استضافت "المساء" مؤخرا، كوكبة من الشاعرات، على هامش مشاركتهن في فعاليات "الأيام الوطنية الثانية للأدب النسوي"، الذي نظمتها جمعية "بلقيس" الثقافية لمدينة عين التوتة، حول إبداع المرأة في يوم الشعر العالمي، في احتفالية أقيمت بالمكتبة العمومية حملة بباتنة، وتناول اللقاء فنون الشعر والنقد وغيرها، مع التوقف عند المواهب الشابة التي برزت فيها المرأة الشاعرة بقوة. الشاعرة نادية نواصر: المرأة تطوع لغة الشعر لإبداعها أشادت الشاعرة نادية نواصر بمبادرة جمعية "بلقيس" في تنظيم هذا الأيام، التي تحدت فيها المبدعات وباء "كورونا"، موضحة خلال حديثها ل"المساء"، أن هذه المشاركة صنعت الحدث والتحدي معا، وأضافت: "لقد كسرنا هاجس الخوف والراهن المزري، ونحاول أن نرفع نون النسوة إلى مكانتها الحقيقية، واستطردت في القول؛ أحيانا نولد من جديد لنبرز القدرات النسوية في الحقل الأدبي ككل". عن مشاركتها، قالت الشاعرة نواصر: "تشرفت بهذه المشاركة، كوني امرأة شاركت في هذه الفعالية مع شاعرات من مختلف مناطق الوطن، أتين لقلب الأوراس النابض، لقد ألقيت قصيدتي في إطار موضوع احتفالية هذا العام عن "تجاوز الأزمات"، وترى "أن الحياة عبارة عن رحلة طويلة لم نختر أن نكون فيها، وكتابة الشعر أيضا رحلة، لأننا أحيانا نولد من جديد في هذه الرحلة وأحيانا يولد معنا الشعر، إنها أيام جميلة للتعارف والاحتكاك المباشر وعرض الإبداع". وعن نصوص المرأة قالت محدثتنا: "إن المرأة استطاعت أن تحفر في العمق الوجداني، ولمستها رقيقة بين النص ولفتتها الشفافة، لأن لا أحد يعبر عن أوجاعها من دونها". وعن الجدل القائم حول تصنيف الأدب بالنسوي أو بالرجالي، ردت الشاعرة نادية بالقول: "إن القضية تظل مطروحة، علما أن هناك فريقان، الأول مع هذا التصنيف، والآخر رافض لهذه التفرقة بين الجنسين، والمهم من ذلك، حسبها، "إنما هو البحث في كيفية تناول الرسالة الإبداعية برقي"، وتقول بأن المرأة تؤدي دورها في الشعر بالدفء وتخطت الخط الأحمر دون أن تتجاوز الحدود، إنما استطاعت أن تثبت وجودها ككاتبة تتناول وتغور في القصيدة، وتبوح برؤية فلسفية وإنسانية تعبر على وعيها، رافضة أن تكون مجرد جسد كما يصفها بعض الشعراء، إنما هي إبداع يغازل نفسه، وهو عطاء وكيان يؤسس لما هو أرقى، للخروج بالمجتمع من دائرة التخلف والانغلاق الذي يعود بنا إلى قرون التخلف." ختمت الشاعرة بالحديث عن الكتابة في الحب قالت: "الحب دائما ملهم، وهو بالنسبة لي قضية، فلو كانت لنا جدية في ذلك لا تفادينا كل أشكال الخلافات، النزاعات والحروب، فالحب قضية إنسانية على مستوى راق، والشاعر لا يمكنه أن يكتب إذا لم يكن عاشقا لكتاباته، لأنه بالعشق والحب سيوقع لإبداعه. للإشارة، فإن الشاعرة نادية نواصر اقتحمت الساحة العالمية بحروف من ذهب، عبر مسار إبداعي لا يقل عن أربعة عقود، وأثرت المكتبة ب23 إصدارا شعريا مطبوعا، منها 10 دواوين دفعة واحدة، صدرت مؤخرا، وهو سبق لم يحققه أي شاعر، إضافة إلى تتويجات وطنية وعربية بتونس والمغرب والإمارات العربية المتحدة. من قصائدها التي قرأتها نص"وشم على شفاه الليل" حين يسدل الليل ستائر ارقه على أجفان اللحظة وعندما تستسلم الروح لعاشقها تدور الأرض دورانها الجنوني وتفقد اللغة شفاهها في هذا التوقيت بالذات يجتر القلب أزهار حنينه وتوغل الذاكرة في جدلية الحضور والغياب وتصبح أنت والإدمان كأس واحد ترتشفه الروح نكاية في الحنين تأخذني بضراوة عشقي إلى عينيك وحين يزدهر الشوق في كواكب القحط تسكنني فلسفة الأوشام التي تقول تاريخ خفقنا وتقول مالم تقله رياح الراسخين في الحب قبل مواسم موتنا بعصور الشاعرة ابتسام حرير: نحن بحاجة لنقاد تؤكد الشاعرة ابتسام حرصها على التوفيق بين الشقين الأكاديمي والإبداعي، وتبحث بأشعارها في العديد من الجوانب الإشكالية والثقافية، في مجال الشعر والنقد، وعلى هامش