الصحفي جمال بودة في ذمة الله    قواتنا جاهزة، ومستعدة للدفاع على كل شبر من التراب الوطني    انطلاق أشغال اللقاء الجهوي الرابع    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    البنك الوطني الجزائري يرفع رأسماله الاجتماعي    العالم يشهد على جريمة إبادة جماعية "    إسبانيا "محطة هامة" في مسيرة الحرية    فرنسا الأبية" …"الإسلاموفوبيا تقتل في فرنسا"    يهنئ البطلة الأولمبية كيليا نمور    وصول باخرة محملة ب31 ألف رأس غنم    وفاة 12 شخصا وإصابة43 آخرين في حادثي مرور    إدانة شخص بسبع سنوات حبسا نافذا بسوق أهراس    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    الحماية المدنية تفتح باب التوظيف    الجزائر: ما يحدث بغزّة أحد أسوأ الإخفاقات الإنسانية    تبّون يتلقى دعوة لحضور القمة العربية    معاقبة شباب بلوزداد    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    الجزائر متفطّنة للمخطّطات الإجرامية التي تستهدفها    تطوير مشاريع مشتركة في الطاقة والمناجم    الاختراق الصهيوني يهدّد مستقبل البلاد    الجزائر مستهدفة بحروب جديدة للمساس بسيادتها واستقرارها    الاحتكام لقيم الحوار للحفاظ على أسس الأمن والاستقرار    "خطوة تور" يحطّ الرحال بوهران    "سوناطراك" تعزيز تعاونها مع "ناتورجي" و" سهيل بهوان"    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    250 رياضي من 12 بلدا على خط الانطلاق    كرة القدم/كاس العرب فيفا قطر 2025 : "لن يشارك اي لاعب من المنتخب الاول في البطولة"    نحو جعل ولاية عين الدفلى "قطبا صحيا" بامتياز    هكذا تتحكم في غضبك قبل أن يتحكم فيك    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    بشار: حسنة البشارية... سنة تمر على رحيل ''أيقونة'' موسيقى الديوان    أدرار: إبراز دور الزاوية الرقانية في لم الشمل وإرساء قيم التسامح    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    الانتقال لمفهوم الصحة المهنية الشامل وتعزيز ثقافة الوقاية    دعابات ونكت تترجم سعادة الأسر    تنصيب زهير حامدي مديراً تنفيذياً جديداً    محكمة العدل الدولية: الجزائر تدعو إلى إلزام الكيان الصهيوني بتمكين الأونروا من إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة    حجز 1.6 مليون قرص مهلوس قادمة من مرسيليا    إشادة بدور الجزائر في دعم العمل العربي المشترك    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    ترحيل 182 عائلة إلى سكنات لائقة بوهران    صعود نجم بن عكنون    غويري يبدع    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    عميد جامع الجزائر يتحدث في أكسفورد عن إرث الأمير عبد القادر في بناء السلام    مسيرة الحرية: إسبانيا "محطة هامة" لإسماع صوت المعتقلين الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    بشار..وضع أربعة قطارات لنقل المسافرين حيز الخدمة على خط بشار- العبادلة – بشار    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    الكشف عن الوجه الهمجي للاستعمار الفرنسي    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختلال السوق النفطية: ما الذي تقوله النظريات؟
نشر في الخبر يوم 19 - 12 - 2014

هناك 3 منظورات كبرى تتنافس على تفسير واقع الأسواق الدولية والسوق النفطية ليست استثناء من هذا الإطار العام، وإذا كانت الأرقام تشير إلى أن سعر برميل النفط فقد أكثر من 45 بالمائة من قيمته، فهذا يعني أننا أمام حالة اختلال تحتاج إلى تفسير، وليس فقط إلى مجرد متابعة، ما يبرر الاستعانة بالنظريات التي تختلف في تفاصيل عديدة. لكن أبرز اختلاف يتعلق بما إذا كانت تأثير العلاقات السياسية بين الدول على السوق هو تأثير عميق أم تأثير محدود ونسبي، فتفكيك مضامين هذا الاختلاف يعطي نظرة شاملة عن التفسيرات المطروحة لفهم اختلال سوق النفط في الوقت الراهن، وذلك بالشكل التالي:
أولا- المنظور الليبرالي: ينفي أي تأثير للعوامل السياسية في التأثير على السوق بما فيها سوق النفط، والمؤيدون لهذا الاتجاه يطرحون 3 معطيات رئيسية، كلها ذات طابع اقتصادي، أثرت على التراجع الكبير في سعر النفط وهذه المعطيات هي:
- تحوّل الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط على خلفية استغلالها للنفط الصخري بعد أن كانت أكبر دولة مستورة، ما أثّر على انخفاض الطلب.
- فشل توقعات المؤسسات الاقتصادية الدولية بالنسبة للنمو الاقتصادي لبعض الاقتصاديات الصاعدة مما أثر على انخفاض الطلب.
