أحيت فرقة ”بلدة” نهاية الأسبوع الماضي بقصر الثقافة حفلها الأول أمام الجمهور، قدمت فيه تجربة موسيقية جديدة تمثلت في الجمع بين موسيقى الشعبي والموسيقى العالمية. قبيل انطلاق الحفل، التقت ”المساء” بالسيد مراد برنوسي رئيس دائرة النشاط الثقافي والبرمجة بقصر الثقافة مفدي زكريا، حيث بدا منسجما مع الفرقة في التدريبات ومتجاوبا مع أعضائها باعتبارهم موسيقيين محترفين يمثلون مختلف الأجيال، كما أنهم متمكنون من الأداء وخبراء في ضبط الإيقاع والحفظ، مع تسجيل تناغم بين أعضاء الفرقة والمايسترو. وفور انتهاء التدريبات التي سبقت الحفل، تحدثت ”المساء” لرئيس فرقة ”بلدة”؛ المايسترو رضا خزناجي الذي أكد أن فرقته جديدة تم تأسيسها منذ شهر فقط، تجمع بين موسيقى الشعبي والموسيقى العالمية. جوق الشعبي ”بلدة” يتضمن بعض الآلات الموسيقية الغربية، منها الكمان الكبير، القيثارة، العود الكهربائي والقانون، هذه الآلة التي أصبحت عالمية، كما حضرت آلات الشعبي من خلال آلتي موندول وآلتي إيقاع (دربوكة وطار). للإشارة، تأسست ”بلدة” منذ شهر، وهي مكونة من أعضاء محترفين، بعضهم مختص في الموسيقى الغربية العالمية، خاصة العازفين على القيثارة والكمان، وهنا يقول الأستاذ خزناجي: ”تعتبر هذه الفرقة بمثابة تجربة لامتحان إمكانية تلاقح الوسيقى الغربية بالشعبي، وإذا نجحت وقبلها الجمهور، يمكن في المستقبل إدخال آلات أخرى منها مثلا الناي (الغربي)، مع مراعاة القطع الموسيقية التي يتم إدخال هذه الآلات عليها. تضمن برنامج السهرة الفنية العديد من الأغاني والمعزوفات، منها ”زهوة ومراحة” من التراث وأغنية ”فلسطين” للراحل الباجي، ”مقنين الزين”، ”دزاير” وغيرها، وكان الهدف منها المزج بين مختلف الطبوع والمدارس مع إعطاء فرصة ينسجم فيها الموسيقيون المحترفون والمكونون منهم أكاديميا من أجل تطوير فن الشعبي الجزائري. وأشار الأستاذ رضا خزناجي إلى أن الفرقة بصدد تسجيل أغنية عن موضوع التضامن ستظهر في شكل ”كليب”، أما عن تدريبات الفرقة فهي برعاية ديوان رياض الفتح. السيد خزناجي أستاذ موسيقى كلاسيكية بالمعهد الجهوي للتكوين الموسيقي، مختص في آلة الكمان الكبير، أكد ل"المساء” أنه تربى على فن الشعبي، على الرغم من تكوينه الكلاسيكي. كما التقت ”المساء” بعضو آخر من الفرقة هو الأكبر، إذ يشارف السبعين من العمر، وهو مبروك حمادي العازف على آلة القانون، حيث أشار إلى أنه تكون في مدرسة الموسيقى الأندلسية التي تعلم فيها أصول فن التراث الجزائري ومارس فنه منذ عشرات السنين، رافق فيها أكبر الفنانين الجزائريين واستغل الفرصة ليتحدث عن جيل الشباب الذي يراه مندفعا في بداية مشواره الفني مع الطاقة التي يملكها، لكنه يجد نفسه بحكم الاحترافية ومتطلبات العمل ملزما بالتكوين والتأطير والتحكم في الأداء الموسيقي والشعري، وهذا ما يضمن حسبه النهضة لفن الشعبي. تحدثت ”المساء” إلى مغني الفرقة، الفنان العازف على آلة الموندول كريم عويدات المختص في أداء القصيد الشعبي الذي قال: ”انضممت إلى الفرقة بدافع أن أكون مع زملائي الفنانين لنجتمع ونعمل سويا بدل أن يعمل كل منا لوحده بشكل ارتجالي، بالتالي اجتمعنا في إطار منظم، مع العلم أنني فنان محترف، لي الكثير من أشرطة ”السي دي” في السوق والعديد من الحفلات والتسجيلات بالإذاعة والتلفزيون”. أدى كريم وهو يعزف على الموندول، أغنيتين من التراث وهما ”كل من شاف غزالي”، ”زهوة ومراحي”، وأدى أغنية وطنية من ألحانه وكلماته عنوانها ”جزائر يا الغالية”، حيث تجاوب الجمهور الحاضر كثيرا مع كريم. كما غنى في الحفل الفنان إبراهيم عقاب وكان يعزف على آلة الإيقاع (الدربوكة) وهو شيء لم يألفه الجمهور، لكن الفنان أشار إلى أن الراحل الحاج منور كان يغني وفي يده الطار. الفنان إبراهيم أدى للراحل دحمان الحراشي بعض الأغاني، علما أن صوته يشبه إلى حد كبير صوت دحمان، وأدى له ”لا كانك عوام”، وهو فخور بذلك وتمنى أن يؤدي أعماله، لكن حقوق التأليف تحول دون ذلك، علما أن بعض الفنانين حسبه شوهوا تراثه وأقحموه في عصرنة لا معنى لها، بالتالي فقد هويته. الفنان إبراهيم دخل عالم الفن من خلال التكوين، سنة 1974 عندما التحق مع أخته في جمعية ”المازوني” بمعهد الموسيقى ببئر مراد رايس، وفي عام 1986 التحق بجمعيات أندلسية منها ”شباب 2000”. نشط هذا الفنان الحفلات و الأعراس وتعامل مع كبار المطربين، منهم شاعو الذي اشتغل معه مدة 18 سنة، عمل أيضا بالإذاعة وتعامل مع كبار الكتاب، منهم الراحل حشلاف. للإشارة، تميز الحفل بالحضور المتواضع للجمهور، لكنه في نفس الوقت كان جمهورا ذواقا ونوعيا تفاعل مع الفرقة وأعضائها الأحد عشر، علما أن كل قصيد أو أغنية تستهل بمدخل من الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الفلامينكو.