حذّرت وزارة الصحة في غزّة، أمس، من أن أرصدة الأدوية والمستلزمات الطبية لاتزال تتخطى مستويات كارثية بما يزيد في تعميق الكارثة الإنسانية والصحية التي يتخبط فيها سكان القطاع، والمتواصلة على أشدها رغم مرور شهرين كاملين من وقف إطلاق النار. ووفق معطيات الوزارة، فإن 55 بالمئة من قائمة الأدوية الأساسية و71 بالمئة من قوائم المستهلكات الطبية رصيدها صفر و70 بالمئة من المستهلكات المخبرية رصيدها صفر، وحذّرت من أن الأزمة تتخذ منحنيات تصاعدية مع زيادة احتياج التدخلات العلاجية للجرحى والمرضى، مشيرة إلى أن الرعاية الأولية والجراحة والعمليات والعناية المركزة والسرطان وأمراض الدم من الخدمات التي تعاني نقصا شديدا في قوائم الأدوية. وبينما أشارت إلى أن أقسام جراحة العظام والكلى والغسيل الكلوي والعيون والجراحة العامة والعمليات والعناية الفائقة تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، وطالبت وزارة الصحة الفلسطينية، بضرورة تعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين عمل الطواقم الطبية في الأقسام التخصصية وفي تصريح صحفي حذّر المدير العام للمستشفيات في قطاع غزّة، محمد زقوت، أمس، من تدهور غير مسبوق في الوضع الصحي، مؤكدا أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في منع دخول الأدوية والمستهلكات الطبية دفع المنظومة الصحية إلى حافة الانهيار حتى بعد وقف إطلاق النار. وقال زقوت، إن "تعمّد الاحتلال التضييق على دخول الإمدادات الطبية أدى إلى نفاد مخزون الأدوية الأساسية والمستهلكات بشكل شبه كامل، ما يهدد حياة آلاف المرضى والجرحى"، موضحا أن العجز الحاد في المستلزمات تسبب في شلل شبه كامل للعمليات الجراحية. وأشار إلى وجود أكثر من 20 ألف جريح بحاجة لجراحات ترميمية في العظام، في حين لا تستطيع المستشفيات إجراء عمليات إلا ل20 إلى 30 حالة فقط، كما أضاف أن عمليات أساسية للأطفال والبالغين، مثل جراحات الحصوات المرارية والكلى باتت معطلة بالكامل بسبب نفاد المستلزمات. وأشار زقوت، إلى انهيار قدرات المختبرات الطبية، حيث تفتقر مخازن وزارة الصحة لأي رصيد من محاليل تحليل الدم الأساسية، إلى جانب نقص كبير في محاليل الكيمياء بما يعيق المستشفيات العاملة جزئيا عن تقديم الخدمات التشخيصية الحيوية. وأكد أن الاحتلال يواصل إغلاق معبر رفح، مانعا سفر المرضى للعلاج في الخارج رغم حاجة أكثر من 15 ألف حالة لتحويلات عاجلة، بينما لا يتجاوز عدد الخارجين يوميا 10 إلى 15 طفلا عبر معبر "كرم أبو سالم". كما أشار إلى أن الاحتلال يمنع دخول مواد البناء اللازمة لإعادة تأهيل المستشفيات المدمرة، بما فيها المستشفى الأوروبي، المستشفى الإندونيسي في الشمال والمستشفى التركي للأورام ما يعرقل عودة هذه المرافق الحيوية للعمل. واختتم زقوت، محذّرا من أن اقتراب فصل الشتاء سيزيد من حالات الالتهابات ونزلات البرد، مما سيضاعف الضغط على منظومة صحية اصبحت شبه منهارة، مؤكدا أن الوضع الإنساني في قطاع غزّة يتجه إلى مزيد من التدهور ما لم يتم رفع القيود عن الإمدادات الطبية وفتح المعابر بشكل عاجل. وقد أكدت "أطباء بلا حدود" أن ظروف علاج المرضى والمصابين في غزّة لا تزال جد صعبة في ظل ما تعانيه مستشفيات القطاع من نقص وانعدام للأدوية والمستلزمات الطبية والجراحية. وقال مسؤول المنظمة غير حكومة، جويد عبد المنعم، في تصريح صحفي بشأن الأوضاع في مستشفيات غزّة إن "الأمر لا يزال صعبا"، مؤكدا أن "الرعاية المقدمة دون المستوى المطلوب" وأن حجم المساعدات المقدمة إلى غزّة لا يزال غير كاف. ولا تزال حكومة الاحتلال تفرض حصارا مشددا على قطاع غزّة، حيث تسمح فقط بدخول نسب جد محدودة من المساعدات الإنسانية التي لا تلبي احتياجات ما لا يقل عن مليوني و400 ألف فلسطيني محرومين من أدنى متطلبات الحياة. وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى 70 ألفا و365 شهيد وأكثر من 171 ألف مصاب أغلبيتهم من الأطفال والنّساء. منذ تولي وزير أمن الاحتلال الصهيوني "بن غفير" منصبه استشهد 110 أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال وثق موقع "عبري" استشهاد 110 أسير فلسطيني في معتقلات الاحتلال منذ تولي وزير الأمن الصهيوني المتطرف، ايتمار بن غفير منصبه والمعروف عنه عداءه وكرهه الشديد لكل ما هو فلسطيني وعربي إسلامي. وظهر هذا الوزير الصهيوني المتطرف في فيديوهات وهو يهدد الأسرى الفلسطينيين داخل زنزاناتهم الانفرادية على غرار القيادي الفلسطيني المعروف، مروان البرغوتي، في انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية التي من المفروض انها وضعت لحماية الاسرى وضمان حقوقهم. وكانت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني أفادا في وقت سابق، أن عدد الشهداء من الأسرى والمعتقلين منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة قد بلغ عتبة مئة شهيد، تم توثيق هوية 84 منهم من بينهم 50 معتقلا من غزة، ما يرفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 321 شهيد ممن جرى توثيقهم رسميا لدى المؤسسات الفلسطينية المختصة، كما أن 32 أسيرا من قطاع غزة ممن انتهت محكوميتاهم لا زالوا خلف القضبان محرومين من حريتهم. وتشكل الانتهاكات داخل السجون تشكل جزءًا من "حرب إبادة مستمرة" تهدف إلى تنفيذ عمليات إعدام بطيء بحق الأسرى، في مرحلة اعتبرتها مؤسسات الأسرى "الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية"، خاصة في ظل مساعي الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى تشريع الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين وتحويله من سياسة ميدانية إلى قانون. للإشارة فإن غالبية الأسرى والمعتقلين محتجزون دون محاكمة، بين اعتقال إداري تعسفي وبين من تصنفهم إسرائيل ضمن فئة "المقاتلين غير الشرعيين". ووفق المعطيات المحدثة حتى نهاية نوفمبر 2025، بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3368 معتقل، فيما بلغ عدد المصنفين "مقاتلين غير شرعيين" 1205 معتقل دون احتساب أعداد معتقلي غزة الذين لم تُعلن دولة الاحتلال عنهم رسميا بعد. وفي سياق متصل، أطلقت عائلة الطبيب الفلسطيني الراحل، عدنان البرش، حملة على المستويين المحلي والعالمي لاستعادة جثمانه المحتجز في سجون الاحتلال منذ استشهاده تحت التعذيب بعد أكثر من عام ونصف عام. وذكرت حرم الطبيب الشهيد، ياسمين البرش، أن الحملة تهدف إلى استرجاع جثمان زوجها، بالإضافة إلى جثامين شهداء فلسطينيين آخرين محتجزين في ما تعرف ب«مقابر الأرقام"، مطالبة جميع الجهات بالضغط على الاحتلال لتسليم الجثامين وفتح تحقيق دولي في ظروف استشهاد المعتقلين. وكان عدنان البرش، البالغ من العمر 53 عاما، من أمهر أطباء جراحة العظام في قطاع غزة ورئيس قسم العظام في مجمع "الشفاء" الطبي قبل أن تدمر المنشأة خلال الحرب. واعتقلته قوات الاحتلال داخل مستشفى العودة في منطقة "تل الزعتر" شمال غزة في أوج حرب الإبادة الصهيونية، قبل أن ينقل إلى سجون إسرائيلية مختلفة اين تعرض للتعذيب حتى ارتقى بتاريخ 19 أبريل 2024، بينما أبلغت عائلته رسميا باستشهاده في 24 من الشهر ذاته. وقال ابن أخيه، إياس البرش، إن الحملة تسعى لتخليد ذكرى عدنان وتذكير العالم بجريمة اغتياله داخل السجون، مؤكدا أن المطالبة بإعادة جثمانه للدفن بشكل كريم حق أساسي لن تتنازل عنه العائلة. وأضاف أن العائلة كانت تأمل أن يعاد الجثمان ضمن صفقة تبادل الأسرى المبرمة عبر الوساطة المصرية والقطرية والرعاية أمريكية في اطار اتفاق شرم الشيخ، لكنها لم تتلق أي إشارة على أن جثمانه من بين الجثامين المعادة. وأشار إياس إلى أن الحملة انطلقت عبر النشر والتغريد على منصات التواصل الاجتماعي للتذكير بالقضية وأنها ستمتد لتنظيم وقفات احتجاج وفعاليات ميدانية لتحقيق هدف استعادة الجثمان ومحاسبة من شارك في اغتياله وعلى رأسهم من أمر أو أتى به إلى السجون. وذكر بأن عدنان لم يكن الوحيد الذي قضى في سجون الاحتلال، حيث أن العشرات من المعتقلين الفلسطينيين استشهدوا تحت