غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57268 شهيدا و135625 مصابا    نسيمة صيفي تفوز بمسابقة رمي القرص في الجائزة الكبرى لألعاب القوى أولوموك بجمهورية التشيك    الذكرى ال63 للاستقلال: الجزائر فاعل رئيسي في الساحة الطاقوية الدولية    رئيس الجمهورية يوقع مرسومين رئاسيين يتعلقان بإجراءات العفو عن المحبوسين والنزلاء المتحصلين على شهادات التعليم والتكوين    الزخم الذي حظيت به القضية الصحراوية بمجلس حقوق الإنسان يجب أن يساهم في الضغط على الاحتلال المغربي    عرض الفيلم التاريخي للشهيد" زيغود يوسف" لأول مرة بتيسمسيلت وسط حضور كبير للجمهور    الذكرى ال63 لاسترجاع السيادة الوطنية: الجزائر تواصل مسار التحول الرقمي وترسيخ دعائم سيادتها    افتتاح الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر العاصمة للشباب بساحة "مقام الشهيد"    حفل فني ساهر بالجزائر العاصمة إحياء للذكرى ال50 لرحيل أم كلثوم    رئيس الجمهورية: الجزائر اليوم تتعامل مع الرهانات بنفس جديد وتتطلع إلى رفع التحديات بكامل الثقة في قدراتها    الذكرى ال63 لاسترجاع السيادة الوطنية: السكك الحديدية في الجزائر, من أداة للنهب الاستعماري إلى رافعة إستراتيجية للتنمية الوطنية    جيجل: وفاة 4 أشخاص واصابة 35 آخرين بجروح في حادث انقلاب حافلة    رئيس الجمهورية يترأس الحفل السنوي لتقليد الرتب وإسداء الأوسمة    محكمة ورقلة: إصدار أمر بإيداع ضد شخص متورط بنقل أزيد من 54 كلغ من الكوكايين    ندوة حول الأمر اليومي للعقيد هواري بومدين    اختتام مشروع باورفورماد بوهران    نهائي كاس الجزائر/ اتحاد الجزائر- شباب بلوزداد: قمة واعدة بين اختصاصين    الجزائر تتوفر على مؤهلات لوجيستيكية ومنشآت رياضية لاحتضان أي تظاهرة عالمية    الجيش يُوجّه ضربات موجعة لبقايا الإرهاب    قانون التعبئة العامّة في مجلس الأمة    ندوة وطنية لمديري التربية    توزيع آلاف السكنات ومقرّرات استفادة من قطع أرضية    هذه تفاصيل هدنة ترامب في غزّة    المجلس الأعلى للغة العربية ينظم احتفائية    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    جانت: انطلاق تظاهرة ''السبيبا'' الثقافية وسط حضور جماهيري غفير    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    تغيراتها وانعكاساتها الإقليمية ج1    المشاريع السكنية أصبحت تُنجز في غضون سنة واحدة فقط    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57012 شهيدا و134592 مصابا    نشكر الجزائر لحرصها على تقوية العلاقات بين البلدين    اللجنة الجزائرية- الفنزويلية تعقد اليوم دورتها الخامسة    رصد تطوّر الإنتاج وفرص التصدير    متابعة المشاريع المهيكلة الكبرى    أخبار اليوم تُهنّئ وتحتجب    المغرب من يعرقل الحل في الصحراء الغربية    دعوة لانتهاج خطط تحمي المواد المائية الحيوية    عقوبات صارمة تطول مافيا الشواطئ بالعاصمة    مشروع مستشفى ب500 سرير في قسنطينة قريبا    تعيين حجيوي محمد رئيسا جديدا لمجلس الإدارة    الأمن الفرنسي يوقف بلايلي في مطار باريس    توأمة بين البلديات : انطلاق قافلة ثقافية من تيميمون باتجاه مدينة أقبو    كرة اليد/كأس الجزائر (سيدات)..نادي بومرداس- نادي الأبيار: نهائي واعد بين عملاقي الكرة الصغيرة النسوية    دعوة إلى الاستلهام من الثورة الجزائرية للتحرر من قيود الاستعمار    الفاف" تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة    ستة مؤلفات جزائرية في أربع فئات    ياسين بن زية يتجه لتوقيع عقد جديد في أذربيجان    الجزائر تطمح للعب دور إقليمي في مجال الهيدروجين الأخضر    مدّ جسور الإنشاد من البلقان إلى دار السلام    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    برنامج خاص بالعطلة الصيفية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل آخر العمالقة
نشر في الخبر يوم 23 - 12 - 2015

توفي الزعيم التاريخي، وأحد أبرز قادة الثورة الجزائرية، حسين آيت أحمد، أمس، بجنيف، في سويسرا، حيث كان يقيم، إثر مرض عضال. وبوفاته، يسقط جبل آخر من التاريخ، بعد رحيل متتابع لزعماء صنعوا تاريخ الجزائر الحديث.