- عودة النفط الليبي إلى الإنتاج بمعدلات متوسطة، فليبيا قبل الحراك الثوري كانت تنتج 1.6 مليون برميل يوميا، ونتيجة عدم الاستقرار الأمني انخفض معدل الإنتاج إلى 200 ألف برميل، ثم استقر في الوقت الحالي على 800 ألف برميل، ما أدى إلى فائض في العرض. المتحكم الأساسي في انهيار سعر النفط الحالي بالنسبة ل«الليبراليين” هو قانون العرض والطلب، ومع ذلك فمؤيدو هذا الاتجاه لا يبدون أي قلق إزاء هذا الانهيار، ويعتبرون أن الأطراف الأساسية في سوق النفط، أي المنتجين والمستهلكين، سيتفقون في النهاية على سعر مرضي عن طريق ما يسميه الليبراليون “قانون توازن الأسعار”، وهو ما سيعيد سوق النفط إلى توازن معين، والظاهر أن دول “الأوبيك” قد فكرت وفقا لهدا المنطق في اجتماعها الأخير.
ثانيا- المنظور القومي: يرى أن السوق تتأثر بشكل أساسي بالعلاقات السياسية بين الدول، وواقع سوق النفط في الوقت الحالي ليس استثناء من هذا المبدأ العام. فمن وجهة نظري فإن اتفاقا ضمنيا قد حدث بين السعودية والولايات المتحدة من أجل التحكم في سعر النفط. وتنقسم المصالح بين الطرفين في هذا الاتفاق بالشكل التالي:
- يوفر هذا الاتفاق للسعودية إمكانية الضغط على الاقتصاد الإيراني، لأن الإستراتجية الإقليمية الجديدة لإيران أصبحت تهدد الأمن القومي السعودي بشكل مباشر، خاصة بعد انهيار اليمن لصالح جماعة الحوثي الموالية لإيران، بالإضافة إلى النفوذ الإيراني في كل الدول المجاورة للسعودية.
- لا يؤثر هذا الاتفاق على التوازنات المالية للسعودية بحكم معدلات الإنتاج الكبيرة التي تصل إلى 8 مليون برميل يوميا.
- السعودية وجدت من مصلحتها التنسيق مع الولايات المتحدة التي أصبحت فاعلا قويا في سوق النفط بدل التركيز على التزاماتها داخل منظمة الأوبيك. أما بالنسبة للولايات المتحدة فمصالحها من هذا الاتفاق تظهر من خلال الضغط على الاقتصاد الروسي بهدف دفعها إلى تعديل مواقفها من النزاعيين السوري والأوكراني، على اعتبار أن 40 بالمائة من ميزانية روسيا تأتي من المداخيل النفطية، وقد بدأت إرهاصات الإحساس الروسي بخطورة المشكلة، ولذا تعمل الدبلوماسية الروسية في الوقت الراهن بشكل مكثف على تفعيل الحوار بين الأطراف المتنازعة في كل من أوكرانيا وسوريا.
إن ما يعزز من فاعلية هذا السلوك الأمريكي هو تجنب خلق ردود فعل قوية، لأن كل الدول التي تلي الولايات المتحدة في ترتيب هيكل القوة الدولية، باستثناء روسيا، هي قوى اقتصادية بامتياز، وبالتالي من مصلحتها تراجع أسعار النفط الحالية، فروسيا التي تعوّدت على التنسيق مع هذه القوى بهدف التصدي لتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية ليس بإمكانها فعل ذلك، لأن هذه الدول تستفيد من الوضع الحالي، وهذا يحقق للولايات المتحدة هدفا استراتيجيا كبيرا هو تعطيل وتيرة التنسيق الاستراتيجي بين القوى الصاعدة في هيكل النسق الدولي. ولذا فإن هذا المنظور متشائم جدا اتجاه مستقبل السوق النفطية، على اعتبار توقع المزيد من التعقيد في الأزمتين السابقتين، وبالتالي استمرار استخدام النفط في إطار إدارة التدخل فيهما.
ثالثا- المنظور الماركسي: هذا المنظور يبني كل تحاليله على خلفية انتقاد نسق الرأسمالي العالمي، ومن أبرز هذه الانتقادات أن النسق الرأسمالي يبحث بشكل أساسي عن خلق التبعية، وهذا ما يفسر بالنسبة للماركسيين واقع سوق النفط في الوقت الراهن، فالولايات المتحدة التي تعتبر مركز النسق الرأسمالي العالمي حرصت بمجرد بروزها كفاعل أساسي في سوق النفط بعد تحولها إلى أكبر مستنتج إلى خلق التبعية لها داخل هذه السوق. وبالنسبة إلى هذا المنظور، فإن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن تمديد الحالات النزاعية في كل من العراق وسوريا وليبيا بهدف تقليص عدد الفواعل المؤثرة في سوق النفط، فكل من العراق وليبيا هما دول نفطية تقليدية، أما سوريا فهي فاعل جديد في السوق بعد الاكتشافات الضخمة في المياه الإقليمية السورية في منطقة شرق المتوسط، حتى وإن لم يسمح لها باستغلال هذه القوة النفطية الجديدة. إن ما يعزز من فاعلية السلوك الأمريكي هو تجنب خلق ردود فعل قوية، لأن كل الدول التي تلي الولايات المتحدة في ترتيب هيكل القوة الدولية، باستثناء روسيا، هي قوى اقتصادية بامتياز، وبالتالي من مصلحتها تراجع أسعار النفط الحالية.
إن تشاؤم هذا المنظور اتجاه مستقبل سوق النفط هو أكثر عما ينتج من تشاؤم المنظور القومي لأنه يربط اختلال هذه السوق بعامل مستديم، وليس بعامل مؤقت، أي بدخول الولايات المتحدة كدولة رأسمالية تحرص على خلق التبعية إلى السوق النفطية كفاعل قوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.