معهد مغربي يحذر من تداعيات تصاعد الرفض الشعبي للتطبيع مع الكيان الصهيوني    المخابرات المغربية تنفذ مخططات لزعزعة استقرار المنطقة بدعم أجنبي    انطلاق فعاليات المؤتمر الكشفي العربي ال 24 للمرشدات    وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية تساهم في تنشيط المخيمات الصيفية ببرنامج تربوي وتوعوي    سباحة/الطبعة الثالثة لسباق "عبور خليج الجزائر" : مشاركة أكثر من 180 سباح وسباحة تتراوح اعمارهم بين 14 و 68 سنة    معسكر: جثمان المجاهد بوفراح عبد القادر يوارى الثرى    صندوق النقد العربي يتوقع نمو الاقتصادات العربية ب 8ر3 بالمائة في 2025    الانتهاء من عملية نقل ملكية طيران الطاسيلي إلى الخطوط الجوية الجزائرية    توجيه أكثر من 5300 طالب جديد إلى جامعة العلوم والتكنولوجيا بوهران    بطولة العالم للكرة الطائرة لأقل من 21 اناث /المجموعة 3-الجولة الثالثة: المنتخب الجزائري ينهزم أمام جمهورية التشيك 3-0    دراجة الطريق/ترتيب الفرق الوطنية الأفريقية: الجزائر ترتقي الي الصف الثاني قاريا    الصين تحث الكيان الصهيوني على التوقف الفوري عن قرار إعادة احتلال غزة    الهلال الاحمر الجزائري يطلق حملة وطنية للتكوين في الاسعافات الاولية    طابع شخصي وصارم لمنحة السفر    سعيود يشدد على تدعيم أسطول لوجيترانس    أسطوانة مشروخة    دعوةٌ إلى تنظيم حوار وطني شامل    الدرك يوقف 6 أشخاص في قضية قتل    تيزي وزو حقّقت قفزة نوعية نحو سياحة متكاملة ومتنوّعة    نشاط الحلواجيات ينتعش في الصّيف    التأكيد على تعزيز الإنتاج.. والتوجه نحو التصدير    بلمهدي يهدي موسى مصحف الجزائر    مزيان يوقّع على سجل التعازي    مُنعرج جديد في علاقة الجزائر بفرنسا    التحلّي بالجدّية ومواصلة مسيرة الاجتهاد    الجزائر تتوّج بثلاث ميداليات في كوريا الجنوبية    تكثيف الاستكشافات الغازية لضمان التموين الطاقوي الوطني والدولي    التسجيلات النهائية لحاملي البكالوريا الجدد بصفر ورق    استعداد دائم لسلاح الجو لتحقيق الحسم والردع    انطلاق الطبعة الثانية لمعرض كتاب الطفل بمنتزه الصابلات    معرض التجارة البينية بالجزائر يبرز القدرات الاقتصادية لإفريقيا    توجه الخواص لإنتاج المواد الصيدلانية يقلص فاتورة الاستيراد    وقفة لإحياء مسيرة أثرت ثورة التحرير    حذار... مخاطر كثيرة تحدق بالأبناء    احتراق شقة    الحماية المدنية تحسس الفلاحين    مدرب أينتراخت فرانكفورت يشيد بشايبي    سهرات فنية وموسيقية تُنير ليالي عنابة    بيتكوفيتش يراقب نجوم "الخضر" في "الشان"    كتيبة بوقرة تظهر نية الذهاب بعيدا في "الشان"    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" تفتتح بالجزائر العاصمة    المخزن منح اللوبيات الغربية أموالاً طائلة    سيدي بلعباس: افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي    انطلاق الطبعة الثانية للمعرض الوطني لكتاب الطفل بمنتزه الصابلات بالعاصمة    التأكيد على ضرورة توجه الخواص في المجال الصيدلاني نحو انتاج المواد الاولية بالشراكة مع مجمع "صيدال"    التأكيد على تعزيز الإنتاج الصيدلاني بالأدوية المبتكرة والتوجه نحو التصدير    تكريم خاصّ للرئيس تبّون    فرنسا تنحني فاشلة أمام الجزائر ودبلوماسيتها    رامول يقدّم "المشاريع النهضوية العربية المعاصرة"    الطبعة السابعة تحت شعار "القفطان الجزائري، تراث على مقاس الهوية" الاعلان عن مسابقة قفطان التحدي 2025 : بالمهرجان الوطني للزي التقليدي الجزائري    ملتقى الأدب الشعبي في عصر الذكاء الاصطناعي : رؤى جديدة حول كيفية دمج التقنيات الحديثة في صون الذاكرة الثقافية الوطنية    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    "أنس بن مالك" .. خادم رسول الله وصاحبه    الديوان الوطني للحج والعمرة : مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    اعتراف إفريقي بنجاح دورة الجزائر    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أولئك الذين لا يتكررون..!
