جهود لحماية التنوع البيئي بالشريعة

انتعاش نشاط استخلاص الزيوت العطرية بالبليدة
فريدة حدادي
يشكّل الحفاظ على النباتات العطرية والطبية تحدياً بيئياً متزايداً في أعالي جبال الشريعة، ومقطع الأزرق، والمرجة، وغيرها من غابات البليدة، التي تشهد إقبالاً كبيراً من بعض الأشخاص بغرض قلع الأعشاب، وبيعها في الأسواق الشعبية، لا سيما خلال المواسم التي تنتشر فيها هذه النباتات المستعمَلة في تحضير بعض الأطباق التقليدية التي تشتهر بها المنطقة، أو تلك المستغَلة في إنتاج مواد عطرية وصيدلانية عبر استخلاص زيوتها. هذا الوضع دفع بالسيدة جميلة بوشارب، المختصة الكيميائية، إلى أخذ مهمة حماية هذه النباتات على عاتقها، والحد من عمليات القلع العشوائي.
أوضحت المختصة الكيميائية جميلة بوشارب، أن القلع العشوائي وغير المنظم يؤدي إلى الإضرار بالنباتات والبيئة. ويتسبب في تراجع العديد من الأصناف. ومن أجل ذلك، تضيف، يعمل الفريق الذي تشرف عليه بشعبة النباتات العطرية والطبية، على توجيه الراغبين في القلع، سواء كانوا طلبة أو باحثين أو ممارسين لنشاط تجاري، من خلال تحديد المناطق التي يمكن القلع منها بالتعاون مع محافظة الغابات وأشارت إلى أن النباتات التي تنمو بحرية في الطبيعة، لا يمكن التعدي عليها أو قلعها بصورة فوضوية، إلا برخصة، وبناء على توجيه المختصين، مؤكدة أن هذا النشاط يدخل ضمن الأهداف المسطّرة على مستوى الشعبة، والرامية إلى تثمين النباتات العطرية والطبية التي طالما اشتهرت بها ولاية البليدة.
ولا يقتصر نشاط شعبة النباتات العطرية والطبية على التوجيه والمراقبة فحسب، بل يمتد أيضاً إلى تنظيم دورات علمية وتحسيسية؛ للتوعية بأهمية الحفاظ على الغطاء النباتي لمدينة الورود، التي عُرفت تاريخياً بنباتات مثل المسكية، والخروب، والياسمين الذي كان حاضراً بقوة في النشاطات التجارية لسكان البليدة، إضافة إلى العطرشة، وأزهار ماي التي ماتزال تُستغل في صناعة العطور.
وفي السياق نفسه، أشارت المتحدثة إلى أن استخلاص الزيوت العطرية والزيوت الطبية من الأنشطة التي برعت فيها نساء البليدة منذ القدم. ويمكن القول إنه نشاط نسوي بامتياز، حيث تضم الولاية نساء صاحبات مشاتل يشتغلن في هذا المجال. وأكدت بوشارب أن السنوات الأخيرة شهدت إقبالاً كبيراً على التكوين، خاصة من طرف النساء الراغبات في إنشاء مشاريع مصغرة حول استخلاص الزيوت، وكذلك طلبة الجامعات الباحثين في المجال، والذين تتكفل الشعبة بتوجيههم.
وأبرزت المتحدثة أهمية التكوين والتوجيه نظراً لوجود عراقيل قد لا يعرف المبتدئ كيفية التعامل معها، سواء تعلق الأمر بمن يرغب في فتح مشروع، أو إنجاز بحث علمي. وتشدد على أن أول خطوة يجب معرفتها هي ضرورة التعاقد مع الفلاّح؛ لمعرفة نوعية التربة، والمواد المستعملة فيها، ومتابعة تطور النبات؛ بغية الوصول إلى استخلاص زيوت صافية. كما لفتت إلى أن عملية القطف والوقت والمناخ كلها عوامل تؤثر على نوعية المادة المستخلصة، وجودتها.
وردّاً على سؤال حول مدى انتشار ثقافة التعامل الصحيح مع النباتات العطرية والطبية، أكدت بوشارب أنه خلال السنوات الأخيرة ومع الموجة الكبيرة نحو الاستثمار في هذا المجال، بدأ يتشكل وعي جديد، يظهر من خلال الاهتمام بالتكوينات، والبحث عن الورشات المنظمة التي تعمل وفق أسس قانونية. وختمتالمتحدثة بنصيحة للمهتمين بعالم استخلاص الزيوت النباتية، مفادها أن أفضل طريق للحصول على زيوت صافية ونتائج مثمرة، هي زراعة المنتج المراد استخلاص زيته؛ من أجل متابعة تطوراته، وفهم جميع مراحله.