يحتضن مركز التسلية العلمية إلى غاية نهاية هذا الشهر، فعاليات معرض الفنان محمد ماسن، الذي يحمل عنوان “جوع.. وضجر”، يعكس تقنيات فن التركيب والاسترجاع. يحوي المعرض حوالي 50 قطعة فنية أنجزها هذا الفنان العصامي في سنة 2013. البداية مع الأقراص المعلقة على امتداد جدران المعرض وكلها ذات خلفية سوداء رسمت عليها بعض الخطوط بالأحمر تبدو الخطوط مثل قوام مادة مسكوبة. الخلفية السوداء تعني عند الفنان، الإحساس بالخوف، بينما الأحمر هو دوما رمز للأمل والتفاؤل والبهجة. كتبت على هذه الأقراص (باللون الأبيض) بعض الحكم المأثورة أو أقوال لفنانين وكتاب وفلاسفة، منها مثلا أن “الفن أرقى أشكال الأمل” للكاتب جيرار ريتشار، في قرص آخر كتبت عبارة لنايل ماكل تقول “متحف كبير هو أكثر من ذاكرة، إذ أنه أداة ضد الإقصاء”. يتوسط المعرض قرص جاءت فيه عبارة للرسام بيكاسو قالها لأحد الفنانين الشباب وهو كيجيو، جاء فيها “حذار، أنتم أيها الشباب تطلبون الكثير لإنجاز لوحة، وأقول لك إذا لم تعرف فعل كل شيء من لا شيء إذن فلا يمكنك فعل شيء من كل شيء، أعطني ورقة وريشة وسأهبك العالم”. للإشارة، فإن شعار المعرض مقتبس من حكمة قالها الفيلسوف جون دوبوفي تقول “دون خبز يموت الإنسان جوعا، وبدون فن يموت الإنسان ضجرا”. كما استحضر الفنان بعض الحكم التي قالها بعض الفنانين والكتاب الجزائريين، منهم مثلا رشيد ميموني، إضافة إلي تسجيله بعض التجارب والحكم التي اكتسبها في حياته، حيث كتب في أحد الأقراص، أن “الفن يعني الصدق والحقيقة وهو أيضا رؤية اجتماعية”. بالمعرض أيضا الكثير من المجسمات المعدنية. هي عبارة عن مسترجعات بعض المعامل العمومية، بالنسبة للفنان فقد سمى فن الاسترجاع ب “خورد فن”.. أي ذلك الفن الذي يولد من” الخردة”، والذي يحاول هو بحسه أن يعطيه روحا جديدة ليس لها علاقة بالقيمة المادية المتداولة في سوق المعادن. يطرح الفنان من خلال هذه المجسمات عدة مواضيع اجتماعية منها الأثرياء الجدد في مجسم “بوشكارة”، وهو طيف شخص معدني يحمل كيس خبز، مجسم آخر للاعب ملتو لا معالم له برجله كرة صغيرة يعكس هزالة المردود الرياضي عندنا، مجسم آخر لقرد ولمساره في تنقله الأفقي على الشجر، كتبت عليه حكمة إفريقية تقول “كلما صعد القرد أكثر كلما ظهرت عورته أكثر” وهو رمز للوصولية، مجسم “صب ما لحسناش” يعرض ظاهرة الرشوة... وتتوالى المجسمات المعدنية ذات المواضيع المختلفة. كما عرضت أطر فارغة وضعت عليها ريشة طلاء. ما يلاحظ أن أعمال الفنان تشد الزائرين ولو بقراءة ما كتب عليها، كما أن هناك سر في حرص الجميع على الوقوف أمام كل محتويات المعرض، فكل مجسم أو قرص يدفع بقوة خفية مشاهده إلى العمل الذي يليه وهكذا... ما أدهش الزوار هو الحضور المكثف لأكياس الخبز التي استرجعها الفنان من مزابل محيطه الحضري، بعضها وضعه في قلب بعض الأقراص والعشرات المتبقية وضعت مكدسة في أحد أركان المعرض، وحضور الخبز دليل على مطلب بيولوجي عند الإنسان يضمن له الحياة، ليؤكد الفنان أن أهمية الخبز نفسها بالنسبة لأهمية الفن. للتذكير، فإن الفنان محمد ماسن يعرض منذ 1998 بالجزائر وأوربا متحصل على جائزة مؤسسة عسلة، ويتميز بالسخرية البناءة والجادة.