عرقاب يشارك في اجتماعات "أوبك", "أوبك+" ولجنة المراقبة الوزارية المشتركة    "الباهية" تفتح قريتها المتوسّطية لاستضافة السيّاح    جدل صهيوني حول مبادرة بايدن وحماس تطالب باتّفاق كامل    دعوات لتسوية القضية الصّحراوية ومحاسبة الاحتلال    الوضع المعيشي للشّعب المغربي يزداد تدهورا    تجمع بودابست: أسامة خنوسي يحطم رقمه القياسي الوطني في رمي الصحن    بيئة : التأكيد على أهمية استعمال الرقمنة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    ولايات شرق الوطن.. نشاطات متنوعة احتفاء بالطفولة    سيدي بلعباس: تسليط الضوء على أعمال المخرج السينمائي إبراهيم تساكي    "خيال" للنشر تعود بباقة من العناوين الجديدة    محمد الشبوكي والربيع بوشامة يعودان..    عطاف ينوه بالإجماع الافريقي والكوري على الارتقاء بالشراكة التي تجمع بينهما    اجتماع تحضيري لرؤساء فروع البعثة الجزائرية استعدادا لبدء مشاعر الحج    حمدان: حماس تتعاطى بإيجابية ومسؤولية مع مقترح بايدن ولا نستبعد التوصل إلى اتفاق    عرض فيلم التحريك ثلاثي الأبعاد "الساقية" حول أحداث ساقية سيدي يوسف بالجزائر العاصمة    الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية: تسجيل 414 ألف مشروع مؤسسة مصغرة    تصفيات مونديال 2026 : "الخضر" يباشرون التحضيرات لمواجهتي غينيا و اوغندا    أزيد من 800 ألف مترشح يجتازون ابتداء من غد الاثنين امتحان شهادة التعليم المتوسط    الديوان الوطني للحج والعمرة: رقمنة خدمات الحج سهّلت الإجراءات على ضيوف الرحمن    تمنراست: جثمان الوزير السابق محمد حميدو يوارى الثرى    الزراعات الاستراتيجية: توفير جميع شروط المرافقة والدعم للإستثمار في الصناعات التحويلية    إطلاق البرنامج الوطني الأول للتكوين في مجال الصيدلة الإشعاعية خلال الدخول الجامعي القادم    لاعبون جزائريون مطلوبون في الميركاتو    قضايا الشعوب تشكل المبدعين وتعيد تكوين مشاعرهم    تحقيق في حريق وادي ميزاب    وزير الداخلية يؤكّد القطيعة الجذرية    الرئيس فتح أبواب العمل السياسي أمام الشباب    اتصالات الجزائر تتكيّف    الدبلوماسية الجزائرية استعادت فعاليتها    غنائم الحرب: الاعتراف الأوروبي الجنايات طرد السفراء المظاهرات...    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    الجزائر حققت خطوات عملاقة    مُترشّحون للبيام والباك يطرقون أبواب الرقاة    خنشلة.. شاهد على الوفاء بالوعود    تزيين المنازل وبحث عن كبش سمين    تحسيس بمخاطر الغرق الجاف    معرض "الوريدة" يستقطب 130 ألف زائر    ولفرهامبتون الإنجليزي يسعى إلى ضم بديل أيت نوري    قندوسي ينتظر قرار مدرب الأهلي المصري    عمورة ضمن أفضل ثلاثة هدافين عرب بأوروبا    1,5 مليون هكتار عقار مؤهل للاستصلاح الزراعي في الجنوب    على المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليته لوقف إبادة أطفال فلسطين    هذه كيفيات منح امتياز تسيير المناطق الحرّة    تسجيل 133 مشروع مؤسسة ناشئة بجامعة قسنطينة (2)    الإيداع الفوري للمتلاعبين بنزاهة "البيام" و"الباك"    وصول أزيد من 11300 حاج جزائري إلى مكة المكرمة    دعوة إلى إنشاء مخبر للبحث حول منطقة الونشريس    رغم العقبات.. ستمطر يوما ما"    هوية وتاريخ بتقنية "البيسكال"    بين المجهود الذاتي والشروط الأكاديمية    غيابات بارزة في تصفيات مونديال 2026.."الخضر" يلتحقون بمركز سيدي موسى    محرز يرد بشأن غيابه عن المنتخب الوطني: " لست المذنب"    أرضية رقمية للتكفل بحجّاج الجزائر    248 حاجاً يغادرون بشار    فضل الأضحية وثوابها العظيم    هذا حُكم الاستدانة لشراء الأضحية    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منع ضرب المرأة يثير فتنة في الجزائر
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 09 - 2014


15 سنة سجنا الحد الأقصى لعقوبة الاعتداء على المرأة
أحدث القرار الأخير الذي أصدره المجلس الوزاري 27 أوت المنصرم والمتعلق بمشروع تعديل القوانين الخاصة بالعنف ضد المرأة جدلا كبيرا في الأوساط الاجتماعية الجزائرية، والذي جاء تعزيزا لحماية هذه الأخيرة من كل أشكال العنف الذي يمكن أن تتعرض له سواء كان هذا داخل العائلة أو خارجها، خصوصا في شقه المتعلق بضرب الزوج لزوجته، وهو الأمر الذي اعترض عليه الكثيرون بحجة أن هذا القانون جاء منافيا لشرع الله الذي أبيح فيه للزوج أن يضرب زوجته من أجل تأديبها شريطة أن لا يكون ضربا مبرحا.
