على المكشوف / مرزاق صيادي في هذه البلاد التي تحاول تفادي أنواعا من الانتحار منذ الاستقلال، يجري تنميط خاص فيها للظاهرة وتحصر في الانتحار الجسدي بفقدان الحياة ويجري تصنيف المنتحرين على أساس حالات انتحار ومحاولات انتحار.. هكذا ببساطة! مع أن الانتحار لم يكن يوما ولا في القواميس والكتابات الأدبية نوعا واحدا فريدا، وحتى فرويد نفسه لم يقل إن الانتحار آت من كذا سبب ومآل المفكر فيه نهاية شيطانية مثلما يحاول بعض المتنطعين في علم النفس والدين تفسير ما يحدث لشباب وقصر باتوا يتساقطون في البلاد تحت معول "كرهت الدنيا".. ولماذا لا يتحدث من يفهم أسباب الانتحار في البلاد عن الانتحار السياسي والانتحار الاقتصادي وانتحار سوق العمل وانتحار محاولات فهم ما يدور من انتحارات أفقية وعمودية تشل تفكير من يحاول الخروج من دائرة اليأس الثقافي والسياسي والتنموي، على شاكلة بلاد برمتها عرفت من حيث تدري أو لا تدري الخروج من دائرة قتل الحياة إلى فضاء المصالحة.. الأرقام، مهما كانت، هي محاولة نحر حقائق أخرى بتنميط الفعل ورد الفعل، ومهما قيل عن المنتحرين في الجزائر، تبقى الأرقام جزء من انتحارات لا نريد ربطها بالانتحار الشخصي والجسدي ووضع حد للحياة..التي وعد بها المنتحر آخر خبر: أقدم 164 شخصا على الانتحار، خلال 6 أشهر من السنة الجارية، منهم 120 ذكور، 44 إناثا، وسجلت، في نفس الفترة، 274 محاولة انتحار، 78 ذكورا، و196 إناث.