزائري يطمح إلى تحقيق نتائج مشرّفة    خدعة رقمية تُكلف 35 ألف دولار و759 كيلومتر    حملة "صيف بدون مواقع تواصل" تتجدد    بطولة وهران نقلة نوعية في مسار رفع الأثقال الجزائرية    أنصار "السياسي" يريدون توضيحات من الإدارة    الانطلاق في ربط الإقامات الجامعية بالألياف البصرية    تطوير صناعة قطع الغيار لرفع نسبة الإدماج    مؤشرات بالأخضر للقطاع الطاقوي بالجزائر    واجهة فكرية ودور ريادي في المعرفة والبحث    فتح باب الترشّح للدورة الثانية عشرة    المطالعة والفن يجمعان الأطفال في فضاء مفتوح    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



80 ألف طفل توحّدي ينتظرون التكفّل
التوحّد أو ''المرض المنسي'' في الجزائر
نشر في الخبر يوم 23 - 11 - 2012

lالذكاء الخارق وإدماج العديد منهم خفية في مدارس عادية
أنس، ياسر، أمير.. صغار يعانون من داء التوحّد الذي يحصي 08 ألف طفل مصاب بالجزائر، ويتصدّر قائمة الأمراض العقلية التي يتعرّض لها الأطفال، في الوقت الذي يكاد ينعدم التكفّل به، ودليل ذلك ما أكّده لنا أولياء ينتظرون منذ أكثر من 7 سنوات لتمكين أبنائهم من متابعة طبية بمستشفى الشرافة، الذي يتولّى فيه فريق طبي مختص معالجة الحالات بضمان متابعة نوعية.
إنه داء التوحّد ''أوتيزم''، الذي يصيب الأطفال في السنوات الأولى من العمر، والذي يعرّفه العلماء والمختصون بأنه اضطراب عصبي حاد، يتميّز بانطواء الصغير على نفسه وانصرافه إلى عالم خاص به، وجرّاءه تعيش آلاف العائلات الجزائرية في متاهات، بسبب شبه انعدام تام للتكفّل بهؤلاء الأبرياء.
عن الداء، أكّدت لنا الدكتورة قاسيمي فتيحة، اختصاصية في الأمراض العقلية للأطفال، أنه من الصعب التحدّث عن التوحّد قبل السنة الثالثة من عمر الطفل، مضيفة أن الأم هي أول من ينتبه لتميّز صغيرها عن الآخرين، بدءاً من فترة الرضاعة، حيث إن المعروف أن الصغير يتواصل مع والدته أثناء الرضاعة بالنظر أو حركات حميمية أخرى، لكن ما يميّز من يعاني التوحّد، حسبها، ''هو انصرافه للرضاعة دون أدنى تواصل، ولو بالنظر إلى والدته، كما أنه لا يستجيب ل''مناغاتها'' له، ولا يردّ على إشاراتها تماما''، مشيرة إلى أنه كلما كان التكفّل بهؤلاء الصغار مبكّرا كلما ضمنّا تطوّرا حسنا للصغير واندماجا جيدا له بالمجتمع، في ظل استحالة الشفاء من الداء. أما عن العلاج، فأكّدت محدّثتنا أنه متعدّد الجوانب، إذ يجب تضافر جهود المختص في الطب العقلي للأطفال وطبيب الأمراض النفسية إلى جانب الأرطفوني وغيرهم، لضمان متابعة علاج ناجع لهذه الفئة، والمتمثّل في تنشيط الطفل وتعليمه.
وأضافت قاسيمي أنه ''قليلا ما نلجأ للأدوية المهدئة عند هذه الفئة''، مشيرة إلى أن الأدوية تُعطى بجرعات قليلة لمن تسجّل لديهم حالات عدوانية، مثل من يضرب نفسه أو يضرب أبويه أو إخوته، لتذكّر بمشكل النقص الكبير في الكشف عن الحالات الجديدة، بسبب نقص الأطباء المختصين في ذلك، رغم تصدّر التوحّد لقائمة الأمراض العقلية التي تصيب أطفالنا، يليه التأخّر العقلي واضطرابات القلق، ثم الصعوبات في التمدرس.