تحقيق: عتيقة مغوفل
استقبلت في السنوات الأخيرة المحاكم الجزائرية وخصوصا الغرفة المتخصصة في قضايا الأسرة العديد من القضايا المتعلقة بشكوى تقدمها الزوجة ضد زوجها يكون فحواها زوج تعدى على زوجته بالضرب الذي يحدث لها في الكثير من الأحيان عاهات وتشوهات خصوصا على مستوى الوجه، بالإضافة إلى ما سبق ذكره فإن تعرض المرأة للضرب العنيف والكثير من طرف زوجها يؤدي بها في الكثير من الأحيان إلى الإصابة بانهيارات عصبية، كما أنه يسبب الكثير من المشاكل النفسية لدى الأطفال، كل هذه الأسباب جعلت الحقوقيين في الجزائر ينادون بضرورة تعزيز القوانين الخاصة بحماية المرأة من كل أشكال العنف التي يمكن أن تتعرض لها، ولكن التيار السلفي في الجزائر اعتبر أن هذا القرار من شأنه أن يخرب العلاقات الزوجية وبالتالي انهيار العديد من البيوت من خلال هذا القانون الذي يشجع المرأة على التمرد على زوجها، وقد تصل الأمور بينهما إلى أروقة المحاكم ومن ثمة إلى المؤسسات العقابية من خلال زج هذا الزوج في السجن.
التيارالاسلامي:
يجب مراعاة الشريعة الإسلامية في وضع قوانين الدولة
أحدث البيان الذي نشره الشيخ حمداش عبد القادر على صفحته على الفايس بوك الكثير من الانتقادات والذي عارض من خلاله على القانون الجديد، معتبرا أن ضرب الزوجة من الحقوق التي شرعها الله تعالى للرجل من أجل تأديب زوجته، على أن يكون الضرب في حدود المعقول حسبما ورد في الشريعة الإسلامية، كما اعتبر أن هذا القرار اعتراض على شرع الله تعالى، الذي أعطى للرجل حق الولاية والقوامة على زوجته، التي يجب أن تكون مطيعة له منقادة لأوامره، لأنه صاحب البيت والشأن في الإسلام، وقد منحه سبحانه وتعالى الحق في تأديب زوجته وعقابها إذا نشزت وتمردت عن طاعته وخرجت عن قوامته، فالمرأة في الإسلام لها ضوابط وشروط وقواعد تمتثل لها، لذلك فإن القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه في المجتمع الجزائري، فالمرأة ستحاول التسلط على زوجها.
وعلى ما يبدو أن الشيخ حمداش ليس الوحيد الذي فكر بهذا المنطق فغيره كثيرون، ومن أجل الاضطلاع أكثر على الموضوع ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالشيخ الإمام محمد مبدوعة، الذي اعتبر بدوره أن الزواج هو عقد رضائي بين زوجين حسبما ورد في كتاب الله وسنة رسوله بالإضافة إلى ما ورد في قوانين الدولة الجزائرية، ولعل المادة 4 من قانون الأسرة خير دليل على ذلك، فمن أهداف الزواج المحافظة على الأنساب وتناسل الجنس البشري، ضمن أطر مبنية على المودة والتعاون والرحمة بين الزوجين، ولكن ورغم ذلك فقد أصبحت تتخلل العلاقات الزوجية مجموعة من التشنجات تؤدي للكثير من المشاكل بين الزوجين، وبما أن الرجال قوامون على النساء، فللزوج حقوق وواجبات على زوجته، ومن هذه الحقوق إصلاح نشوز الزوجة وتقويم اعوجاجها، من خلال الموعظة الحسنة ثم الهجرة في الفراش، وإن لم تقوّم الزوجة سلوكها يصل الزوج إلى حل الضرب المباح شرعا شريطة أن يكون غير مبرح ولامؤذٍ على سبيل الترهيب فقط لا أكثر ولا أقل.
