العدوان الصهيوني: إصابة 15 فلسطينيا جراء استهداف الاحتلال منتظري المساعدات وسط قطاع غزة    كرة القدم/شان-2024 /المؤجلة إلى 2025 : المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته تحسبا لودية موريتانيا    حريق بمستشفى تمنراست: 3 وفيات و4 جرحى    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر -2025) /تنس الطاولة: تأهل منتخبات الجزائر، مصر، تونس، مدغشقر وغانا إلى المربع الذهبي    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025: المصارعة تحصد 9 ميداليات، الملاكمة والتجذيف الشاطئي يصلان الى أدوار متقدمة    الجزائر تسعى إلى بلوغ نظم غذائية مرنة، شاملة،صحية ومستدامة    التقارير القطاعية حول مكافحة تبييض الأموال في "غاية الأهمية"    500 مليون دولار في المرحلة الأولى لانجاز مشروع "بلدنا"    وزير الاتصال يعزّي في وفاة الصحفي والكاتب عبد المجيد كاوة    ارتفاع حالات وفيات المجاعة وسوء التغذية في غزّة    تكثيف الجهود من أجل ضمان تعافي سوريا    مطالب في أوروبا بفضح جرائم المخزن في الصحراء الغربية    ارتفاع حصيلة وفيات المجاعة إلى 147 فلسطينيا    تفعيل الشراكة الجزائرية الأمريكية في شقّيها الأمني والاقتصادي    تفعيل كل الآليات لكشف عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب    رسميا.. تقاعد مسبق لمنتسبي سلك التعليم    سندخل منافسة "الشان" بهدف التتويج باللّقب    وكالة "عدل" تردّ على استفسارات أصحاب الملفّات المرفوضة    تجربة سياحية متوازنة ب"لؤلؤة الزيبان"    المخالفات التجارية تتواصل وأعوان قمع الغش بالمرصاد    "سونلغاز" تضبط برنامجا خاصا    وفاة 3 أشخاص وإصابة 222 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    ببشار والبليدة : ضبط أزيد من قنطار من الكيف المعالج    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات    استراتيجية شاملة لمكافحة جرائم التقليد والقرصنة    الروائي بوجدرة: الكتاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    السيدة مولوجي تستقبل مديرة قسم المرأة والجندر والشباب بمفوضية الاتحاد الإفريقي    مطالب في أوروبا بكسر حالة الصمت وفضح جرائم المخزن في الصحراء الغربية    أوبك+: لجنة المراقبة الوزارية تشيد بالتزام أغلب الدول باتفاق خفض الإنتاج    شان-2024 (المؤجلة إلى 2025) – تحضيرات : المنتخب المحلي يواجه موريتانيا وديا    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    السيد بلمهدي يستقبل الدفعة الثالثة من الأئمة الموفدين إلى أكاديمية الأزهر بمصر    اقتصاد المعرفة: السيد واضح يبرز بشنغهاي جهود الجزائر في مجال الرقمنة وتطوير الذكاء الاصطناعي    اختتام المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية : تكريم الفائزين الثلاث الأوائل    جثمان الفقيد يوارى بمقبرة القطار.. بللو: سيد علي فتار ترك ارثا إبداعيا غنيا في مجال السينما والتلفزيون    تمتد إلى غاية 30 جويلية.. تظاهرة بانوراما مسرح بومرداس .. منصة للموهوبين والمبدعين    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    يوميات القهر العادي    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    العملية "تضع أسسا للدفع بالمناولة في مجال إنتاج قطع الغيار    إشادة بالحوار الاستراتيجي القائم بين الجزائر والولايات المتحدة    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    رئيس الجمهورية يعزي نظيره الروسي    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلاموفوبيا عندما تتحول إلى إيديولوجيا
نشر في الخبر يوم 30 - 06 - 2013

في أحد الشوارع المتفرعة عن ساحة بروغلي في مدينة ستراسبورغ الجميلة وعلى إثر اختتام أعمال المجلس الأوروبي، استوقفني بالأمس، مشهد لافت وغير بريئ في واجهة مكتبة “بروغلي”، حيث تم اختيار مؤلف تحت عنوان “الكتاب الأسود للإسلام” ليكون في مركز الواجهة، ومن حوله مجموعة من الكتب الدينية المسيحية واليهودية والكونفوشية ذات عناوين توحي بالحكمة والتسامح، وغيرها من المعاني الدالة على قيم مفعمة بالعمق الإنساني، في حين نجد العنوان الفرعي للكتاب الأسود ذو الغلاف الأسود الذي ينزف دما عبارات (المجازر، العبودية، الإرهاب، البربرية،الخ) أما الكتب المحيطة فأحدها يحمل عنوان أنا، كونفوشيوس طريق الرضا عن الذات، هنا أمامك وفي متناولك، وغير بعيد عنه كتابا آخر عنوانه الأب بيدرو رسول الأحياء القزديرية وآخر على اليسار، البابا فرانسوا الحب وحده سينقذنا .. الخ.
