تبّون يستقبل رئيس منظمة أرباب الأعمال الروسية    تاشريفت يستقبل نواباً    إرهابي يسلم نفسه وتوقيف 7 عناصر دعم    وزارة البريد تُحذّر    أول رحلة بين الجزائر ونجامينا    وزارة الشباب تحضّر لأرضية رقمية    تسارع وتيرة التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني    حملاوي تشرف على لقاء للجمعيات    نحو غرس مليون شتلة عبر الوطن    توقيف 7 أشخاص وضبط أسلحة ومهلوسات بالبليدة    البوهالي: الجزائر منارة علم    هذا موعد التصفيات الولائية..    آليات للكشف عن تعاطي المخدرات بالمدارس وعند التوظيف    استكشاف فرص شراكة فعّالة في ميدان الفضاء والدفاع    6 قتلى و196 جريح خلال 24 ساعة    لمواجهة الدعاية الفرنسية..الإعلام الثوري كان جزء من سلاح جيش التحرير الوطني    بيسيرو يثني على عمل بيتكوفيتش مع "الخضر"    حاج موسى يفوز بجائزة جديدة في هولندا    لوكا زيدان الأحسن في نادي غرناطة الإسباني    اجتماع الحكومة يواصل في دراسة المشروع التمهيدي لقانون المرور..مراجعة العقوبات وتجريم بعض الأفعال الجديدة    بودن يؤكد من جنيف: الجزائر نموذج ناجح في الجمع بين الأمن والتنمية    نحو زراعة 25 ألف هكتار من الحبوب بوهران    الهاكاثون الأول للشباب والابتكار الرقمي نهاية أكتوبر الجاري    بداية موسم الهجرة نحو الآثار القديمة بتندوف    سكان حي "بن حمزة1" بحمادي يطالبون بحلول واقعية    بيسط يشرح مقترح البوليساريو لتسوية القضية الصحراوية    الاحتلال الصهيوني يحتجز جثامين مئات الشهداء الفلسطينيين    لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل    اهتمام روسي بالشراكة مع الجزائر في الصناعة الصيدلانية    تنظيم إقامات للتراجمة بالجنوب الجزائري في ديسمبر المقبل    علامة خالدة في تاريخ الموسيقى الجزائرية    توقيف 7 أشخاص وضبط مؤثرات عقلية    دعوة لإنشاء مركز وطني للتوثيق والنشر العلمي    قال إن ذلك يتيح للكيان الصهيوني عقد تحالفات..فانس متفائل باستمرار وقف النار بغزة    5 ملايين مستفيد من صندوق الزكاة    أين أصبحت عائلة القذافي اليوم؟    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الإنفلونزا    " منتدى الغاز" يرسّم خريطة جديدة لحصص الدول المصدّرة    فرصٌ سانحة لتوظيف أصحاب الشهادات    للسنة الخامسة على التوالي..الجزائر الأولى عربيا في ترتيب "آرسيف"    جمعية جسور للمسرح والسينما بالأخضرية تتوج بجائزة في الأردن    ممثّلا الجزائر يتألقان    وزيرة التضامن تطلق مشروع أكبر مركز للتكفل بالأطفال المصابين بالتوحد والتريزوميا بوهران    انطلاق الطبعة ال28 للصالون الدولي للكتاب في 29 أكتوبر    تقديم عرضا شاملا حول البرامج التنموية الكبرى للقطاع    الشلف : فرقة البحث و التدخل BRI بأمن الولاية    قانون المالية جاء بنهج جديد قائم على الشفافية والمساءلة    التلقيح المبكر يمنح مناعة أقوى ضدّ الأنفلونزا    الساورة في الصدارة    مديرية الصحة تدعو المواطنين خاصة المقيمين بسكيكدة وفلفلة للتلقيح ضد "الدفتيريا"    صادي وبيتكوفيتش يتضامنان معه..أمين غويري يغيب رسميا عن كأس إفريقيا    المنتخب الوطني : بقائمة من 50 لاعباً.. هل يستعد بيتكوفيتش لمفاجأة كبرى؟    عودة آيت نوري وعطال تبعث المنافسة بين دورفال ورفيق بلغالي    "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"    أدب النفس.. "إنَّما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالِحَ الأخلاقِ"    فتاوى : حكم قراءة القرآن بدون تدبر    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    أفضل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرحيون العرب يواجهون الواقع المتقلب بالسِّير الشعبية
في أول دراسة موسّعة
نشر في المساء يوم 27 - 10 - 2021

يشكل حضور السير الشعبية رافدا ومصدرا مهمّا للاستلهام في المسرح العربي، وظفها ولايزال حتى الآن، كتّاب المسرح لمعالجة القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية والوطنية؛ دفعا لتصحيح المفاهيم، وإبراز الهوية الوطنية والقومية، والتصدي للقمع والظلم، والتحريض على الثورة؛ بحثا عن الحرية والعدالة؛ من خلال تطويع هذه السير، وإعادة خلقها وبنائها، ومعالجتها وفقا للواقع الحاضر، ومن ثم الإسقاط على الواقع عن طريق أحداث مشابهة داخل حكاياتها.