عدنا وسألنا الشيخ محمد مبدوعة مرة أخرى عن رأيه في القانون الجديد، فأجابنا أن الأسرة هي عبارة عن مؤسسة إنسانية وليست اقتصادية، فعلى الجهة المخولة بوضع قوانين البلاد مراعاة شرع الله في وضع قوانين الأسرة للإصلاح وليست للتخريب للمحافظة على تماسك الأسر الجزائرية، فمثل هذه القوانين تخرب المجتمع الجزائري، وتقوده إلى تهديم الأسر، وقد ختم الشيخ الإمام محمد مبدوعة حديثه إلينا بالدعوة إلى ضرورة النظر في مثل هذه القوانين مع ضرورة تحكيم العقل، وليس العاطفة في اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية.
الحقوقيون يثمنون القانون ويعتبرونه إنجازا
بعد أن رصدنا آراء التيار الإسلامي من قانون منع ضرب المرأة الذي اعتبروه بابا لتمرد الزوجة على زوجها، ارتأت (أخبار اليوم) رصد آراء أهل الاختصاص العارفين بالشؤون القانونية في البلاد، لذلك ربطنا اتصالا هاتفيا بالأستاذة المحامية مختاري، والتي ثمنت كثيرا القانون الجديد القاضي بمنع ضرب المرأة والتي اعتبرت بدورها أن الشريعة الإسلامية والآية القرآنية كانت واضحة بهذا الخصوص، فلا يجوز ضرب المرأة وتعنيفها بطريقة شرسة وهمجية، ولكن وللأسف فإن الظاهرة أصبحت متفشية في المجتمع الجزائري على حد قولها، فقد أصبح الضرب بالنسبة للكثير من الرجال سيد الحوار، إلا أن الضرب الذي شرعه الله سبحانه وتعالى هو ذاك الضرب غير المبرح، ولكن ما أراده المشرع الجزائري هو القضاء على ظاهرة الضرب القهري الذي يؤدي في الكثير من الأحيان إلى إحداث عاهات مستديمة للنساء اللائي يعانين في صمت بسبب هذه الظاهرة.
لتواصل بعدها الأستاذة المحامية مختاري، أنه لو لم تستفحل الظاهرة في المجتمع الجزائري كثيرا لما كان المشرع الجزائري قد سن مثل هذا القانون الذي ترجع فيه العقوبة إلى غاية 15 سنة حبس نافذة وذلك حسب درجة الأذى التي تسبب فيها الزوج لزوجته، لذلك فإن الأستاذة مختاري ثمنت القانون كثيرا لأنها تجد فيه الحل المناسب للقضاء على طغيان الرجل وتجبره على المرأة التي عادة ما تكون عمود الأسرة التي تنهار بمجرد تأذي عمودها، بالإضافة إلى هذا فإن ضرب الزوج لزوجته يسبب العديد من المشاكل النفسية بالنسبة للأطفال الذين ينشأون في أجواء مكهربة في المنزل، ما يجعل منهم أشخاصا عنيفين في المستقبل وهو ما ينجر عنه استفحال ظاهرة العنف في المجتمع الجزائري، التي للأسف أصبحنا نجده في كل مكان في المدرسة، في الملعب، في البيت والشارع، وللقضاء على العنف بكافة أشكاله يجب الانطلاق من القضاء على العنف داخل الأسرة التي تعد نواة المجتمع وجوهره.
