تعود المخرجة الجزائرية آمال بليدي عبر فيلمها الأخير "شبشاق مريكان" الذي تُوج بالعديد من الجوائز السينمائية، إلى العشرية السوداء، وتأثيرها على الأطفال في الجزائر. ويتطرق هذا العمل لفترة الإرهاب الذي عانت منه الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، حيث أُنتج في 2021 من طرف مؤسسة إنتاج خاصة بالتنسيق مع المركز الجزائري لتطوير السينما. وقد قُدّم في عرضه الأول بالجزائر العاصمة، في ديسمبر الماضي. وتعود المخرجة من خلال هذا الفيلم القصير، تعود بالذاكرة إلى الأحداث الأليمة للعشرية السوداء، بقصة طفلة بريئة تهوى لعبة "شبشاق مريكان"، وهي لعبة تقليدية قديمة، ترمز إلى براءة الأطفال، وتُعد واحدة من الألعاب الشعبية المهددة بالاندثار مع انتشار الألعاب الإلكترونية، وعزوف الأطفال عن اللعب في الشوارع والأزقة. المخرجة تعود بالذاكرة إلى العشرية السوداء بقصة طفلة بريئة تهوى لعبة "شبشاق مريكان"، وهي لعبة تقليدية قديمة. وفي ظل بشاعة وآلام أحداث تلك الفترة ودّعت الطفلة البريئة، فجأة، طفولتها، لتحل محلها معاناة من واقع أليم، يذكر الفيلم جوانب منها. ويروي الفيلم على مدار 26 دقيقة، قصة حدثت سنة 1995 بالعاصمة، بعدما انقلبت حياة سامية ونوارة اللتين كانتا تبلغان 12 سنة وكانتا تعيشان في سعادة وبراءة، إلى دوامة الخوف والقلق بعد اغتيال والد نوارة؛ ظنا من القتلة أنه صحافي يبحثون عنه، ثم مقتل والد سامية، لتختفي الابتسامة عن وجهيهما، ويستقر الخوف والعنف في يومياتهما، ويتغير نمط حياتهما وسلوكهما كليا. ولاتزال العشرية السوداء التي بدأت في ديسمبر 1991 وانتهت في فبراير 2002، تلقي بتداعياتها الحادة على الشعب الجزائري، وخاصة أولئك الأطفال الذين صاروا شباب الحاضر، وتمتد تأثيراتها إلى السينما الجزائرية، التي تحاول من حين لآخر، الحديث عن تلك الحقبة المؤلمة من تاريخ البلاد، سواء عبر التوثيق أو رواية قصص وأحداث مقتبسة من الواقع، فالمذابح والملاحقات التي استهدفت سكان القرى الجزائرية، لم تميز بين ذكر أو أنثى، أو بين طفل رضيع وشيخ طاعن في السن، وكانت طرق القتل في غاية الوحشية، كما كانت أصابع الاتهام موجهة إلى الجماعة الإسلامية المسلحة، التي اعترفت بنفسها، بمسؤوليتها عن أكبر المذابح، ومنها مذبحتا الرايس وبن طلحة، وكان التكفير هو المبرر الذي استعملته الجماعة! فكل جزائري لا يقاتل الحكومة كان في نظرهم كافرا يجب تصفيته! آمال بليدي المولودة سنة 1982، مخرجة وصحافية، فتحت لها جمعية "سينما وذاكرة" أبواب السينما الوثائقية، حيث تلقت تكوينا. وقامت سنة 2013 بإخراج فيلم "غدا يوم آخر" مع نبيل بوبكر، مكثفة بعد ذلك من ورشات الإبداع الوثائقي، وكتابة السيناريوهات. وفي سنة 2016 أخرجت الفيلم الوثائقي القصير "في ظل الكلمات"، الذي تم تصويره خلال الورشات الوثائقية بالعاصمة.