أكد المسؤول الأول عن الحزب، محمد نبو، ل”الخبر”، أمس، أن “آيت أحمد سيدفن في الجزائر”. ويفترض، بحسب مصادر مقربة من حزب الدا الحسين، أن ينقل جثمان الراحل الدا الحسين، اليوم، إلى الجزائر، حيث سيدفن بمسقط رأسه بعين الحمام بتيزي وزو، المكان المعطر بنسمات جبال عين الحمام، حيث السلاح رفعه في وجه المستعمر، حينما كان للجهاد معنى.
“أب المعارضة الجزائرية”
انتهت مسيرة نضال بعمر 89 سنة، شخصها الراحل حسين آيت أحمد بالساعة والدقيقة، بمواقف لم تثر يوما جدلا، طالما كانت تصدر عن رجل لا يحتاج إلى تعريف يضاف إليه وصف “أب المعارضة بالجزائر”، وكلفته منفى بعمر 23 سنة كاملة، لم تثنه عن إكمال مسيرة سياسية، في إطار جبهة القوى الاشتراكية، التي أوقف عجلة قيادته بها، ذات ديسمبر من عام 2012. واضطر الأفافاس إلى تعويض زعامة الرجل برجال كثر في إطار “هيئة رئاسية”، لاستحالة التعويض بمنطق رجل برجل، لأن آيت أحمد هندام تاريخ متحرك لا يخلفه أي رجل.
نأى الدا الحسين بنفسه عن التراشق النازل الذي شهدته ساحة التاريخ في الآونة الأخيرة، ولم يعرف له تصريح لا مزكيا ولا مخونا لأحد، لما صاحت أصوات من التاريخ تتنابز بالتخوين، لكن ساحة التاريخ التي تلوثت على أعتاب تصفية حسابات آنية، تنكر لها ووجد لها الراحل، في آخر أيامه، باحة للتنفس بسويسرا، حيث كان آيت أحمد يستشعر قرب الرحيل. حتى أنه اغتيل مرات عدة دون موت، حينما تداولت إشاعات عن وضع صحي حرج يعيشه، وسارعت قيادة حزبه إلى نفيها، قبل أشهر قليلة.
أخرج الدا الحسين الأفافاس من رحم الأفالان، ورغم أن جبهة القوى الاشتراكية كانت تضم مؤسسين لا ينتمون إلى منطقة القبائل، كلخضر بورقعة وطالب الإبراهيمي وأبو بكر بلقايد، إلا أن نظام الستينات، وخاصة في عهد الراحل بومدين، تمكن من إلصاق طابع “النعرة القبائلية” بالحركة السياسية الجديدة، لتظهر “حركة أقلية”، موازاة مع انسحاب “غير القبائليين” من الحزب، وبالفعل وجد الأفافاس صعوبة كبيرة في الانفتاح على المناطق الأخرى، واستمر الوضع على هذا الشكل، موازاة مع انتهاج “عمل سري” تمخضت عنه انتفاضة الربيع الأمازيغي سنة 1980، الأحداث التي يرجعها المتتبعون إلى زرع الأفافاس وسط مواطني القبائل شحنة مشبعة بالغضب على الجهاز الحاكم باسم الأفالان، واستمر الوضع ذاته إلى غاية انتفاضة أكتوبر 88، حيث خرج نشاط الحزب إلى العلن، موازاة مع تليين النظام مواقفه من الحزب.
