حوامل يستغثن: أنقذونا وأنقذوا أجنتنا من الموت بوسعنا أن نتجرع كل شيء في قطاعنا الصحي من تسيب وإهمال وانعدام النظافة... لكن أن يلحق الوضع إلى تقاذف حوامل على مشارف المخاض دون رحمة أو شفقة، والمخاطرة بحياتهن وحياة أجنتهن فهذا الأمر مرفوض ولا يتقبله لا عقل ولا شرع ولا قانون، فماذا يقصد هؤلاء هل يقصدون وقف النسل في الجزائر أم ماذا؟ ويعلم الكل أن تأخير عملية الولادة يحمل خطرا على الأم والجنين معا إلا أن القائمين على المستشفيات لم يعد يهمهم ذلك وانعدمت رحمة من سموا بملائكة الرحمة. نسيمة خباجة عيادات التوليد العمومية سخرتها الدولة لكافة المواطنات من هن على مشارف الولادة، فلكل امرأة حامل الحق في الولادة في أي عيادة عمومية لكن الأمر الحاصل لا يعكس تلك الفرضية، إذ تندب حظها كل من بلغت المخاض ويتم تقاذفها هنا وهناك وحتى من الحوامل من بلغها المخاض في السلالم والمصاعد وفي ساحات المستشفيات، فالوضع خطير جدا ويستدعي اتخاذ إجراءات مستعجلة وفرض عقوبات على كل من تسول له نفسه التلاعب بصحة الحوامل الوافدات للعيادات من أجل إنقاذهن وإنقاذ أجنتهن إلا أنهن يواجهن بالصد من طرف من انعدمت رحمتهم، دون أدنى اعتبار للخطر الذي يهدد صحة الحامل أو جنينها، فكل شيء أصبحنا نتوقعه في قطاع الصحة الجزائري، فأين أنت يا وزير الصحة لتضع خطا أحمر لتلك المهازل الخطيرة وللأسف.
شهادات حية حيث تعيش العديد من الحوامل مأساة حقيقية عند بلوغ المخاض الذي يجرها حتما إلى زيارة عيادة عمومية بغية الولادة وتصطدم بوقائع يندى لها الجبين، ما عاشته إحدى الحوامل التي وجدت نفسها يتقاذف بها هنا وهناك والألم يفتك بها، إذ قالت إنها وفدت إلى عيادة المرادية المختصة في التوليد أو كما تعرف سنتان إلا أنه رفض قبولها بدعوى أنها أول ولادة وليست لهم الإمكانات لإسعافها، فما كان على المسكينة إلا التوجه إلى عيادة نعيمة المختصة في التوليد ببلكور بالعاصمة فتفاجأت أيضا بالرفض بدعوى أن حالتها مستعصية نوعا ما على اعتبار أنها أول ولادة وتم إرجاعها إلى المنزل على الرغم من الآلام التي كانت تفتك بأحشائها والمفروض أن تمكث بالمستشفى مع حصولها على الرعاية الكاملة، وتخوفت من الخطر الذي قد يداهمها هي وجنينها بعيدا عن الرقابة الطبية إلا أنها فوضت أمرها لله تعالى وانتظرت إلى الصباح أين توسط لها أحد المعارف في مستشفى عمومي لجأت إليه وكلها طمع في قبول حالتها وإنقاذها وجنينها وأخبرتنا أن تلك السلسلة من التعقيدات أحبطت معنوياتها كثيرا وزرعت الرعب بقلبها. أما سيدة أخرى فقالت إنها تعذبت كثيرا في ولادتها الأولى، أين تم رفضها على مستوى عيادة بلفور للتوليد لنفس الحجة كونها أول ولادة ويخافون المغامرة، تلك الحجة الواهية التي جُعلت لقذف النسوة الحوامل إلى الشارع، إلا أن حالة الإغماء التي أصابتها وسقوطها أرضا في فناء المستشفى شفعت لها بدخول المستشفى وتمت الولادة بصورة طبيعية بعيدة عن كل تلك العراقبل المصطنعة من طرف المكلفين بمصلحة الولادة على مستوى ذات