اختتام فعاليات "الأيام الوطنية الثانية للأدب النسوي"، قدمت رؤيتها الخاصة بواقع النشر في الحقل الثقافي والأدبي في الجزائر. ففي حديثها مع "المساء"، اعتبرت فعاليات الملتقى بوحا تقدم فيه الشاعرات أحاسيس ومشاعر تتكلم عن واقع المرأة، ووصفت الفعاليات بالتحدي الكبير لواقع فرضه منطق الوباء "كورونا"، وأضافت أن الحضور يؤكد اللمة الشعرية المتنوعة التي اختارتها جمعية "بلقيس" الثقافية لمدينة عين التوتة. تحسرت على واقع بعض الأقلام التي غيبت، على حد تعبيرها، وأسماء لها وقعها وتأثيرها في المشهد الثقافي ككل، وتقصد طبعا الأسماء الأنوثية مقترحة في هذا السياق فسح المجال للطاقات الشابة. وعن الكتابات النقدية، وكيف تنظر إليها محدثتنا في تشكيل النص المعاصر قالت "نحن بحاجة ماسة لنقاد فعليين يتناولون الذات وأبجدية الأسئلة، في وعي تام لتثمين كل إبداع، ومراعاة الأهداف الرامية إلى تطوير الشعر الحديث بعيدا عن المجاملات المجانية والإقصاء المبرمج. تساءلت الشاعرة عن سبب غياب الشعر الأمازيغي في مثل هذه المواعيد، على اعتبار أن الملتقى حمل شعار "حضور الإبداع تجاوز الأزمات". وفي ختام حديثها، دعت إلى تثمين مثل هذه المبادرات لتنشيط الفعل الثقافي، وحرصت أن توظف مثل هذه الملتقيات للكشف عن المواهب ودعم المقروئية بمعارض للكتاب. للإشارة، فإن الشاعرة ابتسام من وادي سوف تقيم بباتنة، وتنحدر من عائلة تتعاطى الشعر، فزوجها كاتب مسرحي، وأخويها شاعران. الشاعرة نورا نور الشمس نعيمي: الرواية انعكاس لسيرورة المجتمع ثمنت الشاعرة الروائية نورا نور الشمس نعيمي جهود جمعية "بلقيس" الثقافية في إنجاح الأيام الوطنية الثانية للأدب النسوي، التي بحسبها، وفقت في جمع مبدعات الجزائر حول الكلمة والحرف، وأضافت في حديثها مع "المساء"، في ختام أشغال الملتقى، أن وباء "كورونا" عدو مجهول الهوية، وأن شعار الملتقى كفيل بالرد على متطلبات مواجهته ولو برسالة الشعر. استحضرت الشاعرة مناسبة عيد الأم التي تزامنت وفعاليات الملتقى، وراحت تعدد مكارم الأم وأفضالها التي تستحق الإشادة والتكريم مدى العمر. عرجت محدثتنا على الملتقى الذي فسح المجال واسعا لمناقشة موضوع الأدب النسوي، ودوره في تطوير الشعر الحديث، مستدلة بنماذج شاعرات جزائريات تركن بصمتهن في مجالات الكتابة الأدبية والشعرية. كما حرصت الشاعرة التي تميل للكتابة الروائية، أن تكون هذه الأخيرة انعكاس لسيرورة المجتمع بكل قطاعاته، وتمتلك بنائيتها وأدواتها الخاصة التي تختلف عن القصة والفنون النثرية الأخرى. تحدثت شمس في العديد من القضايا التي تتعلق بالرواية، ومنها الأدب النسوي وأدواته، وفنون الكتابة الروائية، وقاربت بين الرواية والفنون الإبداعية السردية الأخرى. وعن الأدب النسوي، تقول إن الأدب يكون نسويا إذا ما توفرت فيه ثلاثة عناصر، وهي الرؤية الأنثوية للعالم، والاحتفاء بهوية المرأة والنقد الجذري للمنظومة الأبوية الذكورية. وبحسبها، فإن السرد النسوي هو النص الذي يزعزع مظاهر السبات عند القارئ، فيخرج وقد تغيرت نظرته للعالم، بالنسبة لها فهي تحب كتابة الرواية وقالت "أنا أعيش كل دور في الرواية، أما الشعر فليس بساحتي، رغم كتابتها في الشعر الحر، متمنية أن يتوج مجهودها بديوان شعري. إلى ذلك، نوهت المتحدثة بالمرأة الروائية في العالم العربي التي تناولت كل موضوعات الحياة في مختلف الميادين، التي تهم الإنسان العربي، مثل قضايا السياسة، والمرأة، وغيرها واستطاعت أن تغطي مختلف الميادين، باستثناء الميدان العلمي والكتابة الروائية في الخيال العلمي أسوة بالدول المتقدمة، مشيرة إلى أن الأدب بشكل عام والرواية بشكل خاص، تمثل انعكاسا للحياة والمجتمع. وختمت حديثها بالدعوة لاقتحام الكتابة في مختلف الفنون الأدبية، وفسح المجالات للطاقات الشابة، بعدما أشادت بشاعرات ساهمن في إنجاح فعاليات الملتقى الذي أدرك غاياته.