السيد بداري يجتمع باللجنة الوطنية للتوثيق الالكتروني    المعرض الإفريقي للتجارة البينية: رئيس أفريكسيمبنك يقف بقصر المعارض على آخر التحضيرات    معرض التجارة البينية الافريقية 2025 .. أبرز المواضيع والفعاليات في طبعة الجزائر    معرض التجارة البينية الافريقية: رئيس نيجيريا الأسبق أوباسانجو ورئيس وزراء بورندي يحلان بالجزائر    الأسير الصحراوي محمد حسنة أحمد سالم بوريال يشرع في إضراب عن الطعام    برنامج ثقافي وفني متنوع بالعاصمة لمرافقة معرض التجارة البينية الإفريقية    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 63746 شهيدا    عطاف يستقبل المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الصهيوني    تصفيات مونديال 2026: المنتخب الوطني يجري حصته التدريبية الثانية بسيدي موسى    المعرض الإفريقي للتجارة البينية: مسؤولون رفيعو المستوى وشخصيات إفريقية يصلون الجزائر    عرقاب يستقبل نائب رئيس شركة هاليبرتون    الإفراج عن مقدسيين بشروط    دارفور.. الموت على كلّ الجبهات!    بنك الجزائر ينظّم يوماً تكوينياً    الفاف تمدّد الآجال    أول قرار لإيمان خليف    الحكومة تتحرّك لاستيراد 10 آلاف حافلة    إحباط عدة محاولات تهريب وترويج للسموم    والي مستغانم يأمر بالبحث عن أنجع الحلول    مدير جديد لديوان الخدمات الجامعية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    التغطية الإعلامية الدائمة لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025    منع سير كل المركبات ذات الوزن الثقيل لمدة يومين    اضطراب ما بعد الصدمة في المجتمع الإسرائيلي 1/2    تعزيز مكانة الجزائر كوجهة سياحية واستثمارية متكاملة    الجزائر بخطى واثقة من أجل إفريقيا موحّدة    غزة تحت القصف الصهيوني المكثف والدمار الممنهج    استلام 322 هيكل تربوي جديد عبر الوطن    فتح الأرضيات التعليمية الرقمية لجامعة التكوين المتواصل    معرض التجارة البينية الإفريقية 2025: الإذاعة الوطنية تسطر برنامجا ثريا لمواكبة الحدث    شاطئ "سيدي سالم" تحفة طبيعية تنبض بالحياة    فتح منصّة طلب المنحة للطلبة الجدد    احتراق سيارتين داخل مرآب    3 طائرات لإطفاء حريق غابة "اللوحة"    إطلاق أول بطولة خلال الموسم الجديد    "المغرب يمارس الإرهاب"    انطلاق تصوير فيلم "نضالهن" من قسنطينة    عرس سينمائي شبابي يعزز السياحة والثقافة بباتنة    هذه أهم النشاطات الثقافية في المعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    بداري يعاين أشغال التهيئة جامعة هواري بومدين    دورة وهران كانت ناجحة بامتياز واختصاص كايزن لا يقل جاذبية    القفطان الجزائري.. احتفاء بثقافة متجذرة    لتعزيز الكفاءات في مجال التكافؤ الحيوي والبحث السريري..توقيع مذكرة تفاهم بين صيدال وشركة AbbVie الأمريكية    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني: اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    المملكة المغربية.. نموذج للدولة الإرهابية!    تأجيل انطلاق الموسم إلى 13 سبتمبر    تصفيات مونديال 2026: المنتخب الوطني يجري حصته التدريبية الأولى بسيدي موسى    الإدارة تظفر بخدمات الحارس فراحي والمدافع حشود    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    هكذا كان يتحدّث بن بلّة عن بومدين..    بللو يؤكد على ضرورة الاسراع في تنصيب لجنة أخلاقيات الفنان    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    لا إله إلا الله كلمة جامعة لمعاني ما جاء به جميع الرسل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيت الذكريات والجراح الصامتة
"لا كاسا" لأكسيل مونتويا
نشر في المساء يوم 14 - 05 - 2025

احتضنت قاعة السينماتيك بالجزائر عرض الفيلم الإسباني "لا كاسا"، أول عمل طويل للمخرج أكسيل مونتويا، ضمن تواصل مهرجان الفيلم الأوروبي، الذي قدّم للجمهور الجزائري تجربة حسّية وعاطفية تمسّ عمق العلاقات العائلية، وتجسّد بدقّة مشاعر الحنين، الغياب، والصمت الذي يسكن الأمكنة بعد رحيل من أحببناهم.