يناقش الباحث والمسرحي عبد الكريم الحجراوي في أطروحته التي نال بها درجة الدكتوراه في النقد المسرحي أخيرا من كلية الآداب لجامعة القاهرة والموسومة ب "تحولات الخطاب الدرامي من السير الشعبية إلى المسرح العربي 1967 – 2011 دراسة في نماذج مختارة"، يناقش مجموعة من المسرحيات العربية التي استُلهمت من السير الشعبية بين عامي 1967 و2011. وتمثلت هذه المسرحيات التي تناولها الحجراوي في عشرة نصوص مختارة، هي "الزير سالم" لألفريد فرج 1967، و"أبوزيد في بلدنا" لأبوالعلا السلاموني 1969، و"حمزة العرب" لمحمد إبراهيم أبوسنة 1971، و"علي الزيبق" و"عنترة" ليسري الجندي عامي 1971 و1976، و"سهرة مع البطل الهمام أبو ليلى المهلهل" للأردني غنام غنام 1995، و"الظاهر بيبرس" لعبد العزيز حمودة 1986، و"أسفار سيف بن ذي يزن" للكاتب السوري خالد محيي الدين البرادعي 1997،و"سُعدى ومرعي" لشوقي عبدالحكيم 1999، و"الليلة الحالكة" للكاتب العماني أحمد بن سعيد الأزكي، 2010.
وترجع أهمية أطروحة الحجراوي إلى كونها تحمل على عاتقها، التأصيل لدور السير الشعبية في المسرح في البلدان العربية ككل، ودراستها بشكل موسع، وكيف أثْرَت تلك السير الحركة المسرحية العربية، وشكلت مصدرا مهما من مصادر الإبداع المسرحي العربي، بل كانت حاضرة منذ بدايته، مع نقولا النقاش في مسرحية "ربيعة بن زيد المكدم" 1849. وتكونت الأطروحة من أربعة أبواب وثمانية فصول، درس فيها الحجراوي قضايا تتعلق بالتأثر والتأثير والقصد والحجاج، حيث استعان بالمنهج التداولي، وعمل على خلق أدوات تتوافق مع هذا المنهج لتحليل النصوص المختارة، وعمل على دراسة المعنى أثناء عملية التواصل، وكيف يستعمل المتكلمون اللغة كما تقتضي التداولية في نظرياتها المتعددة "أفعال الكلام، والأفعال التداولية، والتأثير، والقصد، والسياق، والاستلزام التخاطبي، والحجاج، وأفعال الهوية، والهوية الكلامية"؛ لدرس النصوص المسرحية في بنيتها الداخلية، وكذلك في علاقاتها مع السياقات الخارجية، وكيف يتولد المعنى عند المتلقي من خلال الربط بين بنية النصوص والسياقات المختلفة؛ سواء الداخلية أو الخارجية.
