الصدمة.. هي الكلمة التي تلخّص خطاب أكثر من ساعة أخذه رابح ماجر من زمن على التلفزيون العمومي، سهرة أول أمس، وهو جالس بأريحية كبيرة أمام “صحفيين اثنين” حضرا إلى “البلاتو” ب”شيتة” ناعمة نعومة شعر صاحب العقب الذهبي، لتقديم ضيفهما للرأي العام الجزائري، المتواجد في حالة غليان بسببه، على أنه “شيخ” المدرّبين و”حكيمهم”، بعدما انتهى “كلام” المدرّب الوطني بتمنيات لو أنه لم يتكلّم أصلا. رابح ماجر، الذي يجمعه قاسم مشترك برئيس “الفاف” السابق محمّد روراوة، وهو داء النرجسية، لم يتخلّص من “الأنا” طيلة الحصة، ولو أنه كان يستدرك بين الفترة والأخرى نفسه، ليوظّف ضمير الجمع لتسليط ضوء على مساعديه، ظلا، منذ ستة أشهر من الزمن، خارج حسابات المدرّب الوطني الأول، وراح “مصطفى” يسترسل في حديث طويل يشرح لمستمعَيه، ومنه للجماهير الجزائرية، كل خياراته وفلسفته واستراتيجيته المزعومة والقرارات التي اتخذها أيضا، حتى في جزئياتها البسيطة، التي تجعل منه أي شيء، إلا مدرّبا يحترم مهنة التدريب التي تفرض عليه قطعا عدم النزول إلى أدنى الدرجات لتبرير أبسط الخيارات، بما يترك الانطباع بأن من يتحكّم في منتخب “الشعب” فاقد للثقة و”الكاريزمة”. وما يجب التوقف عنده في الحوار الذي لم يكن أبدا حصريا للتلفزيون الجزائري ولا مهنيا من حيث طريقة طرح الأسئلة على “ضيف كبير”، التناقضات الكثيرة والغريبة للمدرّب الوطني التي زادت من حدة المخاوف على مستقبل المنتخب مع ماجر، فالرجل الذي “ادّعى” مرة أخرى بأنه يقبل الانتقاد ثم راح يصف من ينتقده من الصحفيين على أنه متحامل وبأن ما يحدث غير مفهوم، اعترف بأنه لا يعترف بتقاسم صلاحياته مع مساعديه إيغيل ومنّاد خلال المباريات بقوله “خلال المباريات، لا يوجد سوى المدرب الرئيسي الذي يقدّم التعليمات والتوجيهات خلال المباريات”، ثم يتساءل باستغراب “لماذا تريدون رؤية المساعدين يقومان من مقعدهما بجانب المدرب الرئيسي لإعطاء التوجيهات، هل هي فوضى؟ نحن نتشاور طيلة الأسبوع، ويوم المباراة، المدرب الرئيسي هو الذي يقدّم التوجيهات.. هل رأيتم مورينيو وبجانبه مساعداه على خط التماس خلال المباريات”، قبل أن يقدّم طرحا آخر، من حيث لا يدري بعد عدة دقائق مخالفا لقناعته بقوله “خلال مباراة إيران، كان المدرب المساعد لكيروش يقدم التوجيهات حين كانت إيران متفوقة بهدفين دون رد، وحين سجلنا هدفا نهض كيروش وأصبح يصرخ..”، فأي الطرحين يؤمن به المدرّب الوطني؟ وسقط ماجر في “مرض النسيان” و”جنون العظمة” وفي فخ التناقضات، وهو يسترسل في الحديث لتلميع صورته بمستوى متدني، وحرص كل الحرص على إخفاء الحقائق وقراءات تبعث على السخرية، فصاحب عبارة “تيزي فو” بمعنى “اصمت” للصحفي معمر جبّور بسبب سؤال موجه أصلا للاّعب محرز في ندوة صحفية سابقة، رفض الاعتراف بأنه مصاب بداء “الحساسية” من الانتقاد، ثم رسم على محياه ابتسامة صفراء ليقول “علاقتي مع الصحافة جيدة”، وهو الذي قاطعها أمام تنزانيا والنمسا بسبب الانتقاد، ووجد ماجر “دعما” قويا من “صحفيي” التلفزيون، خاصة سامي نور الدين الذي وصف “الإعلام الخاص” بالسيئ، في سقطة تجسّد حالة الهوان الذي بلغه الإعلام الرياضي بصحفيين عاجزين حتى عن طرح الأسئلة الصحيحة التي تشغل الرأي العام وباحترافية. ونقل المدرّب الوطني، بافتخار، شهادات مدربين أجانب على احترافيته وكفاءته بعد مباريات رواندا وإيران خاصة، بقول تكرّر كثيرا “لقد ألقى عليّ المدرّب السلام وقال لي بأنني أملك منتخبا قويا”، ثم يضيف، وهو يشهد على نفسه بأنه مدرّب بالقول أيضا “درّبت السد والريان القطريين والمنتخب الإفريقي في 1997 وواجهنا منتخبا أوروبيا في لشبونة الذي درّبه بيرتي فوكس، وفزنا عليهم بهدفين مقابل هدف، ودرّبت أيضا المنتخب الجزائري، ونادي بورتو “ب” لسنتين”، ثم “خرج للعلن دون حياء مخاطبا منتقديه بعد تقزيمه لمهنة التدريب واختزلها في “البلاطوهات” بشكل عادي “ماذا ينقصني حتى أكون مدرّبا للمنتخب؟ فأنا أملك الخبرة اللازمة..”، دون أن يجد ردة فعل من صحفيي التلفزيون، كون ما ينقص ماجر، وكانت ملاحظة مهمة لو تم توجيهها له، هو أن يكون مدرّبا وفقط، فهو لم ير بأنه مرّ على 15 سنة من البطالة وعلى غياب تام للشهادات وعلى فشله مرتين مع المنتخب كونه لم يفز معه سوى في مباراة رسمية واحدة (كانت أمام مصر)، وافتقاره لطريقة التواصل حتى مع الإعلاميين، وهو الذي قال لصحفي التلفزيون محمد توزالين سنة 1995 على المباشر بعد مباراة أوغندا حين وصف التعادل بالتعثر “أشكرك على تشاؤمك”، قبل أن يتركه وينصرف. “أنا ماجر” صنعت الحدث لأكثر من ساعة من الزمن، بلغت حدّ ربط “فتح بيته للصحفيين وتقديم له “الملح” وتعاونه معهم” بنكران هؤلاء الجميل لتماديهم في الانتقاد، ولم يجد “الرجل” من يضع له النقاط على الحروف وينعش ذاكرته الضعيفة بتصريحاته المنتقدة لسابقيه على رأس المنتخب ولرئيس الاتحادية السابق، والمهاجمة للصحفيين معمر جبور وحفيظ دراجي وتهكمه على بعضهم، بما يقودنا إلى القول وبصوت عال للمدرب الحالي وليس للاّعب الأسبق.. ليتك لم تتكلّم يا ماجر.