الفيلم مقتبس من الرواية المصورة الشهيرة للكاتب باكو روكا، ويحافظ على روحها التأملية، حيث تدور أحداثه في منزل ريفي بإسبانيا، يجتمع فيه ثلاثة إخوة بعد وفاة والدهم، من أجل ترتيب أغراضه وبيع البيت. ما يبدأ كعملية لوجستية تتحوّل شيئاً فشيئاً إلى مواجهة مع الماضي، مع الطفولة، ومع الجراح والصراعات الخفية التي لم تُحل.
«لا كاسا" ليس فيلماً عن الأسرار الكبرى أو التحولات الدراماتيكية. إنه عمل هادئ، يتنفس في تفاصيله الصغيرة، ويروي بحساسية قصة الفقد، الغياب، والرغبة في الحب والمغفرة رغم كل شيء، هو فيلم عن الأب الذي لم يقل كثيراً، وعن الإخوة الذين كبروا على خلافه، وعن البيت الذي ظل شاهداً على كل ذلك، محتفظاً بذاكرته في كل ركن وزاوية.
كلّ أخ من الإخوة الثلاثة ينظر إلى هذا المنزل من زاوية مختلفة أحدهم يرى فيه إرثاً عاطفياً يصعب التفريط فيه، والثاني يرغب في طي الصفحة والمضي قدماً، أما الثالث، فهو ممزق بين الحنين والرغبة في الاستقلال، تعكس هذه الاختلافات عمق شخصياتهم وتعقيد علاقاتهم، ويشكّل المنزل بذلك مسرحاً لاسترجاع الذكريات وإعادة النظر في ما فاتهم قوله لبعضهم البعض. تُضفي شخصية الجار العجوز، صديق الأب الراحل، لمسة إنسانية على القصة، إذ يمثل ذاكرة الحيّ ومرايا الماضي، ويشارك الإخوة ببعض الحكايات والتعليقات التي تكشف جوانب خفية من شخصية والدهم، وجوانب كانوا قد نسوها أو تجاهلوها.
يعتمد مونتويا على الإيقاع البطيء، حيث تتقدّم الأحداث عبر تفاصيل بسيطة: تشغيل راديو قديم، فتح خزانة مهملة، تنظيف حديقة مهجورة. كلّ حركة صغيرة تُعيد إلى السطح عواطف مدفونة. وتبرز براعة المخرج في التقاط الصمت، في نظرة ضائعة أو في ضوء الشمس المتسلّل إلى غرفة خاوية.
البيت في هذا العمل ليس مجرد مكان، بل هو كائن حيّ، شاهد على سنوات من الفرح، والخلافات، والصمت، والحب المكبوت، الصورة السينمائية تعتمد على الإضاءة الطبيعية، مما يمنح الفيلم طابعاً زمنياً خارجاً عن الحاضر، ويخلق جواً حميمياً يلامس المتلقي دون مبالغة درامية. أما الموسيقى، فهي خافتة، تترك مجالاً لصمت ثقيل مليء بالمعاني. أداء الممثلين، ورغم أنهم ليسوا من الوجوه المعروفة جماهيرياً، جاء صادقاً وعميقاً، فهم يجسّدون بمهارة أناسا يعيشون مشاعر متضاربة، يحملون في قلوبهم ندم الماضي، وحاجة دفينة للمصالحة. تلك المصالحة لا تأتي عبر الحوارات المباشرة، بل عبر لحظات الصمت، عبر وجودهم المشترك داخل جدران كانت تؤوي طفولتهم.
وقد لاقى الفيلم (انتاج 2024، 84 دقيقة) تفاعلاً لافتاً من الجمهور الجزائري في قاعة السينماتيك، حيث بدت التأثرات واضحة على وجوه المشاهدين، وتجلّت في التصفيق الحار بعد العرض. فالرسائل التي يحملها "لا كاسا" تتجاوز حدود اللغة والثقافة، وتلمس تجربة إنسانية عالمية العودة إلى بيت الطفولة لمواجهة الذاكرة، ومواجهة الذات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.