تثير تصريحات المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة بممتلكاتهم أسئلة كثيرة حول مدى جدية أصحابها في مصارحة الجزائريين، كما تبعث ملاحظات حول مدى سلطة القانون نفسه في أن يفرض على المرشحين تقديم الحقيقة دون تزييف بما أنه يكتفي بالتصريح الشرفي لا غير. التصريح بالممتلكات هو عقد أخلاقي بين المترشحين للانتخابات الرئاسية والجزائريين قبل أن يكون إلزامية يفرضها قانون الانتخابات دون أن يتيح فرصة التحقق من صدقيتها، ويمكن من خلال هذا التفصيل تحقيق ملاحظة مبدئية حول من هم المرشحون الذين يوصف تصريحهم بأنه استخفاف بذكاء الجزائريين، ومن هم الملتزمون أخلاقيا بصدقية التصريح بعيدا عن إمكانية التحقق من تصريحاتهم من عدمه. وجاء التصريح الشرفي بالممتلكات الذي نسب للرئيس بوتفليقة في وثيقة يصعب التأكد منها صادما، بما أنه خلا أصلا من الإشارة إلى وجود حساب بنكي للرئيس سواء بالعملة الوطنية أو العملة الصعبة، لا في الداخل ولا في الخارج. وحسب التصريح، فإن ما يملكه هو ثلاثة مساكن وسيارتين، حيث جاء في هذه الوثيقة أن بوتفليقة يمتلك مسكنا فرديا بسيدي فرج في الضاحية الغربية للعاصمة بعقد مؤرخ سنة 1987، ومسكن فردي يقع بحي لاروشال في العاصمة حسب دفتر مؤرخ سنة 2007، إضافة إلى شقة بالأبيار في العاصمة، بدفتر عقاري مؤرخ سنة 2007. وبالنسبة للمنقولات، فهو يمتلك سيارتين خاصتين، وبموجب التصريح فإن رئيس الدولة لا يملك عقارات ولا حسابا بنكيا بالعملتين. ويمكن ملاحظة تراجع ممتلكات بعض المترشحين بدل تقدمها أو توسعها، فالمترشح علي فوزي رباعين الذي صرح أمس بممتلكاته، اكتفى بذكر أنه “لا يملك إلا متجرا مساحته 17 متر مربع ورثه من الوالدة فطومة أوزقان”، والملاحظ أن رباعين في رئاسيات 2009 صرح بوجود نفس المحل لكنه يومها أضاف “سيارة من نوع نوبيرا مرقمة سنة 1999”. وجاء في تصريح موسى تواتي أنه يمتلك “مسكنا في الدويرة بالجزائر، ومسكنا عائليا ببلدية المدية، وحسابا بصندوق التوفير والاحتياط برصيد ثلاثة ملايين دينار، وحساب ببنك التنمية المحلية بالعملة الصعبة برصيد سبعة وثلاثين ألفا ومائتي أورو، وسيارة سياحية نوع “باسات” سنة 2011، وأرض فلاحية في الشيوع بولاية المدية”. أما الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون فذكرت في تصريح بالممتلكات أنها “تمتلك شقة ب104 متر مربع، وأخرى ب56 مترا مربعا داخل الوطن، بالإضافة إلى حلي شخصية عادية”، ووفق التصريح فحنون لا تملك سيارة. وبدت قائمة الممتلكات أطول بالنسبة للمترشح علي بن فليس الذي حصرها في منزل بحي شعباني في حيدرة بالعاصمة، ومنزل آخر في باتنة حصل عليه في إطار تساهمي وظيفي عام 1980، وقطعة أرض زراعية مساحتها 9 هكتارات في بلدية فسديس بولاية باتنة يمتلكها مناصفة مع زوجته، وقطعة أرض أخرى مساحتها 8 هكتارات ورثها عن والده في بلدية فسديس بباتنة، وقطعة أرض ثالثة مساحتها 30 هكتارا تقع في منطقة بلحساس في ولاية باتنة، فضلا عن رصيد بنكي في القرض الشعبي الجزائري قيمته 400 مليون، وحساب آخر في البنك ذاته بقيمته 200 مليون، ورصيد بنكي في فرنسا قيمته 15000 أورو. وتفتح هذه التصريحات السؤال حول الطريقة التي يمكن التأكد من خلالها من ممتلكات المرشحين قياسا لوجود تصريحات لا تتطابق والمنطق، وتذكر بعض الممارسات بالتصريح بالممتلكات المنسوب لرئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى لما أقيل من الحكومة عام 2006، لما صرح بامتلاكه فيلا في حيدرة وحسابا بنكيا فيه 60 مليون سنتيم فقط، مع الإشارة إلى أن المشرع الغربي الذي اخترع أولا فكرة التصريح بالممتلكات كان يتوخى أولا العامل الأخلاقي قبل الإلزامية القانونية في علاقة المترشح بمن يفترض أنهم سينتخبون عليه.