تملك ولاية سكيكدة التي تتربّع على شريط ساحلي على امتداد حوالي 130 كلم تقريبا والمحصورة بين البحر الأبيض المتوسط وولايات عنابة وقسنطينة وقالمة، من المؤهلات الطبيعية والكنوز السياحة والمعالم الثقافية، ما يجعلها تلعب دورا رياديا في ترقية السياحة على مدار السنة؛ كونها مدينة جذب للسياح دون منازع. ومدينة سكيكدة التي تعاقبت عليها لموقعها الاستراتيجي المطل على البحر الأبيض المتوسط، العديد من الحضارات من التواجد الفينيقي، والنوميدي الروماني، والوندالي، والبيزنطي، والعثماني، فالاحتلال الفرنسي، تبقى مدينة متفرّدة بطابعها العمراني، ببناياتها الممتدة على طول شارع ديدوش مراد المعروف بشارع الأقواس، وبأزقتها وأحيائها القديمة؛ كالسويقة، والحي الإيطالي العتيق، وحي العربي بالقبية، وبآثارها التي ماتزال شاهدة على عراقة عاصمة روسيكادا، وبجزرها العشر المحيطة بها، منها جزيرة "سيرجينا". وتتربع جزيرة سيريجينا الواقعة في الجهة الغربية من مدينة سكيكدة على بعد عدة أميال من خليج سطورة الساحر قبالة الشاطئ الكبير الجميل، على مساحة إجمالية تقدر ب6 هكتارات، بينما يبلغ أقصى ارتفاعها حوالي 42 مترا. وهي واحدة من بين أروع وأكبر جزر الساحل السكيكدي الذي يضمّ 10 جزر منتشرة هنا وهناك، ما بين كبيرة، وصغيرة ومتوسّطة. ومن مميّزات هذه الجزيرة الجميلة التي هي في الواقع عبارة عن جزيرتين صغيرتين متقاربتين يفصل بينهما ممر مائي، أنّها تحتوي على أكثر من 30 صنفا نباتيا؛ منها صنفان نادران، تؤمها على مدار السنة، أنواع كبيرة من مختلف الطيور البحرية في مقدّمتها النوارس. كما يعلو الجزيرتين منارة مربعة الشكل يعود تاريخ بنائها من قبل السلطات الاستعمارية، إلى سنة 1874، ويبلغ طولها حوالي 14.3 مترا، وبارتفاع 56.3 مترا عن سطح البحر، في حين يبلغ نطاق ضوئها حوالي 17.5 ميلا بحريا. وظيفة المنارة تنظيم حركة تحرك البواخر القادمة إلى ميناء سكيكدة. وفي سنة 1961 خضعت لعملية إعادة تهيئة شاملة. كما توجد بها بعض الآثار الرومانية والفينيقية التي تؤرّخ لعراقة المدينة، وقدمها، وأنّ سواحلها وجزرها كانت مهدا لحضارات غابرة سكنت المنطقة. كما بها شاطئ رملي، وآخر صخري تغطيه حشائش من مختلف أنواع النباتات البحرية؛ ما يُكسبه جمالا أخاذا. وعلى الرغم من صغر جزيرة "سيريجينا" إلا أنَّها تستقطب عددا معتبرا من المصطافين، لا سيما الشباب منهم، بمن فيهم السيّاح الذين يقصدونها من باب الفضول، وكذا من أجل التمتّع بسحر جمالها، وهدوئها عبر القوارب انطلاقا من ميناء سطورة. وحسب ما ذكرت العديد من الروايات، فإنّ اسم جزيرة "سيريجينا" اسم لاتيني، واسمها الروماني الأصلي هو "إنسولا ريجينا" ، والذي يعني "الجزيرة الملكة" أو "الجزرة الجميلة"، ومن ثمّة أطلق عليها هذا الاسم من قبل الرومان إعجابا بجمال الجزيرة التي شدّتهم كثيرا. أمّا الفينيقيون فأطلقوا على هذه الجزيرة اسم "رأس الخليج" بسبب موقعها على خليج سطورة، أو كما في تسمية أخرى للفينيقيين عن ترجمة حرفية للكلمة البونية المركبة "روس غونيا" في روايات أخرى. وكما جاء في كتاب "سكيكدة.. مقتطفات من الذاكرة" لصاحبه الكاتب والإعلامي خيدر أوهاب، الذي أشار إلى أنّ الفينيقيين تواجدوا بسطورة لأكثر من 1000 عام قبل الميلاد. ولأنّ جزيرة "سيريجينا" من بين أهم المكونات السياحية لعاصمة روسيكادا، كونها تُشكل عنصرا مهما في تنشيط السياحة بالمنطقة على مدار السنة كلّها، فإنّ العديد من المواطنين والمهتمين بالشأن السياحي يرون أنّه أصبح من الضروري بمكان، فتح الجزيرة في وجه السياح، وتخصيص رحلات استكشافية لها، بالإضافة إلى تطوير مرافقها لاستيعاب عدد أكبر من الزوار والسياح.