العيادة. العيادات الخاصة تنادي لمن لا يملك معريفة كل شيء في وطننا الجزائر أضحى بالمعريفة حتى الولادة التي هي في الأصل سعي لفعل الخير وواجب إنساني لتقوية النسل البشري قبل أن تكون واجبا مهنيا أضحت ب المعريفة فصدقوا أو لا تصدقوا، ولا يهم من يسير بتلك السياسة حياة الأم أو الجنين، أو القلق الذي تدخل فيه عائلات بأكملها ونغض فرحتها بالمولود الجديد بعد تلك الحلقات المستعصية والركض وراء بصيص أمل لإنقاذ الأم الحامل وجنينها. وهو ما عبر به البعض، حيث قال زوج إحدى السيدات الحوامل إنه مل من إرساله من عيادة إلى أخرى لأسباب واهية كان هدفها الرئيسي التخلص من تكسار الراس ، وقال إنه احتار كثيرا من الطريقة التي استقبل بها ورفضت زوجته في أكثر من عيادة لأسباب يجهلها، وهو ما زاد من قلقله وقلق زوجته المريضة وختم كلامه بالقول حسبي الله هو نعم الوكيل . أما آخر وبعد دخوله في صراع مع الطاقم الطبي قال إنه سيجبر على تحصيل المال وإدخال زوجته إلى عيادة خاصة ولا يهمه المال أمام حياة زوجته وابنه، لكن تساءل في نفس الوقت أليس لكل مواطن جزائري الحق في الاستفادة من خدمات المصحات العمومية، فلماذا نجبر على دفع مستحقات العيادات الخاصة؟ وقال إن السبب يكمن في انعدام التسيير والتنظيم والرقابة على المستشفيات وغياب الضمير المهني، لندفع نحن الثمن وكيف لهؤلاء أن يغامروا بحياة حامل وجنينها لأسباب تبدو واهية ولا أساس لها من الصحة، يكون غرضها الرئيسي قذف الحامل إلى خارج المستشفى بعد تعقيدات إدارية لا يحتملها حتى من يصبر صبر أيوب . أنقذنا يا وزير الصحة؟ العينات التي ذكرناها ما هي إلا قطرة من بحر،إذ تعاني العديد من الحوامل من نفس المشكل والأمر يعود إلى بيروقراطية المستشفيات وحمل شعار المعريفة انعدام الضمير المهني وإهمال الواجب الإنساني، فمن لا يملك معريفة لا يحق له العلاج في مشفى عمومي كفرضية حفظت عن ظهر قلب منذ أمد بعيد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى أين نحن سائرون بتلك العقليات المتخلفة، وكان لنا أن نأخذ العبرة من الدول الغربية المتطورة التي تشجع على الولادات وتضع الحوامل في الحرير كما يقال بتيسير كافة الظروف لنجاح عملية الولادة وضمان صحة الأم والجنين معا، لكن الحامل عندنا لا تحترم ويكون مصيرها النزول والهبوط في الأدراج والسلالم ولا نقول المصاعد والتيه هنا وهناك وإحباط معنوياتها والزيادة في مخاوفها، على الرغم من أننا في بلد إسلامي كان عليه أن يشجع النسل البشري، لا أن يهين من يسعين إلى تقويته كما فرضه الله سبحانه وتعالى، فسيناريو العراقيل تواجهه الحوامل عند بلوغ ساعات المخاض وتكون وجهة من يأمن من الوضع العيادات الخاصة التي تكلفهن المال مقابل ضمان سلامتهن وسلامة مواليدهن، ذلك الشرط الذي غاب عن العيادات العمومية المختصة في التوليد وللأسف، وكانت صرخة جل الحوامل اللائي هن على مشارف المخاض تتلخص في عبارة أنقذنا يا وزير الصحة وأنقد مثيلاتنا من النسوة اللائي ينتظرهن الدور مستقبلا فتلك هي سنة الحياة.