وكشف الحجراوي في أطروحته عن تنوع طرائق تأثر الكتاب بالسير الشعبية في تحولها إلى جنس المسرح، وقد قسمها إلى ثلاث فئات؛ الأولى: فئة النقل، ويكون فيها التأثير بصورة مباشرة. ويكتفي فيها كُتّاب المسرح بمسرحة السير الشعبية، وتحويلها من السردية إلى اللغة الحوارية المعروفة عن المسرح. أما الفئة الثانية فهي فئة التحوير أو التعديل، ويكون فيها التأثر بينيا لا كما هي الحال في فئة النقل ولا في فئة التبديل. ويقصد بها المسرحيات التي تولدت عن السير الشعبية، غير أن المؤلفين وإن التزموا بشخوص السير الشعبية، إلا أنهم يغيّرون في الأحداث من أجل الإسقاط على الواقع. والفئة الثالثة فئة التبديل، والتأثر فيها يكون بصورة غير مباشرة، يتكئ المؤلفون فيها على السير الشعبية بدون الالتزام بأحداثها، بل أحيانا يدمجون البطل الشعبي للسيرة في الأحداث المعاصرة، الجارية بشخوص جديدة غير تلك الواردة في السيرة.
ورصد الحجراوي 237 نص متحول عن السير الشعبية، من بينها 135 نص جاءت في الفترة ما بين 1967 و2011 في أكثر من 16 دولة عربية من أصل 22 دولة، اختلفت نسبة كل دولة منها في تأثرها بالسير الشعبية، فجاءت مصر في المرتبة الأولى، وتليها بلاد الشام على رأسها لبنان وسوريا، ثم الأردن وفلسطين، وبعدها دول شمال إفريقيا، في مقدمتها تونس. وقال الباحث: "لعب العامل الجغرافي دورا أساسيا في اهتمام الدول العربية بسيرة دون أخرى، فكتّاب بلاد الشام (لبنان، سوريا، فلسطين والأردن) كانوا أكثر اهتماما بسيرة "الزير سالم" من أي سيرة أخرى، خاصة الكتّاب اللبنانيين في الفترة ما قبل الدراسة. ويرجع سبب اهتمامهم بهذه السيرة إلى أن أحداثها تدور في بلاد الشام. وأضاف: "برز اهتمام كتّاب تونس بالسيرة الهلالية خاصة شخصية "الجازية"؛ لأن الكثير من أحداث السيرة الأصلية تدور في تونس. وانصبّ تركيز كُتّاب اليمن على سيرة سيف بن ذي يزن بسبب الأصول التاريخية اليمنية لبطل السيرة.
ورصدت الأطروحة أن سيرة عنترة بن شداد كانت أكثر السير العربية استلهاما، تلتها السيرة الهلالية، ثم الزير سالم، وسيف بن ذي يزن، والظاهر بيبرس، وبصورة أقل علي الزيبق، وحمزة البهلوان، وفيروز شاه والأميرة ذات الهمة".
وأوضح الحجراوي أن أطروحته رصدت استلهام كتّاب المسرح من السير الشعبية في الستينات، وبالتحديد من عام 1967 إلى 1969 خمس مرات. وفي حقبة السبعينات سبعة عشرة مرة. وفي الثمانينات 32 مرة، وفي عقد التسعينات 38 مرة، وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين 38 مرة، وفي 2011 خمس مرات. ومن 2012 إلى 2020، 48 مرة؛ أي أن من عام 2010 إلى 2020 تجاوزت النصوص المتحولة عن السير خمسين نصا مسرحيا، وهي أعلى نسبة لعقد من العقود بثلاثة وخمسين مسرحية. ففي عام الثورات العربية 2011 تحولت السير الشعبية خمس مرات. وفي عام 2014 وحده ثماني مرات؛ ما يكشف أن ثورات الربيع العربي لعبت دورا بارزا في توجيه كتّاب المسرح نحو السير الشعبية كما كانت الحال في الفترة التي تلت نكسة 1967.
وخلصت دراسة الحجراوي إلى أن في الستينات ارتبط المسرح بالهوية أو القومية العربية؛ من خلال الدعوات التي سعت لخلق اتجاه مسرحي عربي، يرتكز على الموروث الشعبي في البلدان العربية التي بدأت مع يوسف إدريس، وتوفيق الحكيم، ومحمد مندور، وعبد القادر علولة، وسعد الله ونوس وفرحان بلبل وغيرهم. كما ركزت المسرحيات المتحولة عن السير الشعبية بكثرة، على قضية الانعزال بين الهوية الحاكمة في الدول العربية والهوية الاجتماعية الشعبية. كما عالجت مشكلات أخرى مرتبطة بصور مختلفة من الهوية؛ مثل الهوية الجندرية، والهوية العرقية والدينية، وكذلك الهوية اللغوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.