❊ القفطان من لباس السلاطين إلى رفيق الأفراح ❊ "الفتلة".. "العدس".. "المجبود".. "الكنتير" و"التل" فنون الطرز السحرية يعد القفطان الجزائري من أبرز رموز التراث الوطني، إذ يجمع بين الأصالة والجمال، ويعكس عبق التاريخ الممتد عبر القرون، فهو قصة وطن تتجلى في خيوط مطرزة بعناية، بخيوط الذهب، وألوان تحمل معاني الفرح والاحتفاء بالحياة، فلا يزال حضور "قفطان القاضي"، "الشرط"، و"القرفطان التلمساني" وكذا "قفطان الداي"، و"قفطان الأطلس" في قاعات في الحفلات والأعراس تشد الأنظار، ورغم كل التطورات التي شهدتها التصاميم الحديثة، يظل القفطان عنوانًا للأناقة الجزائرية الأصيلة وهوية لا تغيب. فهذا اللباس التقليدي الأصيل زي للمناسبات بامتياز، كما أنه علامة مميزة للمرأة الجزائرية، في مختلف مناطق البلاد، والتي تتفنن في ارتدائه، لإبراز هويتها والاحتفاء بجذورها الثقافية. كشف المعرض الأكاديمي للمهرجان الوطني، حول الألبسة التقليدية في طبعته السابعة، القفطان الجزائري تراث على مقاس الهوية، أن الموروث الملبسي بالمنظور الأنثروبولوجي، وثيقة تترجم تجليات الذاكرة الجماعية، وتعبر عن رؤية إبداعية وفنية، تساهم في رصد التحولات التاريخية والاجتماعية والسياسية، وحتى الاقتصادية، ليصبح هذا الموروث أداة فعالة، تحفظ للمجتمع أصالته وعمقه الحضاري. القماش من المخمل والزينة سلطاني قدم المختصون والباحثون مداخلات في مجالات عدة، على غرار تطور القفطان عبر العصور، من لباس السلاطين إلى لباس النخبة، مع التطرق إلى أنواعه المختلفة عبر الحقب الزمنية، منها "القفطان الرستمي، الزيري، الحمادي، والقفطان الزياني"، وصولا إلى القفطان العثماني. كما تم التعريف بأنماط القفطان الجزائري، على غرار" قفطان الشرط، القرفطان، الفرملة، الدلالة العنابية، (أو الخلعة)، قفطان المحيرزات، القاط والقويط، قفطان الداي، قفطان الأطلس، قفطان الكمخة، قفطان القاضي، قفطان القرنفلة، والقفطان الموبر". ويتميز القفطان بأكسسورات مكملة لجماله الأخاذ، حسبما تمت الإشارة إليه، وتتمثل في أغطية الرأس، ومنها "القطينة، الشاشية، العبروق، الصرمة، العصابة، الزروف، التقريفة واللفة". ويكتمل المشهد بارتداء حلي خاصة، تزيد من أناقته وفخامته، وهي "السلطاني، المذيبح، الشعير، الشنتوف، السخاب، كرافاش بولحية، الشوشنة وزينة الخد، الرعاشة، المقفول، المشرف، الخرص، الفرود، المقياس والمسايس، الخلخال" والخواتم الذهبية. علما أن الأزياء المسجلة في "اليونيسكو" هي "لبسة القرفطان أو الشدة التلمسانية، الملحفة، القاط والقويط، القندورة، القفطان" وملحقاتها. وقد شكل المعرض الذي احتضنه "قصر الرياس"، فرصة للتعرف على خصائص القفطان الفنية والتاريخية، بشكل يشد الأنظار ويعلق القلوب، لاسيما أن المشاركة كانت قوية من العديد من ولايات الوطن، شمال جنوب، وشرق غرب، حيث سحر جمال المصنوعات التي عرضها 14 مشاركا منهم سيدات الحضور، كما استفادت السيدات اللواتي حضرن من الورشات التكوينية في طرق الطرز التقليدي "الفتلة، العدس والمجبود والكنتر والتل"، وهي فنون الطرز بخيوط الذهب، والتي أشرفت عليها حرفيات مبدعات من ولاية عنابة. كما تم تنظيم ورشة حفظ وترميم النسيج، وكذا الطرز التقليدي بالحرير. حضور قوي في المحافل الدولية رغم أن القفطان الجزائري ارتبط لزمن طويل، بالمناسبات الكبرى، مثل الأعراس والاحتفالات الدينية، إلا أنه عرف في السنوات الأخيرة، تطورًا لافتًا. فقد عمل المصممون الشباب على تجديده بلمسات عصرية، مع الحفاظ على هويته التقليدية، ليصبح حاضرًا في المحافل الوطنية والدولية، وحتى في عروض الأزياء العالمية. وقد شد انتباهنا العروض المقدمة من المصممين، والتي شهدت تزاوجا بين الأصالة والحداثة، لتعطي تصاميم مهربة من أجمل الأزمنة، كما يتميز القفطان الجزائري بتنوع أشكاله وألوانه من منطقة إلى أخرى، ففي العاصمة الجزائرية، يبرز "قفطان القطيفة" المعروف، المطرز بخيوط الذهب والفضة، ويزين صدور العرائس بلمسات إبداعية خاصة. أما في الشرق الجزائري، فتتداخل التصاميم، حيث يغلب على القفطان التطريز الأندلسي بجماليات الفن اليدوي الدقيق والألوان الزاهية. بينما في الغرب الجزائري، يطغى القفطان المستوحى من الطابع الأندلسي الأصيل، خاصة في مدينة تلمسان، أي "القرفطان" أو "الشدة" التي تشتهر بمهارة صانعي الألبسة التقليدية. وفي الجنوب الكبير، يظهر القفطان بتأثيرات صحراوية، خفيفًا ومناسبًا للمناخ الحار، مع الاعتماد على الألوان الدافئة والزخارف البسيطة.