وطأة التعذيب والظروف القاسية، وأضاف أن من تبقى منهم ما يزال يعاني من ظروف اعتقال مأساوية، محملا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة وكرامة المعتقلين. وكان مسؤول في وزارة الصحة بقطاع غزة، قد حذر من جرائم مروعة ارتكبها الاحتلال بحق المعتقلين، شملت التنكيل وسرقة الأعضاء وحرق الجثامين، مستنكرا ما وصفها بقتل ميداني وتعذيب ممنهج ومشددا على أن ما وصل إلى الوزارة من جثامين يُظهر حجم الجريمة التي تستوجب تحقيقا دوليا عاجلا. وسط تنديدات واسعة للانتهاك الصارخ وغير المقبول قوات الاحتلال الصهيوني تقتحم مقر "الأونروا" في القدس اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني أمس، مقر وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في حي الشيخ جراح بمدينة القدسالمحتلة، في تعد سافر على هذه الوكالة الأممية التي سعى الاحتلال جاهدا لحلها لكن دون جدوى. وشددت "الأونروا" في بيان لها أمس، أن اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني لمقرها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية يعد "انتهاكا غير مقبول"، حيث قالت في بيان لها إن دخول قوات الاحتلال غير المصرح به وبالقوة "يعد انتهاكا غير مقبول لامتيازات وحصانات الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة". وأوضحت أن أعدادا كبيرة من القوات الصهيونية اقتحمت في ساعات الصباح الباكر مقرها الكائن بمنطقة الشيخ جراح بالقدس الشرقية، فيما شوهدت شاحنات ورافعات تدخل المقر. من جهتها أفادت محافظة القدس، بأن قوات معززة من الاحتلال اقتحمت مقر "الأونروا" عند ساعات الصباح الأولى من يوم أمس، واحتجزت موظفي الحراسة واستولت على هواتفهم، وهو ما أدى إلى انقطاع التواصل معهم وتعذّر معرفة ما يجري داخل المقر، بالتزامن مع إغلاق المنطقة بالكامل وقيام قوات الاحتلال بأعمال تفتيش واسعة طالت مرافق المبنى كافة. وقالت المحافظة في بيان لها إن اقتحام قوات الاحتلال مقر "الأونروا" يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وتعديا خطيرا على حصانة ورفعة مؤسسات الأممالمتحدة، ومخالفة واضحة لميثاق المنظمة الدولية وشروط عضويتها وقراراتها خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2730 الصادر في 24 ماي 2024، والذي يلزم الدول باحترام وحماية مؤسسات الأممالمتحدة والعاملين في المجال الإنساني بما ينطبق بشكل مباشر على الوكالة ومؤسساتها وموظفيها. وأوضحت أن هذا الاقتحام يأتي في سياق سلسلة من الاعتداءات التي نفذها مستوطنون ومسؤولون صهاينة عقب دخول قرار الاحتلال حظر عمل "الأونروا" في القدس الشرقية حيز التنفيذ بتاريخ 30 جانفي الماضي، وهو القرار الذي أدى إلى مغادرة الموظفين الدوليين للمدينة لانتهاء صلاحية التصاريح التي قدمها لهم الاحتلال، بينما لم يتواجد الموظفون المحليون في مقر الوكالة خلال الاقتحام. وأكدت المحافظة، أن القدس الشرقية أرض محتلّة بموجب القانون الدولي ولا يعترف بضمها للاحتلال، مشددة على أن استهداف وكالة أممية تعنى بخدمة اللاجئين يشكل مساسا خطيرا بالمنظومة الدولية وبصلاحيات الأممالمتحدة، وأضافت بأن هذا الاقتحام يمثل تحديا مباشرا لاعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا بأغلبية ساحقة تجديد ولاية "الأونروا" لمدى ثلاث سنوات. وبينما جددت المحافظة تأكيدها على فتوى محكمة العدل الدولية التي شددت على عدم وجود أي سيادة للكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية المحتلّة بما فيها القدس، وأنها جزء لا يتجزأ من مناطق عمليات الأونروا، دعت المجتمع الدولي إلى الانضمام إلى الموقف الفلسطيني الرافض للقرارات الصهيونية الأخيرة باعتبارها أدوات لترسيخ الاحتلال والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني. وختمت محافظة القدس بيانها بالدعوة إلى تحرك دولي عاجل لمحاسبة الكيان الصهيوني ومساءلة مسؤوليه عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية والأممية.