الولايات المتحدة تنشئ قوة طلائعية للتدخل في منطقة شمال إفريقيا كشفت وزارة الدفاع الأمريكية، وصول أولى طلائع وحدات "المارينز" إلى إحدى قواعدها العسكرية في جنوبإسبانيا لتكون نواة التدخل السريع في شمال إفريقيا بدعوى حماية رعاياها ومرافقها في المنطقة. وأكدت شبكة "سي. أن. أن" التلفزيونية الأمريكية، أنّ هذه القوة ستتخذ من قاعدة مورون الجوية الأمريكية في جنوبإسبانيا مقرا لها، بما يتيح لها الوصول إلى شمال إفريقيا في الوقت المناسب، بمبرر أن الأخطار الأمنية على مصالحها تزايدت منذ الهجوم الذي استهدف مقر قنصليتها بمدينة بنغازي سبتمبر الماضي، وأدى إلى مقتل سفيرها كريس ستيفنز وثلاثة من موظفي الممثلية الدبلوماسية هناك. وحسب مصادر عسكرية أمريكية، فإن القوة الجديدة ستكون قادرة على التحرك جوا بمجرد تلقيها الأوامر ضمن خطة عسكرية وضعها البنتاغون من أجل امتلاك قدرة الرد السريع على المخاطر الأمنية. وأضافت المصادر، أن المهام المعلنة لهذه القوات تضم حماية البعثات الدبلوماسية والرعايا الأمريكيين وإجلائهم عند الحاجة، ولكن غير المعلن من هذه القوة، أنّ الولاياتالمتحدة تريد أن تضع منطقة شمال إفريقيا وحتى منطقة الساحل تحت أعينها، بعد أن فشلت إلى حد الآن في إيجاد دولة إفريقية تحتضن قيادة قواتها في إفريقيا(افريكوم) التي مازالت إلى حد الآن في مدينة شتوتغارد الألمانية. وهي بالإضافة إلى ذلك، أرادت توجيه رسالة ضمنية إلى فرنسا، لتأكيد درجة الاهتمام الذي توليه لكل ما يجري في المنطقة وأن أهمية القارة الإفريقية في تزايد بالنسبة لها، وأنها لن تكون من الآن فصاعدا حكرا على القوى الاستعمارية التقليدية ولا حتى الصين والهند. كما أن إقدام الولاياتالمتحدة على وضع هذه القوة على بعد قريب من القارة الإفريقية، يؤكد أنّ واشنطن لا تريد ترك المجال مفتوحا أمام فرنسا التي تسعى إلى الاستئثار بدور طلائعي في القارة عبر منطقة الساحل، وعملية "سيرفال" التي شرعت فيها في الحادي عشر جانفي الأخير مستغلة في ذلك الأزمة الأمنية المالية . والأكثر من ذلك، فإن الإدارة الأمريكية أرادت أن تجعل من حوالي 500 جندي الذين اختارتهم للذهاب إلى قاعدة مورون، قوة طلائعية للتدخل في دول المنطقة دون علمها ورغما عنها. مما يؤكد أن الولاياتالمتحدة تسعى فعلا إلى فرض منطق جديد على دول القارة الإفريقية، وبشكل أكبر في شمالها كونه يشكل أكبر منطقة إستراتيجيه في العالم. وهو ما يفسر السرعة التي تعاملت بها الولاياتالمتحدة مع هذه القوة التي قررت تشكيلها بداية الشهر الجاري، وأمرت بنشر عناصرها مباشرة بعد ذلك، بما يؤكد درجة الأهمية التي توليها واشنطن لتسارع الأحداث في منطقة الساحل وشمال إفريقيا، رغبة منها في عدم ترك الفرصة متاحة لخصومها من الدول الكبرى، في منطقة تضم أكبر الاحتياطات العالمية من مختلف المواد الحيوية من نفط وغاز وأورانيوم ووصولا إلى مواد التكنولوجيات الدقيقة، التي تعد إفريقيا أهم مصدر لها، وبما يجعلها محل صراع وتنافس شرس بين القوى الكبرى مستقبلا.