التقت “السلام” بالمخرج السينمائي الفلسطيني جهاد الشرقاوي الذي خاض تجربة سابقة في مجال الإخراج المسرحي ومن ثم انتقل إلى الإبداع السينمائي، على هامش فعاليات مهرجان وهران للفيلم العربي وتحديدا بعد عرض فيلمه “البلح المر” في قاعة سينيماتيك وهران، والذي دخل ضمن المنافسة الرسمية للأفلام الروائية القصيرة فكان لها معه هذا الحوار، حول”البلح المر” الذي وثق لنا أهم المحطات في تاريخ السينما الفلسطينية منذ1927 وإلى اليوم بالرغم من الضغوطات التي يعانيها الأشقاء الفلسطينيين وبالرغم من عدم وجود إنتاج للسينما بسبب غياب تذاكر السينما إلا أن صناعة الفن السابع ارتقت إلى مستوى الاحترافية، ليروي لنا بحرقة عن الدقائق الأولى للقصف الصهيوني على غزة، وحالة أهلها اليوم تحت الحصار، مسيدا من جهة أخرى وبإعجاب كبير باهتمام الجزائريين بصفة خاصة ودول المغرب العربي بصفة عامة وتجاوبهم الشديد مع القضية الفلسطينية . بداية من يكون المخرج جهاد الشرقاوي؟ إسمي جهاد سلامة الشرقاوي، أبصرت الحياة بمخيم الشاطئ للاجئين بالقرب من مدينة غزة لأسرة فلسطينية من مدينة يافا الساحلية وبسبب ظروف نكبة 1948 هاجرت أسرتي قصريا من يافا باتجاه غزة، والتي عرفت بعدها بقطاع غزة. ثم التحقت بالدراسة في مدارس وكالة الغوث الدولية “الاونروا” بغزة، وبعد إتمامي للثانوية ثم درست المسرح والسينما في اليونان وتخصصت بالإخراج الفني المسرحي وباشرت عملي بالمسرح ولكنني لم انتمي لفرقة بعينها بل وجدت أنه لزاما علي أن أعمل مع الجميع علي اختلاف أطيافهم السياسية ورآهم الثقافية، وكان هذا بين عامي 1991 – 1994 النصف الثاني لسنوات من الانتفاضة الفلسطينية. هل لنا أن نعرف بعضا من أعمالك الفنية؟ كانت بدايتي مع أبو الفنون حيث أخرجت مونودراما المنبوذ كما شاركت في تسع أعمال مسرحية من بينها المنبوذ، الحاجز، وعيون قارة كما كانت لدي تجربة في مسرح الطفل ففي عام 1992 – أثناء الانتفاضة كونت فرقة كانت بمثابة ناد للأطفال من خلالها تنوعت النشاطات منها المسرح أغاني الأطفال خصوصا التي تنمي النزعة الوطنية والدبكة الفلسطينية إلى جانب المسابقات الثقافية. ومن بين هذه الاعمال التي انجزتها في هذا الاطار مسرحية الشاطر حسن، وعودة الشاطر حسن لغة الحب بمشاركة فرقة الجنوب مع الفنان مصطفي النبيه، بالإضافة للعديد من الأعمال والنشاطات الأخرى. تجربتي السينمائية وما قدمته شخصيا من أفلام فهي لا تتعدي أصابع اليد الواحدة، الأولاد الأشقياء للأطفال رجال تحت النار والذي يصور تضحيات التي يقدمها ضباط الإسعاف، فيلم طريق الزيتون وثائقي إخراج بسام الريس حيث عملت بهذا الفيلم كمخرج مساعد. ماذا عن مشاركاتك في المهرجانات الدولية؟ نلت شهادات تقديرية منها مشاركة بمهرجان أزرو – بأفران – دورة يوليوز – 2008، وكذلك مهرجان الجزيرة الرابع للأفلام في أبريل 2008 ما هي أبرز المواضيع التي تهتم بها السينما الفلسطينية؟ مما لا شك فيه أن للواقع الفلسطيني خصوصيات تفرض نفسها علي حياة ونشاط الأفراد اليومي، فما بالك بالأعمال الإبداعية، التي لا لم تستطع تخطي هذا الواقع. هل سمعت عن أفلام فلسطينية هزلية، أو كوميدية، أو رومانسية على سبيل المثال، فالسينما الفلسطينية نجحت في إبراز وتصدير هذا الواقع النضالي على مدار تاريخها الحافل، هذا بالرغم من توقف، بل غياب أي دور أو إسهام للمؤسسات الرسمية في هذا المجال، بحيث إن معظم ما يتم إنتاجه من أفلام يقوم به أفراد و فنانون دون تمويل وبإمكانياتهم المحدودة والشخصية. وأعود وأقول بأن فيلمي “ظلال في الظلام” فإن تمويله من قبل الجهات الرسمية لم تتجاوز حدود مبلغ 400 شيكل، أي أقل من مائة دولار، بخلاف كاميرا التصوير والمونتاج، إلا إني تمكنت بحمد الله من التفوق والقدرة على الإنفاق الذاتي كان هناك فيلم حصل على العديد من الجوائز منها “جائزة العودة”، وأرفع جائزة ثقافية فلسطينية غير حكومية. كما شارك الفيلم بمهرجانات سينمائية في أربع قارات ونافس أفضل فيلم صيني “زهور اللفت”، الذي اختارته الصين كأحسن الأفلام لتمثيلها في مهرجان الجزيرة. وهي من أهم مراحل السينما الفلسطينية إذ تم تقديم مجموعة من أفلام الثورة الفلسطينية، والتي استحقت عن استحقاق اسم “سينما المقاومة”، هذا لا يمنع تقديم العديد من الأفلام الروائية الرائعة “عائد الي حيفا” 1982 “، و “رجال تحت الشمس “1970, “عرس الجليل” 1987 لميشيل خليفي وفي بداية التسعينات كانت قفزة جديدة للسينما الفلسطينية تنطلق نحو العالمية. لا ننسى أن انتشار وسائل الاتصال على نطاق واسع والانتفاضة الفلسطينية والجاليات الفلسطينية في الغرب، وتعدد انتشارالمهرجانات الدولية كان لها الفضل في التعريف بعالمية الفيلم الفلسطيني الذي لم يعد مجرد حاضر في معظم المهرجانات بل وحاصد للجوائزأيضا. استنتجنا من كل ما ذكرت أن هناك العديد من العوائق التي تحول دون تطور السينما الفلسطينية هل لك أن توضح لنا أكثر هذا الأمر؟ للأسف هناك جدران عديدة أمام كل نشاط يفكر فيه المواطن الفلسطيني مهما كان بدء من التلميذ المتجه لمدرسته، فما بالك بالسينما التي تحتاج لكل شيء، بدء من توفر التيار الكهربائي في بلد يخضع لأقسى وأعقد حصار عرفته البشرية، برغم قساوة الظروف فإن العديد من الأفلام تخرج من غزة لتجد طريقها ليشاهدها الأحرار في جميع أصقاع العالم. هل ممكن أن تعطينا صورة عن مشهد الحياة في قطاع غزة؟ طبعا لا يمكن تلخيص ما يحصى من العذابات علي الورق، كيف لي أن أدون من خلال هذه المقابلة السريعة ما يحدث من آلام في غزة التي تنتقل من حصار لحصار ومن صمود لصمود في وجه العدو الصهيوني كيف أصف أهوال لا يمكن لكل كتب الدنيا أن تحتوي تفاصيلها؟ أما عن الأحوال المعيشية للناس، فبالرغم من صعوبتها إلا أن مجتمعنا يتمتع بطاقة لا بأس بها من القدرة والثبات، في حين لا جروح تلتأم ولا قروح تندمل، إلا بزوال هذا الاحتلال العنصري وعودة القدس. ما هي الرسالة التي توجهها كإنسان فلسطيني إلى العرب والمسلمين في العالم في هذه اللحظة؟ أقول لهم توخوا الحيطة والحذر وأن الدوائر تتربص بكم، ودليل ذلك ما يحصل في سوريا، فهي مؤامرة سخيفة وستنتهي لانها مكشوفة، فسوريا كانت على الدوام مستهدفة، وعلى الانسان العربي المسلم أن ينظر إلى تاريخه المجيد وأن يضع نصب عينيه حب الوطن وعدم الاستسلام ومعرفة حقيقة وجه العدو. هل من كلمة أخيرة في ختام هذا الحوار؟ يسعدني التواجد في مهرجان وهران الذي يحتفي بالسينما العربية ويوفر لنا كمخرجين فرصة لاكتشاف الآخر وسينما الآخر المغاير، والتي تتباين مع تباين المواضيع التي تطرحها.