... ومن الحقوقيين من تمرد على القانون
وعلى الرغم من أن الأستاذة المحامية مختاري ثمنت القانون إلا أن هناك زميلة لها تبرأت منه واعتبرته دخيلا على المجتمع الجزائري الذي يعتبر الإسلام دين الدولة، لأن مثل هذه القوانين يؤتى بها من الغرب، فهناك إذا أراد الزوج تأديب زوجته يحق لها أن تدخله السجن، وليس هذا فحسب حتى للأبناء حق في مقاضاة الآباء، وهذا ما وقع في الولايات المتحدة الأمريكية حين قام طفل بمقاضاة والده الذي عاقبه لأنه اكتشف أنه مدمن كوكايين، وعلى حد تعبير الأستاذة فإن المادة القانونية رقم53 من قانون الأسرة التي تنص على(للمرأة حق التطليق إذا كان لها ضرر معتبر شرعا) قد يفتح الباب على مصرعيه لتمرد الزوجة على زوجها، ولجوئها على القضاء من أجل تطليقه لتنجر عن ذلك الطلاق فيما بعد ظواهر كثيرة على غرار التفكك الأسري الذي يؤدي إلى خروج الأطفال إلى الشارع والبحث عن صدر دافئ ورحب فقدوه في المنزل.
نساء يرحبن بالمادة ورجال يعتبرونها إهانة في حقهم
بعد أن رصدنا آراء أهل الاختصاص من الأئمة والمحامين حول قراءاتهم وتعليقاتهم حول المادة القانونية الجديدة التي تقضي بالمنع البات لضرب الزوجة، وإذا ما حدث الأمر يمكن لها أن تقاضيه وقد تصل العقوبة إلى 15 سنة حبسا نافذة، حاولنا النزول إلى الشارع من أجل جس نبض المواطن في هذه المادة القانونية الجديدة التي صادق عليها مجلس الوزراء في 27 أوت المنصرم، وقد تباينت الآراء بين النساء والرجال.
وكان أول من حدثنا في الموضوع محمد البالغ من العمر 48 ربيعا متزوج وأب لثلاث بنات، أخبرنا أنه اضطلع على المادة من خلال وسائل الإعلام ليتوصل في الأخير إلى نتيجة مفادها أنه سيأتي يوم وتصبح فيه القوامة والعصمة بيد المرأة على غرار بعض الدول العربية فتصبح هي الآمرة والناهية، وما على الرجل سوى الانصياع لأوامرها، ليضيف محمد قائلا: (ليس من شيمنا ضرب النساء والاستقواء عليهن ولكن على الرجل أن يرعب زوجته من حين لآخر حتى تطيعه وتنصاع لأوامره، في حدود المعقول فهذا لا يعني أن يمسك السوط ويضربها به، ولكن من خلال رفع يده أحيانا ويوهمها أنه سيضربها دون أن يفعل ذلك على سبيل التخويف فقط، لأنه إذا رفع الرجل يده على زوجته وضربها حتما ستحاول هي الدفاع على نفسها وقد تشتمه وهو الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الاحترام فيما بينهما والذي على أساسه تبنى العلاقات الزوجية).
بعد أن رصدنا رأي السيد محمد، أردنا أن نرصد رأي إحدى النسوة حتى نتمكن من معرفة انطباعات الجنسين معا، فقمنا بسؤال السيدة حياة التي جمعنا بها حديث شيق في الحافلة التي كانت تقلنا من القبة إلى شوفالي، والتي رحبت كثيرا بقرار المجلس الدستوري المتعلق بالمنع التام لضرب المرأة وتعنيفها من طرف زوجها، معتبرة ذلك بالانتصار التاريخي للمرأة على الرجل الذي لطالما استعمل اللكمات والصفعات كأداة للحوار مع زوجته، وهو حال شقيقتها التي تعاني الأمرين مع زوجها التي يقوم في كل مرة بضربها من أجل أتفه الأسباب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، فكم من مرة تسبب لها في عاهات وتشوهات على مستوى الوجه والجسم بسبب الضرب المفرط التي تتعرض له من طرف زوجها، وآخر مرة ضربها بمزهرية كاد أن يفقع لها عينها لولا ستر الله، وهو الأمر الذي دفعها إلى طلب الطلاق منه في مرات عدية ولكنه يأبى ويطلب منها العفو بحجة أنه يحبها حبا جما، ولا يمكنه العيش من دونها فتعود معه لبيت الزوجية ليضربها مرة أخرى وهي معه على هاته الحال لمدة تزيد عن 18 سنة، ولكنها الآن تعودت على ضرب زوجها لها لذلك بقيت في منزلها لتربية أولادها صابرة على الأذى الذي تتعرض له من طرف شريك حياتها الذي يدعي أنه متيّم بحبها ولا يمكنه العيش من دونها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.