حدد ميثاق أخلاقيات قطاع التربية، الذي وقعه الشركاء الاجتماعيون مع وزارة التربية الوطنية، أول أمس، حقوق وواجبات الأسرة التربوية، بهدف خلق جو من الاستقرار في المؤسسة التربوية والحفاظ على مصلحة التلميذ. وقد خصص الميثاق الذي اطلعت "المساء" على نسخة منه، محورا كاملا لحقوق وواجبات أعضاء الجماعة التربوية، معتمدا على أربعة مبادئ عامة تتمثل في النزاهة والاحترام والكفاءة المهنية والحفاظ على الاستقرار داخل المؤسسات التربوية. ويؤكد النص، الذي وقعته ثماني نقابات ورفضت التوقيع عليه نقابيتان هما المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، "كنابست" ومجلس ثانويات الجزائر العاصمة "كلا"، على ضرورة احترام الجماعة التربوية لهذه المبادئ والإقرار المتبادل للحقوق والواجبات وخاصة في علاقتهم مع التلاميذ، داعيا الجماعة التربوية إلى ضرورة اتخاذ كل الإجراءات المناسبة لجعل التلميذ في منأى عن كل شكل من أشكال الميز. وركز الميثاق على حقوق التلميذ ومن بينها عدم المساس بكرامته والاحترام المطلق لكيانه البدني والمعنوي، فضلا عن ضرورة الابتعاد عن كل عنف بدني أومعنوي، قد يصدر عن عضو من الجماعة التربوية. كما يؤكد الميثاق على ضرورة استفادة التلميذ من المتابعة الطبية وتزويده بالمعلومات الوقائية اللازمة لا سيما فيما يخص النظافة الصحية والتغذية ومخاطر الحوادث التي يمكن أن تحدث داخل المؤسسة أو ضمن المسافة المؤدية من البيت إلى المدرسة أو في المنزل، ومنحهم فرص التعبير. وينتظر من التلميذ، من جهة أخرى، الالتزام بمجموعة من قواعد الانضباط كالمواظبة على الحضور واحترام المواقيت ومراعاة قواعد النظافة والصحة والحفاظ على تجهيزات المؤسسة التربوية، فضلا عن الالتزام. أما بالنسبة للمربين، فقد حدد الميثاق حقوقهم وواجباتهم المتمثلة في ضرورة احترامهم من طرف المجتمع والإطارات الإدارية، كما يجب أن يعترف بالقيمة الاجتماعية لوظيفته وعدم المساس بكرامته والاحترام المطلق لكيانه البدني والمعنوي والابتعاد عن كل عنف بدني أومعنوي يستهدفه. ومن جهة أخرى، يمنح الميثاق الحق كاملا للمربي في التعبير بحرية، عن المسائل المتعلقة بالجوانب البيداغوجية والتنظيمية لمهنته ومضاعفة الهيئات المعنية لفرص التعبير من خلال الملتقيات واللقاءات الدورية والنشريات. أما عن واجبات المربي، فقد أشار الميثاق إلى ضرورة اطلاعهم على النصوص التشريعية والتنظيمية التي لها تأثير على حياة الجماعة التربوية قصد احترامها. ومنها القوانين المتعلقة بعلاقات العمل والأحكام الواردة في قانون العقوبات المتعلقة بأعمال العنف والقدح والتحرش وعلى الالتزامات المتصلة بمنصب عملهم، كما حددها قانونهم الأساسي الخاص وكذا على النظم الداخلية للجماعة التربوية. كما نص الميثاق على ضرورة احترام سر المهنة والتضامن والتعاون والتسامح داخل المؤسسة حتى يعم الاستقرار والسكينة اللذان يساعدان على العمل وعلى التوازن النفسي للتلاميذ، فضلا عن مطالبتهم بالتزام الحياد السياسي والاديولوجي في ممارسة مهامه والقيام بغرس الحس الوطني وتنميته وبعث روح التسامح والسلام وفق المبادئ الوطنية والإسلامية. وخص الميثاق بالذكر، النصوص التي تحكم حق الإضراب، مؤكدا أنه يجب ألا يتم اللجوء إلى الإضراب حتى عندما تتم مراعاة القانون في حال اللجوء إليه إلا بعد استنفاد كل أشكال حل النزاعات المبنية على الحوار، معتبرا أن الخلافات والنزاعات، مهما كانت أسبابها تنعكس دوما سلبيا على تمدرس التلاميذ، إذ تؤثر هذه النزاعات بصفة سيئة على تطور تنفيذ البرامج وعلى رزنامة الامتحانات فتؤول إلى تقليص فترات زمنية من العطل المدرسية بل إلى حذفها، كما أنها تؤثر على الحالة النفسية للمتعلمين إزاء دراستهم فيفقدون المبادرة والحماس وتضيع منهم المعارف والمهارات المكتسبة في السابق. أما عن حقوق وواجبات الشركاء الاجتماعيين، فقد ألزم الميثاق إطارات النظام التربوي، في إطار نظامي أن يردوا بالإيجاب على طلبات المقابلة والاستعلام التي يتقدم بها ممثلو الشركاء الاجتماعيين، كما نص على ضرورة التكفل بالمشاكل المهنية والاجتماعية المطروحة من طرف النقابات على المستوى الوطني والمحلي، بالتشاور والتنسيق مع إيفاد لجان مشتركة لتسوية الخلافات وحل المشاكل المطروحة إن اقتضى الأمر ذلك. ودعا هؤلاء الشركاء إلى الامتناع عن ممارسة أي تسلّط مفرط وكل شكل من أشكال التخويف أوالضغط على أعضاء الجماعة التربوية، وهو ما من شأنه أن يحد من استقلاليتهم. وبخصوص النزاعات، دعا الميثاق الموظفين الإداريين لاتخاذ موقف وقائي إزاء النزاعات التي يمكن أن تحدث في المؤسسات المدرسية وإلى تغليب الحوار في حل الخلافات والنزاعات وتجنب اللجوء إلى الممارسات التي يمكن أن تؤثر سلبا على تمدرس التلاميذ وتحدث لهم اضطرابا نفسيا. وحسبما جاء في وثيقة الإعلان أن هذا الميثاق لا يعد بأية حالة مساس بالحق في إضراب عمال قطاع التربية بحكم أنه حق دستوري، بل بالعكس فهو يدعم موقفا يجعل من التربية عملا مشتركا وجماعيا.