افتتحت محكمة العدل الدولية بلاهاي، أمس، أسبوعا من جلسات الاستماع بشأن التزامات اسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، في ظل ما يشهده قطاع غزّة من حصار صهيوني مطبق يحرم أكثر من مليوني فلسطيني من الغذاء والماء والدواء وأدنى متطلبات العيش. وقررت المحكمة عقد الجلسات استجابة لدعوى رفعتها 40 دولة منضوية في منظمة العالم الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة ضد الكيان الصهيوني، دعتها فيه إلى إصدار رأي استشاري بشأن المسؤوليات القانونية المترتبة عن إسرائيل بعدما قامت بمنع وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من العمل على أراضيها. وفي تعليقه على انطلاق هذه الجلسات قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" باسم نعيم، في تصريح على صفحته على موقع "فايسبوك" أن مخرجات جلسات محكمة العدل الدولية، حول عمل المؤسسات الدولية في فلسطين، مهمة واستراتيجية بغض النّظر عن طبيعتها، لأنها تذكر إسرائيل بأن شهادة ميلادها "السفاح" كتبت في الأممالمتحدة، وأن شرعيتها وبقاءها مرتبط بالنّظام الدولي الذي أنشأها، مشيرا إلى أن المؤسسات الدولية العاملة في فلسطين، هي جزء أصيل من هذا النّظام وتقويضها يقوّض وجود الكيان ذاته. وقدمت النرويج طلب عقد هذه الجلسات لإصدار قرار هو في الأصل غير ملزم لكنه يحمل أهمية قانونية بشأن التزامات إسرائيل في الأراضي المحتلّة تجاه "ضمان وتيسير إيصال الإمدادات اللازمة على عجل لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين دون عوائق". واستهلت جلسات الاستماع بكلمة ممثل دولة فلسطين، عمار حجازي، الذي أكد أمام الحضور أن الكيان الصهيوني يستخدم المساعدات الإنسانية كأداة حرب في غزّة، وقال حجازي، "أجبرت كافة المخابز المدعومة من الأممالمتحدة في غزّة على الإغلاق.. تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه الشرب"، مضيفا "أصبحت مباني الأممالمتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة... الجوع هنا.. يتم استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح حرب". وتستمع هيئة المحكمة التي تضم 15 قاضيا إلى مداخلات من كافة الدول المشاركة في الدعوى، حيث ستقدم 38 دولة أخرى مرافعاتها بما في ذلك الولاياتالمتحدة والصين وفرنسا وروسيا والسعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي.وعشية بدء جلسات الاستماع داخل محكمة العدل الدولية، ندّد المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني ب "مجاعة من صنع الإنسان وذات دوافع سياسية". وكانت محكمة العدل الدولية، قد أصدرت شهر جويلية الماضي، رأيا استشاريا اعتبرت فيه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" وطالبت بإنهائه في أقرب وقت ممكن. وكانت 137 دولة صوّتت نهاية العام الماضي، لصالح إحالة هذه القضية إلى محكمة العدل الدولية مقابل معارضة 12 دولة فقط. وفي مارس 2024، دعت محكمة لاهاي، إلى اتخاذ تدابير إسرائيلية جديدة للتعامل مع "المجاعة" المنتشرة في القطاع الفلسطيني بناء على طلب جنوب إفريقيا. ويتحكم الكيان الصهيوني بكل تدفقات المساعدات الدولية التي تعتبر حيوية بالنسبة ل2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزّة، الذي يعاني أزمة إنسانية غير مسبوقة، وقد قطع هذه المساعدات في الثاني مارس الماضي، قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هشّ بعد 15 شهرا من القتال. واستأنف الاحتلال عدوانه الهمجي على قطاع غزّة في 18 مارس، في خرق فادح للهدنة التي استمرت شهرين، وبرّر ذلك بسعيه لإجبار حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على إطلاق سراح الأسرى المعتقلين لدى المقاومة، والذين ما زالوا محتجزين منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع أكتوبر2023.