عاد جمال ولد عباس للحديث عن لقائه مع حداد وسيدي السعيد بمقر الأفالان بخصوص قضية "الشراكة بين القطاعين العام والخاص"، وبدوره تحدث أحمد أويحيى عن هذه "الثلاثية الموازية" في اجتماعه بأعضاء المكتب الوطني لحزبه الأرندي، وهو ما يعني أنها ليست "سحابة عابرة"، بقدر ما تكشف عن انسداد في الأفق. وقال ولد عباس أمام منتخبي حزبه لولايات الغرب عقد، أمس، في تيارت، "أنا أخذت المسؤولية، لا مساس بالقطاع العام الاستراتيجي، لأنه ملك للشعب، إنه دم الشهداء"، وذلك ردا على استدعائه لاجتماع مع أطراف الثلاثية، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات والأمين العام للمركزية النقابية الموقعين مع الحكومة على "ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص". وبالنسبة لجمال ولد عباس "الأفالان هو الذي يحمي المحڤورين والمهمشين ونحن فخورون بذلك"، في تلميح ضمني إلى أن الحكومة تعمل عكس ذلك، بدليل تثمينه لمواقف حداد وسيدي السعيد دون ذكر أويحيى. عودة ولد عباس للحديث عن هذا اللقاء مع حداد وسيدي السعيد، في لقاء حزبي داخلي، تعطي الانطباع بأن ولد عباس ليس فقط متمسكا بهذه "الثلاثية الموازية" التي انتقدها القيادي في الأفالان، عبد الرحمان بلعياط، التي قال عنها إنها "إضعاف لحكومة الرئيس والأفالان"، وإنما مدعوم فيها من جهات عليا، بحيث ذكر في هذا الصدد "الذي يجمعنا مع الآخرين"، دون ذكرهم بالاسم، هو برنامج رئيس الجمهورية، قبل أن يعيد عبارته الشهيرة "والله الدولة هي أحنا"، والرسالة موجهة للوزير الأول، بدليل أن ولد عباس عدّد كل الإنجازات التي صرفت عليها 800 مليار دولار التي تعود بفضل الرئيس بوتفليقة، دون أن يذكر أي حكومة من حكوماته، في نية واضحة عن محاولة تهميش مقصود لدور الوزير الأول. وهذه الرسالة التي كلف بها ولد عباس لم يمر عليها أويحيى دون أن يثيرها في اجتماع مع أعضاء المكتب الوطني للأرندي، بحيث تحدث عن تلك "الثلاثية الموازية"، حتى وإن لم يعلق عليها طويلا، ما يعني أنها ليست "سحابة عابرة" بقدر ما كانت تؤشر لوجود عملية "كسر عظام" تحسبا لاستحقاقات سياسية قادمة، بحيث لم يسبق أن تدخل حزب الأفالان في عمل الحكومة بمثل هذه الطريقة "الخشنة" التي دشنها جمال ولد عباس، خصوصا وأن الأمر يخص اجتماع ثلاثية يعد من صميم عمل الحكومات، مثلما تنص عليه أبجديات منظمة العمل الدولية، وليس من مهام الأحزاب. ولا يجهل جمال ولد عباس ذلك، بل هو على دراية تامة بذلك بدليل قوله "لقد شاركت في 7 ثلاثيات"، ما يرجح أن دعوته لثلاثية أخرى ليست من بنات أفكاره، بقدر ما أوحي له بها من جهات عليا، لبعث رسالة لخليفة عبد المجيد تبون عن الخطوط الحمراء التي يحظر عليه تخطيها، خصوصا وأن الجزائر تعيش، حسب ولد عباس، السنة الأخيرة من العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، حيث دعا منتخبي حزبه إلى التجند وفتح مداومات لاستقبال المواطنين، في مؤشر عن بداية المعركة.