كشفت الدكتورة صورية بوعسلة أخصائية في الصحة العمومية والتربية الصحية، أن الجزائريين يستهلكون ما يزيد عن 48 مليون خبزة يوميا، هذا الرقم يجعلهم من أكبر مستهلكي هذه المادة في العالم، أي بمعدل ثلاث خبزات للفرد الواحد. وأضافت المتحدثة أن ليس كل ما يشترى يستهلك، إذ سجلت بعض الإحصائيات أن خبزة من أصل اثنتين مصيرها القمامة، كما شددت الخبيرة على أن استهلاكه المفرط يهدد بالإصابة بالسكري، بالتالي حذرت من “الإدمان” على الخبز. تشير بعض الأوساط إلى أن استهلاك الخبز في الجزائر يصل إلى مليار وحدة خلال شهر رمضان، هذا الرقم ضخم مقارنة ب35 مليون نسمة، وقد يكون سببا في تضاعف هذا العدد الصيام وشهوة الأكل. أصبح الخبز يرافق كل طبق، حيث جعله الجزائري عنصرا مقدسا على الطاولة، ومثيرا للحساسية في المجتمع، لأنه يعد من المواد الأساسية التي لابد أن تتوفر على مدار اليوم، وغيابه يؤدي إلى إحداث حالة طوارئ، كما أنه رفيق في البؤس. هذه العلاقة الوطيدة بين مشتق القمح والفرد راجعة إلى الثقافة الاستهلاكية منذ سنين عديدة، كما أشارت إليه الدكتورة بوعسلة. ويعتبره الجزائري “النعمة”، فكثيرا ما نشاهد لقطة شاب ينحني ليلتقط قطعة الخبز الملقاة على الأرض، يقبلها ويضعها بعيدا عن الطريق. ولأن بعض المواطنين يفتقرون إلى الموارد المالية التي تمكنهم من استهلاك الفواكه، الخضر الموسمية، الأجبان، اللحوم الحمراء أو البيضاء ولاسيما الأسماك..، يبقى الخبز الغذاء الوحيد المتاح لذوي الميزانيات المتواضعة، فيضطر الفرد إلى استهلاك كمية كبيرة منه لملء بطنه. صورة يتقاسمها معظم الجزائريين، إن لم نقل كلهم، هي أن أول ما يقوم به أغلبية أرباب الأسر عند خروجهم من البيت، الاتجاه نحو مخابز الحي واقتناء ما تحتاج إليه العائلة من الخبز أو قد تفوق الكمية الإشباع. تعوّد المواطن على شراء ما يفوق استهلاكه... هذا ما تترجمه أكياس الخبز “اليابس” هنا وهناك، آخذا من مكبات القمامة محلا له في مختلف الشوارع ليبقى، حسب بعض الأوساط، المادة التي تبذّر بشكل كبير عندنا. إلا أن استهلاك هذه “النعمة” يمكن أن يتحول إلى نقمة عند تناولها بكميات مفرطة، لما تسببه من مضاعفات صحية، حيث دقت المختصة في الصحة العمومية ناقوس الخطر، في ظل اتباع سلوكيات وعادات سلبية تهددنا بخطر الإصابة بمر ض السكري. وأوضحت الدكتورة أن جسم الفرد بحاجة إلى نظام غذائي متنوع، وأكدت أن للخبز منافع كبيرة باعتباره مصدر طاقة ومفيد لصحة الفرد، يحتوي على ألياف غذائية، بروتينات ومعادن مثل المغنيسيوم والحديد وكذا الفيتامينات، خاصة فيتامين “ب”، لكن لابد أن تختلف الكميات حسب الطاقة المبذولة في اليوم، بحيث يجب أن تكون هناك علاقة بين كمية الغذاء والحركة التي يقوم بها الفرد، وإذا كان الشخص لا يقوم بأي حركة ويكتفي بالجلوس هنا سيتعرض إلى مضاعفات، خاصة إن كان يتناول مواد غذائية تحتوي على نسبة كبيرة من السكريات، وهو ما يخلف تراكم هذه الأخيرة في الجسم، ويضعف وظيفة البنكرياس، كما توضح الدكتورة، مضيفة أن نسبة التصرفات الخاطئة التي يمارسها الفرد حيال تناوله للأغدية تسجل بنسبة عالية، ووصفتها ”بالتصرفات الغذائية الفوضوية غير العقلانية”، مستدلة على ذلك بالتناول المفرط للخبز، لاسيما عند إرفاقها بمنتجات تحتوي على سكريات أكثر، مثل العجائن والمشروبات الغازية، وتنصح الطبيبة بضرورة تجنب هذه العادات لأنها تزيد من نسبة السكر في الدم، مما يؤدي إلى الإصابة بالسكري في حالة الإفراط. كما أشارت المختصة إلى أن المجتمع المدني يسجل غيابا في الحملات التحسيسية في هذا الاطار، لاسيما أن هذه التظاهرات التوعوية من شأنها زرع الثقافة الاستهلاكية الصحية. وأكدت أنه من الضروري أن نفرق بين الاحتياجات الضرورية وعاداتنا اليومية التي في مجملها تكون سلبية، والتناول المفرط للخبز هو أصدق دليل، وهي عادة مكتسبة، لذلك لو جعلنا 150 غرام من كمية الخبز، أي ما يعادل حوالي كف اليد المتناولة في 24 ساعة، نكون قد حققنا التوازن الوظيفي للجسم، وبالنسبة لمرضى السكري يستحسن تناول ربع قطعة خبز خلال مدة 24 ساعة. وتضيف الطبيبة قائلة: “يعتقد العديد من الناس أن (الكسرة) و(المطلوع) لا يحتويان على نسبة كبيرة من السكر، وهذا خطأ، إذ تتسبب جميع أنواع الخبز في مضاعفات إذا ما تجاوزنا الكمية الموصى بها، وهنا يجب أن نفرق بين الكمية والنوعية، أي يجب على الفرد أن يحترم الكمية المتناولة في اليوم وليس النوعية، لأن كل أنواع الخبز مصنوعة من نفس المادة وهي القمح، أما بالنسبة لخبز الشعير فالفارق واضح بينه وبين الخبز العادي، حيث أنه من الناحية الصحية ينقص من سرعة دخول السكر في الدم، كون الشعير يطحن مباشرة، عكس الخبز العادي الذي يدخل في تركيبته القمح المقشر”.