تبرز الطبعة 33 لمعرض الإنتاج الوطني، التي تحتضنها البناية الجديدة لقصر المعارض "صافكس"، التطوّر الذي تشهده الصناعات الجزائرية المدنية والعسكرية، كثمرة للمجهودات المبذولة لبناء نسيج صناعي مندمج ومتناسق يجمع بين المتطلبات الاقتصادية الراهنة والمستقبلية، بفضل فتح المجال أمام الابتكار والبحث العلمي الذي خُصّص له جناح كبير خلال التظاهرة. سمحت الجولة التي قامت بها "المساء" أمس، إلى أروقة معرض الإنتاج الوطني، بالاطلاع عن قرب على التنوّع والجودة التي باتت تميز الصناعات الجزائرية، وتمثل فخرا حقيقيا للبلاد. ولا يعد ذلك غريبا، كونه يرتبط بإعادة الاعتبار لصناعة قوية للجزائر المستقلة، بفضل إرادة سياسية راسخة، شدّد عليها رئيس الجمهورية لدى افتتاحه هذا الطبعة، وبدت واضحة في القرارات المتخذة لحماية الإنتاج الوطني وتشجيع الاستثمار المحلي والشراكات مع الأجانب. البداية من جناح الصناعات العسكرية الذي كان كعادته وجهة رئيسية لزوار المعرض، الذين جاؤوا وكلهم فضول للتعرف عن كثب على التطوّر المتنامي في نوعية التجهيزات المصنعة من مختلف وحدات الجيش الوطني الشعبي، من ضمنها مجمع ترقية الصناعة الميكانيكية الذي حدثنا ممثله الملازم الأول عبد الله عبد الحق، عن أهم المنتجات المعروضة، حيث أكد أن الهدف من المشاركة هو مرافقة الصناعة الوطنية الميكانيكية والحرص على تصميم وتطوير صناعة العربات والمحركات الموجهة لتلبية احتياجات وزارة الدفاع الوطني والمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني عن طريق المناولة والمناولة العكسية وإبراز قدرات المجمع والشركات الواقعة تحت وصايته، على غرار "ريميتال – الجزائر" بقسنطينة التي تصنع لعربات المدرعة المدولبة و"نمر – الجزائر "بخنشلة لصناعة العربات المدرعة الخفيفة. وتقوم الشركة بتوفير المنتجات لعدة قطاعات كالفلاحة والنقل والطاقة، بتموينها بقطع الغيار وحتى المحركات "دايملر" و"داتس" الألمانية. وجديد الطبعة هو تقديم محرك "أم تي أو" المصنوع محليا والمخصص لعربات "6x6". بدوره أكد النقيب توهامي حمزة ممثل شركة تصنيع الطائرات التابعة للقطاع الاقتصادي للجيش الوطني الشعبي في تصريح ل"المساء"، أن المؤسسة تشرف على صناعة الطائرات الموجهة للتدريب القاعدي لطياري الجيش، لاسيما طائرة "فرناس 142" ذات مقعدين وطائرة "سفير 43" بأربعة مقاعد، المصنعة بطفراوي، بنسبة إدماج تقارب 60%، و100% بالنسبة للهيكل. كما تقوم الشركة بالصيانة ومراقبة حالة القطع للطائرات والمحركات، لذا تتكون من عدة ورشات ووحدات من بينها التصنيع والمعالجة ومراجعة محركات الحوامات ووحدة تجارب المحركات، وتتعامل مع بعض الشركات المدنية في القطاعين العمومي والخاص، لاسيما للتزويد بقطع الغيار، من بينها الخطوط الجوية الجزائرية وسوناطراك. كما تستعمل الطائرات المصنعة في نوادي الطيران وللمراقبة الجوية بالحماية المدنية. على صعيد آخر، تعد مؤسسة "سيم – الجزائر" لصناعة الدرّاجات النارية بعين أزال في سطيف، مثالا لتطوّر الصناعة الجزائرية، حيث استطاعت بفضل شراكة مع علامة آسياوية متواجدة ب80 دولة، أن تصبح رائدة في صناعة الدرّاجات النارية بكل أنواعها وبنسبة إدماج تقارب 40%. وأكد أحمد بن عبد الرحمان المراقب العام للإنتاج ل"المساء"، أن مصنع الجزائر هو الأكبر في إفريقيا، بنحو 70 ألف وحدة سنويا. ويعترف محدثنا أن الإنتاج مازال بعيدا جدا عن حاجيات السوق الجزائرية، ما يحتم مضاعفة الرقم في السنوات المقبلة. وتم فتح منصة لتلقي الطلبات عبر الأنترنت ضمانا للتوزيع العادل. وتقدم الشركة مجموعة من الدرّاجات النارية بنوعية عالية، وتعمل على إشراك مؤسسات وطنية، ضمنها مؤسسة ناشئة تعاقدت معها خلال المعرض، لتلبيس الدرّاجات ثلاثية العجلات التي يمكن تحويلها إلى عربات مخصصة للاستعمال المهني، لفئة البطالين في إطار قروض "أونجام" لإنجاز مشاريع مثل ورشات ميكانيكية متنقلة أو ورشات غسل سيارات متنقلة. كما تحضر الشركة التي توظف 350 عامل لاقتحام مجال الدرّاجات الكهربائية، وينتظر أن توقع عقدا مع شركة وطنية لتصنيع الخوذات وتوقيع اتفاقيات مع مراكز التكوين والجامعات في مجال التكوين. في مجال الصناعات الإلكترومنزلية تعتبر شركة "كوندور" من الرواد محليا وخارجيا، حيث حققت خلال الطبعة خطوة جديدة بتوقيع اتفاقية مع العملاق الياباني "توشيبا" لتوزيع منتجاته بالجزائر، حيث أوضح مديرها العام صالح دعاس ل"المساء" أنه سيتم في مرحلة أولى إنتاج أجهزة تلفزيون من الطراز الرفيع بنسبة إدماج معتبرة، ضمن إنتاج إجمالي يصل إلى 600 ألف جهاز سنويا. كما وقعت الشركة بمناسبة المعرض عقدا مع العملاق الصيني "إكس فوزيون" لصناعة خوادم البيانات ذات القدرات الكبيرة موجهة إلى مراكز البيانات، سيتم إنتاجها محليا، مع توجيه جزء منها إلى التصدير. وتوجد "كوندور" حاليا، في 17 دولة، منها مصر التي دخلتها مؤخرا والسنغال حيث تعمل على تجهيز 3000 كشك بالطاقة الشمسية والأجهزة الإلكترومنزلية، كما صدرت مؤخرا مكيفات نحو إيطاليا. من جهتها، استطاعت شركة "سيراميك باتنة" تطوير منتجات عصرية في مجال الخزف الصحي والسيراميك، ما جعلها رائدة وطنيا. كما تمكّنت من التوجه نحو الأسواق الخارجية، مثلما أوضحته ل"المساء" المكلفة بالاتصال ميسون بن يمينة، التي أكدت أن آليات التصنيع المعتمدة عصرية ومبتكرة، ما مكّنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوجيه جزء من الإنتاج نحو التصدير إلى نحو 25 دولة، لاسيما بعد حصولها على شهادة إيزو 9001 في الجودة، بالرغم من اعتمادها الكامل على المواد الأولية المحلية.