مع صعود أسعار النفط والأسهم الأميركية والأوروبية وبروز المزيد من الإشارات الإيجابية نسبياً، يبدو أن الاقتصاد العالمي الذي وصل إلى شفى الهاوية مطلع العام، دخل في مرحلة النقاهة بفضل التدخلات القوية للسلطات العامة، لكنه ما زال منهكا إلى حد كبير بسبب أسوأ أزمة يجتازها الكوكب منذ ثلاثينات القرن الماضي. ولخص صندوق النقد الدولي الوضع بعد 4 أشهر من إعلان إفلاس بنك ليمان براذرز الأميركي، بالقول "إن الاقتصاد العالمي يواجه انكماشا عميقا"، فمجمل الناتج الداخلي للولايات المتحدة تراجع في الفصل الأول من العام بنسبة 6,4 في المئة وفق الوتيرة السنوية. وكان الاقتصاد الأول في العالم يلغي نحو 700 الف وظيفة كل شهر. وخلال الفترة نفسها، سجلت منطقة اليورو أسوأ انكماش لنشاطها في تاريخها الفتي، مع تراجع بنسبة 2,5 في المئة لمجمل ناتجها الداخلي، ما يوازي نحو 10 في المئة بالوتيرة السنوية. وفي اليابان، تدهور الاقتصاد بنسبة 14,2 في المئة. وأفادت دراسة لخبراء الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا و"ترينيتي كوليدج" في دبلن (إيرلندا)، أن التجارة الدولية والأسواق المالية تدهورت خلال الأشهر الإثني عشر الأولى من الأزمة بشكل أكبر مما حصل بعد الأزمة الكبرى في 1929. فيما انخفض النشاط الصناعي بشكل مماثل لذلك الذي لوحظ عند بداية الكساد الكبير. ولفت هؤلاء الخبراء إلى أنه "في الوقت نفسه، فإن الرد من خلال تدابير نقدية وأخرى متعلقة بالميزانية، ليس فقط في الولاياتالمتحدة، بل في العالم اجمع، كان أسرع وأقوى هذه المرة". فالحكومات أعدت خطط إنعاش بمليارات الدولارات، والمصارف المركزية خفضت بشكل شديد معدلات الفائدة إلى الصفر تقريبا في الولاياتالمتحدة، وهو أمر غير مسبوق كما ضخت آلاف المليارات في النظام المالي لإعادة تسهيل القروض. ويتوقع صندوق النقد الدولي نموا عالميا بنسبة 3,1 في المئة في 2010، بعد انقباض بنسبة 1,1 في المئة هذا العام، أي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. ويتوقع جواشيم فيلز الخبير الاقتصادي في مصرف مورغان ستانلي، أن يشهد الاقتصاد العالمي انتعاشا، لكن "بدون قرض" و"بدون عمالة" بالنسبة للقوى العالمية العشر الأولى. وفي بورصة البترول، أمس، ارتفع سعر برميل النفط فوق مستوى 74 دولاراً، مدعوما باحتمالات ارتفاع الطلب في الشتاء وبعد أن قال مسؤول عراقي إن قوات إيرانية دخلت لفترة وجيزة حقل نفط عراقي الخميس، بينما نفى نائب وزير الداخلية العراقي حدوث أي توغل. وتدعمت السوق أيضا موجة من الطقس البارد، اجتاحت شمال شرق الولاياتالمتحدة، وهي أكبر سوق لزيت التدفئة في العالم. ونزل سعر الدولار من أعلى مستوياته في أكثر من 3 أشهر، أمس، ما عزز مكاسب النفط. في غضون ذلك، توقع وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل أن تبقي منظمة أوبك الإنتاج في مستواه الحالي لثلاث سنوات مقبلة خلال اجتماعها المقرر في 22 ديسمبر في أنغولا. وفي السياق عينه، قال خوسيه بوتيلو دي فاسكونسيلوس، وزير النفط في انغولا، التي تتولى حاليا رئاسة المنظمة، إن المنظمة ستترك المستويات المستهدفة لإنتاجها بدون تغيير في اجتماعها الأسبوع المقبل. وفي أسواق الأوراق المالية، صعدت الأسهم الأميركية في بداية جلسة المعاملات في وول ستريت مع حصول قطاع التكنولوجيا على دفعة من نتائج تبعث على التفاؤل من شركتي أوراكل كورب وريسيرش إن موشن ليمتد. وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 0.40 في المئة إلى 10349.52 نقطة، بينما زاد مؤشر ستاندرد اند بورز الاوسع نطاقا 0.42 في المئة إلى 1100.70 نقطة، وصعد مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه اسهم شركات التكنولوجيا 0.78 في المئة إلى 2196.96 نقطة. كما صعدت الأسهم الأوروبية في مستهل التعاملات، مع ارتفاع أسهم شركات الطاقة على خلفية ارتفاع أسعار النفط الخام متجاوزة أسهم المصارف التي تراجعت.