الاعتزال
في الحقيقة، هناك من اعتقد أن حياة حسين آيت أحمد توقفت شهر ديسمبر 2012، عندما أبرق لأبنائه رسالة وداع سياسي، معلنا انسحابه من قيادة الحزب. ومن بين ما قاله الدا الحسين، في رسالة “الاعتزال”، إن “شغفه بالسياسية لازال متقدا مثلما كان عليه الحال في السبعينات”.. كانت رسالة داخل رسالة لمن يهمه أمر “تنحي” أقدم معارض سياسي في الجزائر من مشهد تساوى، حينها، مع خمسينية الاستقلال، كثيرا ما كان “متقدا” بخط “اللارجعة الدا الحوسينية”. وبالتأكيد، لم يرض الدا الحسين لنفسه “إعداما سياسيا” بعد 70 سنة من النضال، وقد خشيت منه مقصلة “إعدام”، بحكم وقعه الراحل أحمد بن بلة، في حقه، بعد تمرده صيف 63، رفقة العقيد امحند أولحاج، قائد المنطقة التاريخية الثالثة، فانفلت آيت أحمد من المقصلة وفر إلى لوزان السويسرية. ولأن عجلة التاريخ غالبا ما كانت عكوسية، توفي بن بلة وآيت أحمد حي، وحالت الظروف دون أن يحضر جنازته، حتى وإن كان بالإمكان أن يقال إن آيت أحمد رفض أن يكون من بين مشيعي بن بلة، لأن الأخير قال عنه قبل أشهر قليلة فقط عن وفاته، إنه “قبائلي أكثر منه جزائري”، بينما مسار الرجل وخرجاته وحتى “هندامه السياسي” يظهر أنه كان يتفاهم جيدا مع الراحل محمد بوضياف منذ أن كانا في سجن بفرنسا، واكتسبا “جينات المعارضة” ضد المستعمر، وضد نظام ما بعد المستعمر، حينما أسس بوضياف أول حزب معارض في تاريخ الجزائر المستقلة سنة 62، هو “حزب الثورة الاشتراكية”، بينما الدارج عندنا أن الأفافاس هو أول فصيل سياسي رفع السلاح ضد نظام بن بلة. لكن الفرق بين حزب بوضياف وحزب آيت أحمد، أن الأول اضمحل بينما الثاني مازال قائما.
“الجزائر خط أحمر”
قائما على ماذا؟ الجواب عن هكذا سؤال بالعلبة السوداء لأفافاس 2015 و2016، كيف ستتعامل القيادة الجديدة مع الوضع، مع أن خارطة طريق الحزب ركبت قبل وفاة الدا الحسين، سكة معينة، هي الآن في محطة ما، بعد أن انطلقت في أول محطة “الإستراتيجية الجديدة” في تشريعيات ماي 2012، عندما عاكس الحزب كل التوقعات وأعلن مشاركته في الانتخابات، برسالة من جنيف، خطها آيت أحمد بحبر أحمر، معتبر أن الجزائر “خط أحمر” لا يرضى لها الانزلاق في أتون ربيع عربي، رآه آيت أحمد بعيون لم تكن ترى، حينها، سوى الفوضى.
هكذا برر الأفافاس موقفه برسالة من تحت ومن فوق الماء، من لوزان، شهدت عليها “قاعة الأطلس” بباب الوادي، غرد خلالها ناس باب الوادي ومن والاهم من وفود حلت من معظم الولايات، أنشودة “باب الواد الشهداء” وأناشيد أمازيغية.
رحل عملاق آخر، من حقيبة الثورة، مسجلا نضالاته في أنصع صفحات التاريخ، مثلما رحل سابقه محمد بوضياف وعبد الحميد مهري وأحمد بن بلة.. يرحل صناع التاريخ جميعا تاركين من ورائهم شعبا “يبحث عن حقيقة التاريخ”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.