دخلت المكتبة فضولا دون استغراب، فقد تعودت على مثل هذه العروض التي باتت مواسم في أوروبا، ولذلك توجهت مباشرة نحو تلك الطاولات التي عادة ما تعرض عليها في مدخل المكتبة الكتب الأكثر مبيعا في الموسم، متوقعة أن يكون الكتاب من بينها، ولكني لم أجده، فسألت البائعة التي راحت تبحث عن العنوان في الكومبيوتر، لتؤكد لي بأن جميع النسخ قد نفدت، ولم يبق إلا تلك التي في الواجهة إذا كنت أرغب في ابتياعها فأخذتها وبدأت أتصفحها، لأجد الكتاب كله أفكارا سوداء كغلافه وعنوانه تماما، حيث أشارت مقدمته إلى أن الهدف منه يكمن في تسليط الضوء على المناطق المظلمة من الإسلام عبر التاريخ، ثم يمضي الكاتب في محاولة لتثبيت مغالطاته، معتبرا الإسلام مسؤولا عن التطهير العرقي للهندوس والأرمن واليونانيين والصينيين من الشيوعيين في أندونيسيا وكذا التيموريين والبنغاليين في بنغلاديش والأكراد. مؤكدا على أن الهند التي قطع فيها نهرو وأنديرا العلاقات مع إسرائيل على مدار 47 عاما، بلغ فيها عدد الهندوس الذين وقعوا ضحايا للتطهير العرقي الإسلامي 80 مليون ضحية خلال 500عام، ثم يأتي إلى جرائم الشرف والتمييز الجنسي والختان والقصور في العلم والبحث والترجمة والثقافة وتحالفات الإسلام مع الأنظمة الشمولية والكراهية للغرب. معتبرا أن ضحايا دموع الجهاد على مدار 1400 سنة بلغوا 270 مليون، ثم يختم الكتاب بجدول يصنّف فيه الدول التي تدين بالإسلام وطبيعة الأنظمة فيها وعلاقتها بالشريعة؟!
لم يأخذ الكتاب مني الكثير من الوقت، فقد قرأته في ليلة واحدة، وتذكرت ذلك الكتاب الذي ألّفه المؤرخ الفرنسي سيلفان غوغنهايم، تحت عنوان “أرسطو في جبل القديس ميشال: الجذور اليونانية لأوروبا المسيحية”، والذي يقضي فيه بأن الإرث اليوناني لم يصل إلى أوروبا عن طريق المسلمين كما روّج المؤرخون، بل انتقل بشكل مباشر دون أن يكون للفلاسفة العرب دور فاصل، فأوروبا بالنسبة للكاتب كانت دائمة التواصل مع العالم اليوناني بمعزل عن الوسيط العربي، الذي كان عاجزا بنيويا عن هضم التراث اليوناني، وأن الفضل في تواصل أوروبا مع جذورها اليونانية يعود إلى دور العرب النصارى من أمثال إسحاق بن حنين، وإلى ترجمات جاك البندقي ورهبان دير القديس ميشال، لتلك النصوص مباشرة من اليونانية إلى اللاتينية، وأي ادعاء في ذلك للفلاسفة العرب محض نسيج من الأكاذيب، من منطلق أن ارتباط العالم اللاتيني بالامبراطورية البيزنطية كان أقوى مما تتصوره المصادر المتاحة، وهو ما يصدقه وجود عدد كبير من اليونانيين والسريان في روما خلال العصر الوسيط، بالإضافة إلى عدد من الأديرة الشرقية فيها، يصدق ذلك حسب الكاتب ما توافر من كتب في مكتبة لاتران في روما التي عمل البابوات المتعاقبون على إثرائها بالمخطوطات التي يعترف الكاتب بضياع جلها! ثم ينتهي إلى أن أوروبا قد تماهت إلى الأبد مع المسيحية التي يعتبرها محرك امتلاك المعارف اليونانية.
إن هذه الجهود تندرج في إطار العمل المنظم القائم على استغلال ظاهرة الإسلاموفوبيا والانتقال بها من حالة سيكولوجية عابرة عبور الأحداث والأزمات التي تسببت فيها إلى موقف إيديولوجي وعلمي من الإسلام ذاته كدين، وهو موقف نتاج لاستراتيجية قائمة على استعادة هوية أوروبا المسيحية والمحافظة عليها. وفي هذا السياق يندرج أيضا ذلك الخطاب البابوي الذي ألقاه في جامعة ريستنبورغ، حيث تم اختيار وسط علمي وأكاديمي على أعلى مستوى، كما تم تحديد موضوع فلسفي علمي يدور حول علاقة الدين بالعقل واللاهوت بالعلم، لتأكيد علاقة الإسلام بالسيف بدل العقل، إنه الخطاب الذي اعتبره كرادلة الفاتيكان مرجعا لكل من يريد أن يعمل على تجديد الهوية الأوروبية.
يبدو جليا أن هذه المغالطات تنتمي إلى مشروع إيديولوجي محاوره الأساسية تقوم على تكريس هوية أوروبا المسيحية، مما يتطلب إفراغ الحضارة الغربية من أي مشاركة عربية إسلامية، ولتحقيق ذلك لابد أن يعود أرسطو إلى جبل القديس ميشال، بدل أن يمر عبر قرطبة. أما المحور الثاني، فإنه يخص فكرة تمجيد الاستعمار وإبراز دوره في تحضير البرابرة، مما يتطلب تجريد الحضارة الإسلامية من امتيازاتها العلمية لتتحول إلى كتاب أسود ينزف دما عبر نجمة وهلال أخضرين؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.