وعليه، فإن مشكل التكفّل بهذه الفئة مطروح بحدّة في الجزائر التي تحصي 80 ألف طفل مصاب بالتوحّد، تتراوح أعمارهم بين 15 شهرا و17 سنة، حسب ما أكّده، مؤخرا، وزير الصحة السابق، جمال ولد عباس، خلال إشرافه على تدشين المصلحة الجديدة للطب العقلي عند الأطفال، وخاصة المصابين بالتوحّد بالمؤسسة الاستشفائية المتخصّصة دريد حسين بالجزائر العاصمة، معترفا بأن ''التوحّد من الأمراض المنسية بالجزائر، وأنه يطرح عديد المشاكل لدى العائلات''.
وعن هذه المشاكل ومعاناة الآباء خلال رحلة البحث عن التكفّل بصغارهم، أوضح قادري جمال، عضو مؤسس لجمعية أولياء الأطفال المصابين بداء التوحّد والذين يتواصلوا فيما بينهم عبر ''الفايس بوك'' فقط بسبب رفض منحهم الاعتماد، أنها تبدأ من اللحظة التي يعرف فيها الأبوان أن ابنهما غير سوي، وبالتالي تُصاب العائلة كلها بداء التوحّد، وليس الصغير فقط، ''وإلا كيف نفسر انقطاعنا عن العالم الخارجي، وعن العائلات السوية، واهتمامنا بالابن المصاب فقط، مع إهمال إخوته''، يقول محدّثنا، مؤكّدا على أهمية التكفّل النفسي بذات العائلات، ليشير إلى أنه رغم كون ''التوحّد'' إعاقة، إلا أنه غير معترف بها من قبل السلطات العمومية، ناهيك عن النقص الكبير للمراكز الخاصة بالتكفّل بهؤلاء الأطفال، ''ففي الجزائر العاصمة يتمّ التكفّل بهؤلاء الأطفال بكل من مركز الشرافة، التابع لمستشفى الأمراض العقلية، ومعني به سكان الجهة الغربية للجزائر العاصمة، في حين يُعنى مركز فاريدي التابع لمستشفى دريد حسين بالتكفّل بالصغار التابعين للجهة الشرقية للجزائر العاصمة''، لكن يظهر أن الإقبال الكبير على المركزين تسبّب في تباعد المواعيد، ويكفي أن نشير، حسب ما أكّده لنا عدد من الآباء الذين تواصلنا معهم، إلى أن مدة انتظار موعد تتجاوز ال80 أشهر.
كما أضافت أم لصغير آخر أنها تنتظر منذ 7 سنوات لتمكين ابنها من متابعة طبية بمستشفى الشرافة: ''خاصة وأن عددا من آباء الأطفال المتابعين هناك أكّدوا لنا نوعية العلاج متعدّد التخصّصات الذي يخضع له الصغير هناك، خلافا لما يُقدّم بعيادة فاريدي، لكن لا حياة لمن تنادي''، حسب قولها.
المنظّمة العالمية للصحة تكوّن
40 مختصا في ظلّ عجز الدولة عن ذلك
وعن مشكل نقص الأطباء المختصين في الطب العقلي للأطفال، أكّدت لنا مصادر مختصة أنه في ظلّ تغاضي السلطات العمومية عن تكوين هؤلاء المختصين، عمدت المنظّمة العالمية للصحة، وبالتنسيق مع مستشفى الشرافة المختص في الأمراض العقلية، لإخضاع 40 مختصا في الأمراض العقلية من مختلف أنحاء الوطن، متخرّجين من كلية الطب بالجزائر، إلى تكوين حول التكفّل بالمصابين بداء التوحّد، قاربت مدته 18 شهرا، أشرف عليه مختصون وخبراء متمكّنون في مجال الطب العقلي للأطفال من فرنسا. ورغم قلة عدد المكوَّنين، إلا أنهم لم يتمكّنوا، كلهم، من تطبيق ما تلقّوه على أرضية الواقع، حيث باشر عدد منهم عمله بمركزي الجزائر العاصمة، ومراكز أخرى مثل مركز قسنطينة ووهران، في حين وضع آخرون شهادات تكوينهم ضمن أدراج مكاتبهم، والسبب عدم توفر مراكز خاصة بالتكفّل بهذه الفئة من الأطفال بالولايات التي يعملون بها.
