قفة رمضان هي مشروع خيري، أصبح سنّة حميدة تتكرّر في كل عام، الهدف منه مساعدة الأسر الفقيرة ذات الدخل المحدود أو تلك الأسر التي لا معيل لها بعد الله إلاّ ذوو البر والإحسان، فبعد أن كانت الدولة وحدها المموّل لهذا العمل الخيري الذي هو لصالح المحتاجين والمعوزين، أصبح الكل يساهم في هذه التجارة المربحة عند الله تعالى، وعلى رأس المساهمين رجال المال والأعمال، الذين باتوا يوزعون هذه القفة مرات بدل مرة، يتصيدون الفقراء، ليكون بذلك في أموالهم حق للسائل والمحروم في شهر الخير والكرم.. فجميل أن نرى المقتدر يساعد أخاه الفقير ويمنحه مما أعطاه الله نصيبا، لكن الأجمل أن تكون هذه الالتفاتة بنيّة خالصة بعيدة عن التعالي والرياء والمن والأذى؛ تبعا لنهيه عز وجل عن ذلك في كتابه العزيز؛ إذ يقول: «يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ». (سورة البقرة الآية 264) فالأعمال الصالحة إذا شابتها شائبة أفسدتها وأبطلتها، ومن مفسداتها: المنّ والأذى والرياء، فمَثل صاحبها وبطلان عمله كمثل صفوان، وهو الحجر الأملس عليه تراب، فأصابه وابل، وهو المطر الشديد، فتركه صلدا لا شيء عليه. من بين مفاتيح الخير الصدقة، التي لا يجب تضييعها بما يبطلها، فإذا فتحنا نحن بواسطة هذا المفتاح باب التفريج على غيرنا ممن هم بأمسّ الحاجة لمساعدتنا، كان رضا الله جزاءنا، وهو أغلى مبتغى... لكن إن أردنا أن يرضى الله عنّا ويتقبل صدقاتنا فلا بد من إعطائها خالصة دون فخر أو منّ أو رياء، ولنتذكر أنّ المال مال الله وما نحن إلا عبيده، وهو الغني ونحن الفقراء..