عرفة علي أوصالح، واسمها الفني «نجوى»، اختارت عالم الأطفال لتبدع فيه من خلال كتابتها وتلحينها لاغان خاصة بهم وتقديمها عروضا مختلفة عبر العديد من ولايات الوطن، تتأسف في لقائها مع «المساء» لوضع أغنية الطفل وثقافة الطفل عموما بالجزائر، وتتمنى ان يتم الاستثمار في هذا المجال بقوة لا سيما عبر إنشاء قناة خاصة بالأطفال، وذلك قبل فوات الأوان وابتعاد أجيال عن تراثهم وثقافتهم واستبدالها بأخرى قد تحمل في طياتها خطرا على البلاد... «المساء»: من هي «نجوى الفنانة»؟ نجوى: اسمي الحقيقي هو عرفة علي أوصالح وقد سمتني أمي «نجوى» بعد أن شاهدت فيلما عربيا فيه حوار عن النجوى، وأؤكد على هذا لان البعض يعتقد أنني أخذت اسم «ماما نجوى» المنشطة الشهيرة لبرامج الأطفال التي أحييها بالمناسبة واشكرها على النصائح الكثيرة التي تسديها لي، واتاسف لاستبعادها عن ميدان الطفولة في الجزائر. اعمل حاليا كمربية في مصلحة الترفيه التربوي بمستشفى مصطفى باشا، باعتباري عضوا في رابطة الترفيه التربوي لمستشفيات ولاية الجزائر التي ترأسها السيدة شابي والتي كانت وراء إنشاء أول مصلحة من هذا النوع في 1973، وقد ساعدني تكويني في مجال تربية الطفل في أداء هذا العمل لأني أدركت انه لابد من التكون، لا سيما في مجال علم نفس الطفل حتى يكون عملي متكاملا. ماذا عن المجال الفني؟ ^ أنا اعمل في مجال أغنية الطفل، اكتب الكلمات وألحن للأطفال، وأفعل ذلك حتى للكبار لأني أحب الشعبي والعاصمي وكل الطبوع الجزائرية عموما، درست في معهد الموسيقى، لأحقق موهبة ظهرت منذ سن التاسعة حيث تأثرت كثيرا بالأشعار التي كانت أختي أمينة تكتبها وقررت ان افعل مثلها، وقد ساعدني الجو العائلي الذي كان مشبعا بالفن على ولوج هذا العالم، فأبي كان صديقا لعمي محمد الباجي رحمة الله عليه الذي أهداني قيتارة وبيانو وأنا صغيرة، كما ان أخي زين الدين المعروف ب«زينو» الذي كان صحافيا بجريدة ليبرتي قبل ان تغتاله أيادي الغدر في 1995، كان يشجعني كثيرا على الكتابة والغناء، لا سيما بعد ان سمع صوتي في القعدات التي كنا ننظمها بالبيت، انه اذا الجو الذي ربى في حب الفن الجزائري. كيف كانت البداية الفعلية ومتى كتبت أول أغنية؟ ^ قبل انضمامي إلى فريق العمل بمستشفى مصطفى باشا، كنت أقوم بالتنشيط في المخيمات الصيفية، وأتذكر ان أول أغنية كتبتها تمت عندما علمت أن هناك فوجا من الأطفال المنتمين إلى عائلات مغتربة سينضم إلى المخيم، فألفت أغنية لهم بعنوان « هايلة هايلة جزائر بلاد النور» قلت فيها «يا منشط وين تروح ما تنساش تديني معاك، تحوس بي بلاد النور، الجزائر بلاد العربان، نزوروا القصبة وباب الواد ومقام علي لا بوانت اللي حكاو لي عليها الجدود، الجزائر بلاد الشجعان»، وكان هدفي هو ان يعرف هؤلاء تاريخ بلادهم بأسلوب يختلط فيه التثقيف والترفيه، لكن يجب علي القول ان الأطفال هم الذين دفعوني للوقوف على المنصة فمن خلال عملي مع الرابطة والسيدتين شابي ومحمديوة اللتين أحييهما على الجهود الكبيرة التي تبذلانها في هذا المجال، طلب مني الأولياء ان أسجل لهم الأغاني التي أقدمها،ومن هنا جاءت فكرة الدخول إلى استوديو التسجيل في 2003 بإمكانياتي الخاصة، والجميل ان الأطفال المرضى هم الذين شكلوا الجوق الذي رافقني، بل أنهم كتبوا بعض الأغاني التي لحنتها، وفي الحفلات يغنون معي.. أردت من خلال ذلك ان أبرهن لهم بأنه بإمكانهم ان يعطوا اشياء كثيرة حتى وان كانوا مرضى. ماذا عن مشاريعك الحالية؟ ^ حاليا أحضر عملا مشتركا مع رجاء مزيان التي تحصلت على المرتبة الثانية في الحان وشباب، يتضمن أغاني من تراثنا الجزائري بالتعاون مع توفيق عامر الغني عن كل تعريف، والذي اعتبره من الموسيقيين الهامين في الجزائر، شخصيا ارتاح للعمل معه سواء تعلق الأمر بأعمال خاصة بالكبار أو الأطفال، فالتهذيب الموسيقي للأطفال مثلا يتطلب معرفة جيدة بهذا المجال وتوفيق عامر يفهم ما اريده تماما، فالزمان تغير والطفل اليوم يستمع إلى إيقاعات مختلفة، لذا أحاول التنويع، فعلى سبيل المثال أدخلت القناوي في أغنية «باري يا باري يا رقاد الدراري»، حتى يتعرف الطفل على ثقافته الجزائرية لأننا نملك تراثا لا يجب ان يزول وهذا ما أتمناه. ماهي طموحاتك وأحلامك في مجال أغاني الأطفال؟ ^ أتمنى ان احصل أولا على عمل دائم يمكنني من الاستقرار وتوفير الإمكانيات التي تمكنني من تسجيل منتجاتي، حاليا أساعد نفسي بإقامة الأعراس وبعض العروض التي للأسف لا تعطي مقابلا محترما للفنان، فمجال الطفل ينظر إليه على انه ثانوي، لذا أرجو ان يكون العاملون في هذا المجال مختصين، وان تكون هناك سياسة واضحة لدعم إنتاج المواد الخاصة بالطفل، فهي متوفرة ببلادنا لكن إحجام الناشرين عن الاستثمار فيها بمبرر أنها منتجات خاسرة لا يمكن تطويرها، وأنا أتساءل أتوجد خسارة أكبر من الأشياء التي يسمعها الطفل حاليا؟ فحتى بعض عروض البهلوان خالية من أي محتوى ولا نجد فيها إلا الصراخ وأحيانا كلام الشارع، لا يجب ان نستخف بعقول أطفالنا، فليس من هب ودب يمكنه ان يعمل في هذا المجال، لذا اشدد على إنشاء قناة للأطفال يعمل بها مختصون وبيداغوجيون، لنتمكن من انجاز برامج قيمة مثل الحديقة الساحرة أو جنة الأطفال، فما يشاهده الأطفال اليوم في التلفزيونات الأجنبية يخدم ثقافات أخرى، في الوقت الذي تقدم لنا عروضا من الخارج لتطوير موادنا وهذا ما يؤسف له لأننا نريد ان نعمل ببلدنا. كما أتاسف لتصرفات بعض الأولياء الذين لا يقدرون المواد التربوية التي تقدم للأطفال ولا يبحثون إلا عن الإيقاع الراقص وأقول ان هؤلاء محتاجون لإعادة رسكلة، لأنهم لا يقدمون المثل لأبنائهم، بالمقابل احيي أولياء آخرين يدركون أهمية ما نقدم، لا سيما خارج العاصمة حيث أعطيت عروضا رائعة، رغم بعض النقائص في تنظيم الحفلات والعروض، لا سيما في جانبها التقني والتي تنعكس على عملنا. ما أتمناه كذلك هو تمثيل بلدي في مجال أغنية الأطفال بالخارج حتى نبرز التراث الجزائري الكبير، لذا لابد من تطوير منتجات جزائرية محضة. كما أريد ان الفت الانتباه إلى أهمية اختيار محتويات موسيقية مناسبة للأطفال في الرياض لأن ما يقدم حاليا بعضه مضر بصحة الطفل لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار طبيعة الحبال الصوتية للطفل الذي يحتاج إلى أغان بكلمات وإيقاعات بسيطة. ماذا تقولين اليوم عن رحيل أخيك «زينو»؟ ^ زين الدين كان صحافيا بجريدة ليبرتي واغتيل في 1995، لم يرد مغادرة البلاد رغم التهديدات، لأنه أحب الجزائر، كان يقول لي دوما غني عن الجزائر، لذا كتبت أغنية بعنوان «حورية الجزائر»، فلطالما سمعت أمي المجاهدة تحكي عن ثمن الحرية التي تنطقها «حورية» مثل سكان العاصمة، لأذكر الأطفال بأهمية حب الوطن وحمايته.