14 مليون سنويا مقابل متابعة ابنه
وفي ظلّ النقص الفادح في المراكز العمومية المختصة في علاج الأطفال المتوحّدين، تعرض عيادات خاصة في الطب العقلي للأطفال خدماتها بأسعار تُثقل كاهل الأبوين، علما أن هذه العيادات متواجدة بالجزائر العاصمة فقط، وهو ما يعني زيادة في مصاريف التنقّل والإيواء لقاصديها من الولايات الأخرى.
وعن هذه النقطة، أشار قادري جمال أن أحد منتسبي جمعية أولياء الأطفال المصابين بداء التوحّد لجأ إلى متابعة ابنه في عيادة خاصة، يُشرف عليها اختصاصي في طب الأمراض العقلية للأطفال، كان يمارس بأمريكا، مضيفا أنه يدفع مبلغ 14 مليون سنتيم مسبقا عن سنة متابعة لابنه المصاب بداء التوحّد، وأن ذات العيادة أوقفت تسجيل الراغبين في علاج أبنائهم لكثرة المتكفّل بهم، وهو ما يعني، حسبه، أن هؤلاء الآباء فعلوا المستحيل وحرموا أنفسهم وأبناءهم الأسوياء من كل شيء، مقابل دفع مستحقات صغيرها المصاب، متسائلا: ''كيف يمكن لأب يتقاضى مرتبا شهريا لا يتجاوز 20 ألف دينار أن يدفع مبلغا مثل هذا؟''، ليشير أن ''تكلفة المتابعة عند الخواص جعلتني أعتمد على نفسي في متابعة ابني مع اعتمادي، عبر الأنترنت، على دراسات خاصة بذات التكفّل''.
وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة متابعة طبية متعدّدة الاختصاصات لصغير مصاب بالتوحّد تتجاوز 8000 دينار أسبوعيا. وعليه طالب السيد قادري السلطات المعنية بضرورة التكفّل بهذه الفئة، وإدراجها ضمن فئة المعاقين. لتؤكّد، في ذات السياق، السيدة نوري باية، رئيسة جمعية ''الطفل الانطوائي''، على أهمية تكوين المختصين في التكفّل بالطفل التوحّدي، مشيرة إلى النقص الذي تسجّله الجزائر في هذا المجال، مطالبة بصرف منحة المعاق، والمقدّرة ب4000 دينار، للأطفال المتوحّدين، على أن تدفع لهم في سن مبكّرة، نظرا لتكلفة العلاج: ''خاصة وأن المعمول به حاليا هو استفادة من تجاوز ال18 سنة فقط من ذات المنحة''.
صغار متوحّدون أُدمجوا خفية في مدارس عادية
مشكل آخر يُطرح عند بلوغ هؤلاء الأطفال سن التمدرس، ويتمثّل في عدم تقبّل مديري المدارس تسجيلهم، رغم أن معدّل ذكاءهم يفوق ذكاء الطفل العادي، إذا ما خضعوا لمتابعة جيدة. وعن هذه الفكرة أكّد لنا عدد من الآباء أنهم لجأوا إلى تسجيل أبنائهم ضمن مدارس عادية، مع التستّر على حالاتهم، وعدم إخبار مديري المدارس بتوحّدهم، مضيفين أنهم عمدوا إلى ذلك بعد تعرّض صغارهم إلى الإقصاء من الحضانة، حينما حرصوا على مصارحة مسؤوليها بالوضع، حيث أكّد لنا السيد ''م.ف'' أن صغيره التوحّدي متمدرس ضمن قسم عادي بمدرسة عادية، وأنه ضمن الأربعة الأوائل بقسمه، مضيفا أن من يجهل إصابته لا يمكن أن يكتشفها، كونه يتابع تمدرسه بصفة عادية جدا، مضيفا أنه حرص على متابعة ابنه مدة سنوات، وتعمّد عدم إخبار إدارة المدرسة، خوفا من رفضه، مع حرصه على مصارحة معلمته التي ساعدته كثيرا على التأقلم مع زملائه، حسب قوله.
وفي ذات السياق، أشارت رئيسة جمعية ''الطفل الانطوائي'' إلى وجود عديد الأقسام الخاصة بالأطفال المتوحّدين ضمن الابتدائي وفي مدارس عمومية، مع وجود قسم واحد خاص بالطور المتوسط، مطالبة بضرورة وضع برنامج خاص بهم، خاصة وأنهم صغار متفوّقون بامتياز في المواد الرياضية، مع ضعف في المواد الأدبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.