أكدت الكاتبة الإسبانية روزا مونتيرو, أن الدبلوماسية الصحراوية نجحت خلال السنوات الأخيرة في تحقيق انتصارات حقيقية على الساحة الدولية, رغم كل محاولات المغرب لتضليل الرأي العام وشراء المواقف. وأوضحت مونتيرو في مقالها بعنوان: "سادة المستحيل" نشرته صحيفة "إلباييس", أن المعارك القضائية التي خاضها الصحراويون في الاتحاد الأوروبي مثلت إحدى أهم المحطات الدبلوماسية, إذ صدرت أحكام تاريخية في 4 أكتوبر 2024 تؤكد بشكل قاطع أن المغرب لا يملك أي سيادة على الصحراء الغربية, وأن كل اتفاقياته الاقتصادية أو التجارية التي تشمل الإقليم المحتل غير قانونية. هذه السوابق - تقول مونتيرو- تعد انتصارا باهرا للدبلوماسية الصحراوية, وإدانة صريحة لمحاولات المغرب فرض أمر واقع بالقوة. كما أبرزت الكاتبة أن وجود الجمهورية الصحراوية داخل الاتحاد الإفريقي دليل آخر على فشل المغرب في طمس الهوية الوطنية الصحراوية, وأصبح ملزما بالاعتراف بوجود الدولة الصحراوية, وهو ما حول محاولاته للتأثير من الداخل إلى هزيمة سياسية, بعد أن رسخ هذا الانضمام مكانة الصحراء الغربية كعضو مؤسس وفاعل. وأشارت إلى أن الاحتلال المغربي اعتمد خلال السنوات الأخيرة على سياسة ممنهجة لزيادة أعداد المستوطنين في الأراضي الصحراوية المحتلة, قصد تحويل الصحراويين إلى أقلية داخل وطنهم, معتبرة أن هذه السياسة الاستيطانية, المدعومة بأنظمة قمع ومراقبة, تهدف إلى تغيير البنية الديمغرافية للصحراء الغربية ومسخ هويتها, وهو ما يكشف إصرار المغرب على فرض واقع استعماري بالقوة في تحد صارخ للشرعية الدولية. وأكدت الكاتبة الاسبانية أن الشعب الصحراوي قدم للعالم أروع صورة عن القدرة على التمسك بالحياة والكرامة رغم كل محاولات الاحتلال المغربي طمس هويته, فداخل المخيمات -- تضيف كاتبة المقال -- نجح الصحراويون في الحفاظ على وحدتهم الوطنية وإرادتهم الصلبة جيلا بعد جيل. وأوضحت أن الروح الإبداعية للشعب الصحراوي حولت المعاناة إلى طاقة بناء, مستشهدة بتجربة المهندس تاتيه لحبيب الذي عاد من دراسته العليا في أوروبا ليبتكر بيوتا إيكولوجية آمنة من قنينات البلاستيك, مبينة أن الصحراء الغربية ليست مجرد قضية سياسية, بل قصة شعب يصنع الحياة من أبسط الإمكانات. وأضافت مونتيرو أن هذه القدرة على الصمود والإبداع تجعل من الصحراويين شعبا استثنائيا, معتبرة أن التعرف على تجربتهم ينبغي أن يكون جزءا من المناهج التعليمية في إسبانيا, لما تحمله من دروس عميقة في الحرية والكرامة والقدرة على تحويل المستحيل إلى ممكن. واختتمت الكاتبة مقالها بالإشارة إلى مبادرات ثقافية رائدة تجسد إبداع الشعب الصحراوي وصموده, حيث سينضم هذا العام طلاب أوروبيون في مجالي الفن والتصميم إلى مشروع SandShip من أجل بناء متحف للفن في مخيمات اللاجئين. هذا الصرح -- تضيف-- سيحتضن أعمالا فنية فريدة من مختلف أنحاء العالم, ليكون منصة للتعريف بالقضية الصحراوية عبر لغة الفن. كما سيتعاون المتحف مع مشروع المهندس تاتيه لحبيب لتعزيز الحرف المستدامة وإبراز قدرة الصحراويين على تحويل الصحراء إلى فضاء للإبداع والحياة. وقالت مونتيرو: "زوروا المخيمات, فلن تنسوا أبدا هؤلاء الناس الرائعين الذين يعيشون بكرامة في الصحراء".