نشر في المساء يوم 28 - 08 - 2013

ظللتُ على مدى العقود الماضية مؤمنا بأن حمَلة الشهادات العليا أو الذين أوتوا حظا من التعليم العالي، هم أبعد ما يكونون في الوقوع في الفخاخ التي ينصّبها الجهلاء هنا وهناك. وما كان أشد سذاجتي حين اكتشفت خلال العقدين الأخيرين، أن أولئك الذين عوّلت عليهم في هذا الشأن ظلوا يفتقرون إلى أرضية فكرية صلبة يقفون عليها، ثم ينطلقون منها واثقين من أنفسهم صوب هذا العالم العريض لتطويعه.
ولقد أُصبت بما يشبه الزلزلة عندما قيل في مطلع التسعينات من القرن الماضي، إن أحد المهندسين في الإعلام الآلي بمدينة جزائرية عريقة في العلم، كان يتلقى أوامره من إسكافي ينصّب دكانته المتنقلة في زاوية من زوايا تلك المدينة الأصيلة. وكان ذلك المهندس مناضلا في الجبهة الإسلامية المحظورة. وقد أردت التثبت مما قيل لي يومها بشأن تلك الواقعة العجيبة، لكنني عندما رأيت سيل الدماء في بلادي بدأت أتخلى عن سذاجتي تلك بعد أن صاحبتني عقودا من الزمن.
ما ظننت يوما أن حاملي الشهادات الجامعية العليا قد يرتكبون أبشع المجازر في حقوق شعوبهم التي دفعت الغالي والنفيس من أجل تعليمهم، إما في عقر ديارهم وإما في كبريات الجامعات العالمية. وقد ثبت لي بعد ذلك أن معظمهم تقوقعوا على أنفسهم وراء طلاء براق، وأنهم مستعدون في أية لحظة لكي يعودوا إلى الجهل الذي ضرب أطنابه في مجتمعاتهم.
الشهادات العليا في هذا العالم العربي تفتقر في معظمها إلى التناغم والتناسق مع المجتمعات العربية. وأنا في هذا الشأن لا أستثني إلا القليلين من حمَلة تلك الشهادات؛ أي من أولئك الذين سفحوا دماءهم وتعذبوا من أجل تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي المرير الذي تتخبط فيه مجتمعاتهم.
الدكتور الفلاني، والمفكر الفلتاني، والشاعرة الفلانية، والروائي الفلاني، ليسوا في حقيقة الأمر إلا أناسا ارتدوا أحدث الأزياء القادمة من الخارج، ووضعوا أربطة العنق المزركشة، ورفعوا أصواتا منكرة كاذبة في العديد من الأحيان. والواقع العربي يثبت لي ذلك بما لا يدع مجالا للشك.
الدكتور الفلاني الذي يعيش في باريس وينادي بتحرير سوريا هو في حقيقة الأمر تاجر أفكار تَجنّس بالجنسية الفرنسية، وعاش طيلة أيامه بعيدا عن عذاب الشعب السوري. وأنا لا أريد في هذا الشأن ذكر اسمه؛ لأنني أربأ بنفسي عن ذلك، والناس كلهم يعرفونه. فرنسا أعطته قطاعا علميا عريضا في أحد مختبراتها الاجتماعية بباريس، وهو ينادي بتحرير سوريا، ولكن دون أن يضع قدما في أرض بلاده.
وحاكم سوريا الحالي يحمل شهادة الدكتوراه في الطب أيضا، لكنه لا يتردد في قنبلة أبناء بلده!
والدكتور محمد مرسي، ذلك الذي كان رئيسا لمصر لعام واحد، لا يشذ عن هذه القاعدة من حملة الدكتوراه الذين يتنكرون لشعوبهم ولا يترددون في سفك الدماء!
هذه الخريطة المشبوهة من حمَلة الدكتوراه هي في جميع العالم العربي! ولذلك بتُّ مؤمنا بأن تلك الشهادات إنما هي شهادات "تراكتورات" صدئة، تفتّت بجنازيرها الصدئة عظام المقهورين من العرب وتزيدهم قهرا على قهر!
فارحمونا أيها القوم من هذه الصفة التي صارت بذيئة، وأعني بها صفة "الدكتوراه"، التي ما ناسبت في يوم من الأيام واقعنا المرير، اللهم إلا من استثناءات قليلة جدا!
طه حسين لن يتكرر، وزكي نجيب محمود لن يتكرر، وعابد الجابري لن يتكرر، وعبد الله الركيبي لن يتكرر، وأبو القاسم سعد الله لن يتكرر، وشكري فيصل لن يتكرر، ومصطفى مشرفة لن يتكرر، وعبد العزيز المقالح لن يتكرر، وقسطنطين زريق لن يتكرر، والعشرات من النوابغ لن يتكرروا أيضا،
إنما يتكرر في عصرنا هذا المهندس في الإعلام الآلي، ذلك الذي يأتمر بإمرة الإسكافي.
إنما يتكرر في عصرنا هذا الحاكم، حامل الدكتوراه، ذلك الذي يقتل شعبه.
إنما يتكرر في عصرنا هذا أولئك الذين يحملون شهادات عالية لكنهم لا يقفون على أرضية فكرية عريقة، هي أرضية أجدادهم وأسلافهم وأرضية العلم الصحيح في هذا الزمن! فارحمونا، بربكم، من هذه الصفة البذيئة، صفة الشهادات العليا التي يرتكب حمَلتها أبشع المناكير!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.