حذّر من أن تعيد إنتاج وسائل وآليات الحكم السابق عبر عناوين جديدة شدد الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، وزير الخارجية الأسبق، على ضرورة أن لا تكون مشروعية تدخل المؤسسة العسكرية بديلا عن الشرعية الشعبية، و أبرز أهمية أن تكون قناة لتحقيق هذه الشرعية عبر الاستجابة الواضحة للمطالب الشعبية وفق قراءة واعية ومسؤولة للواقع السياسي وضغوطات المرحلة، محذرا من إمكانية أن تنحرف (مشروعية تدخل الجيش) إلى إعادة إنتاج وسائل وآليات الحكم السابق عبر عناوين جديدة يلتبس فيها مبدأ الاستقرار المؤسساتي والدستوري بريبة المطامع السلطوية التي لا تخلو منها أي نفس بشرية. هذا و أكد طالب الإبراهيمي، في رسالة وجهها أمس للرأي العام وبالأخص إلى شباب الحراك، تحوز “السلام” على نسخة منها، حملت عنوان “إلى شباب الحراك حافظوا على ديناميكية التغيير”، أن المؤسسة العسكرية لعبت دورا هاما في الحفاظ على سلمية الحراك الشعبي من خلال حرصها على تجنب استعمال العنف، هذا بعدما أشاد بانضباطها وتفاديها التدخل المباشر في الشأن العام، و دعاها أيضا في هذا الظرف الذي وصفه ب “الخاص” إلى ضرورة أن تُصغي إلى اقتراحات النخب وعقلاء القوم، و كتب في هذا الصدد “لا يجب أن تكون مؤسسة الجيش سندا لمؤسسات لا تحظى بالرضى الشعبي حتى وإن كانت في وضع دستوري ثابت كان مبرمجا لحالات عادية، وليست استثنائية كالتي نمر بها اليوم”. هذه إقتراحات الإبراهيمي للخروج من الأزمة هذا و إقترح وزير الخارجية الأسبق، حلولا للخروج من الأزمة التي تمر بها بلادنا، و أبرز أن الأنجع منها في تقديره هو الجمع بين المرتكزات الدستورية في المادتين 7 و 8 وما يتسع التأويل فيهما على اعتبار أن الهبة الشعبية استفتاء لا غبار عليه، وبين بعض المواد الإجرائية التي تساهم في نقل السلطة دستوريا، و كتب في هذا السياق ” وفي كل الحالات، وأنا الذي جبلت على لمّ الشمل ودرء الفتنة، ودافعت على المصالحة الوطنية عندما كان ذكرها محرما في قاموسنا السياسي، أرى أنّ الحكمة تقتضي تغليب المشروعية الموضوعية على المشروعية الشكلية انطلاقا من حق الشعب في التغيير المستمر، فالدستور هو من وضع البشر، أي أنه لا يجب أن يكون متخلفا عن حركة الواقع، ولا ينبغي أن يكون مُعوقا لحركة المستقبل”، و قال ” ليس هدفي الاصطفاف مع جزائري ضد آخر، وإنما شغلي الشاغل الذي أشترك فيه مع كل المخلصين لهذا الوطن، هو كيفية إنقاذ بلادي من هذا المأزق السياسي بأقل التكاليف لأن استمراره قفزة في المجهول، فضلا عن كونه يزيد اقتصادنا الوطني هشاشة ويهدد الاستقرار الذي لا غنى عنه للحفاظ على وتيرة التنمية”. “يجب الدفع إلى الصفوف الأولى برجال مسؤولية لا رجال تنفيذ” و أشار صاحب الرسالة، إلى أن تقدمه في السن ألغى كل طموح في نفسه، بيد أنه لم يستطع منعه من التفاعل مع قضايا الوطن، و قال في هذا الصدد مخاطبا الشعب “لم أعد بتلك الفتوة التي تمنحني القوة لأكون معكم في مسيراتكم المباركة التي تدكّون بها في كل يوم يمر منذ 22 فيفري الماضي ركائز نظام فاسد، وتؤسسون لعهد زاهر أنتم الآن بصدد وضع لبناته الأولى، عهد سيشهد إن شاء الله بناء دولة القانون التي تصان فيها مقومات الأمة، وتحترم فيها الحريات وحقوق الإنسان، وتكون فيها العدالة مستقلة في نزاهة أحكامها، والعدالة الاجتماعية حقيقة مجسدة في التوزيع العادل للدخل الوطني وتوفير فرص متكافئة للجميع في الرقي الاجتماعي والعيش الكريم والمشاركة في الحياة السياسية”، و أكد الإبراهيمي، أن ذلك لن يتأتى إلاّ إذا وضع حد للخلط بين السلطة والمال الفاسد، و أخلقة الحياة العامة، و الدفع إلى الصفوف الأمامية برجال مسؤولية وليس برجال تنفيذ. “النص الدستوري وُضع ليوافق هوى السلطة الحاكمة” و بعدما أبرز وزير الخارجية الأسبق، أن النقاش الدائر حول الدستور، تحول إلى جدل مجتمعي من إيجابياته أنه جعل الشباب ينتقل من موقع العزوف عن العمل السياسي إلى موقع المهتم بالعمل السياسي، أكد أن النص الدستوري وُضع ليوافق هوى السلطة الحاكمة دون مراعاة للتفاعلات الاجتماعية والتوازنات الحقيقية للقوى، و كتب ” لعل مرد ذلك إلى غياب ثقافة الدولة لدى السلطة التي تعاملت مع الدستور كوسيلة للحكم وليس مرجعا يُحتكم إليه، وكان من نتاج ذلك أن كثيرا من الجزائريين لا يرون حرجا في تجاوز هذا العقد الاجتماعي، غير مبالين بالمخاطر ومن بينها الفراغ الدستوري”. “لن أدخر أي جهد في وضع تجربتي تحت تصرف كل من يسعى لخدمة الوطن والشعب” أكد أحمد طالب الإبراهيمي، أنه لن يدخر جهدا في وضع تجربتة تحت تصرف كل من جعل شعاره حب الوطن وخدمة الشعب حتى ترجع السيادة لصاحب السيادة ومصدر السلطة وهو الشعب.