اقتصاد المعرفة : السيد واضح يبحث مع المديرة التنفيذية المساعدة لمنظمة التجارة العالمية سبل تعزيز التعاون    فرنسا: الإعلام العمومي أداة لليمين المتطرف لاستهداف الأصوات المعارضة    محافظة الصالون الدولي للكتاب بالجزائر: إطلاق الطبعة الثانية لجائزة "كتابي الأول" الخاصة بالشباب    مجلس الخبرات الوطنية لصناعة السيارات:غريب: احصاء 2500 ترشح منها 500 من أبناء الجالية    الجزائر تشارك في قمة إفريقيا-مجموعة الكاريبي    تنعقد اليوم بجنيف..ندوة دولية حول عواقب تجاهل القانون الدولي للصحراء الغربية    غريب يستقبل باركس تاو.. طابع استراتيجي يميز العلاقات بين الجزائر وجنوب إفريقيا    افتتاح تظاهرة الأيام الإبداعية الإفريقية بصافكس    خطاب الرئيس كان تاريخياً    والي الجزائر يستقبل وفودا إفريقية ويعرض رؤية تطوير العاصمة في آفاق 2040    الجزائر وجنوب إفريقيا تبحثان تعزيز التعاون في الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة    سيفي غريّب يثني على الجالية الجزائرية    الدبلوماسية الجزائرية تواصل تعزيز حضورها القوي    جمعية صحراوية تندد ب" المناورة الجديدة" للمفوضية الأوروبية في محاولة الالتفاف على قرار محكمة العدل الأوروبية    تصعيد الاحتلال ضد غزّة إعلان نوايا إجرامية    خطوة جديدة في مسيرة بن ناصر    الساورة تهزم الشلف    تقلبات جوية : السلطات المحلية تباشر عقد اجتماعات تقييمية استباقية لتعزيزالتدخلات الوقائية    وزارة التضامن تطلق دليلا بيداغوجيا موحدا لمؤسسات استقبال الطفولة الصغيرة    استكمال الورشات.. وتجسيد الطموحات    معرض التجارة البينية الإفريقية : اتفاق ب 480 مليون دولار لتزويد أسواق غرب إفريقيا بالمعدات الكهربائية الجزائرية    معسكر : إبراز القيم الإنسانية والفكرية للأمير عبد القادر    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 64368 شهيدا و162776 مصابا    تصفيات كأس العالم 2026: المنتخب الوطني ينهي تحضيراته قبل لقاء غينيا بحصة تكتيكية    موجة حر بجيجل وبجاية وأمطار رعدية بولايات أخرى يومي الأحد والإثنين    معرض التجارة البينية الافريقية بالجزائر: سوناطراك تعقد لقاءات ثنائية مع شركات دولية    اختتام برنامج المخيمات الصيفية لسنة 2025    مناهج جديدة لدعم الجودة وتخفيف الضغط على المتمدرسين    الوكالة الوطنية للقرض المصغر تموّل 9 آلاف مشروع خلال السداسي الأول ل2025    إجماع على الخروج من دور "الكومبارس" في الاقتصاد العالمي    6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون الثنائي    المعرض الإفريقي للتجارة البينية : حفل لتوزيع جوائز CANEX Book Factory    فيلما في الطبعة ال20 للقاءات السينمائية لبجاية    المدية..نحو 30 مشاركا في الطبعة الثانية لمهرجان التصوير الفوتوغرافي    "نسور الجنوب" يطيحون "بأسود الونشريس"    ضبط 1047 وحدة من الألعاب النارية    حجز 40 ألف وحدة مفرقعات    المهن الشاقة.. تعب صامت في قلب القيظ    "الحمراوة " يضيعون المسار و"الحواتة" يصححونه    هكذا تتحول الشعوب إلى ضحايا صراعات الآخرين    لجنة مناهضة التعذيب الأممية تؤكد مواصلة العمل    غزّة وحيدة في مواجهة حرب الإبادة والتهجير القسري    "السياسي" يتصالح مع الأنصار بفوز صعب    فلسطين ضيف شرف "نشيد السلام"    200 مشارك من 20 ولاية ودولة تونس    عزابة تحتفي بمولد خير الأنام    وهران: إقامة مراسم افتتاح بطولتي إفريقيا لكرة اليد إناث لأقل من 17عاما وأقل من 19 عاما    الكرة الطائرة الشاطئية: الجزائر تتوج بطلة العرب عند الرجال والسيدات يحققن البرونز    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني: اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يغادر الغنوشي رئاسة النهضة ؟
نشر في أخبار اليوم يوم 06 - 03 - 2015

جاء التصريح المقتضب لرئيس حركة (النهضة) التونسية راشد الغنوشي حول إمكانية عدم ترشحه لرئاسة الحركة في المؤتمر المقبل لها، ليُشكّل مفاجأة من العيار الثقيل لكل متابعي الندوة التي التأمت نهاية الأسبوع في مدينة الحمامات، حين أعلن أنه (لم يحسم الأمر بعد ومن المحتمل ألا يترشح لرئاسة الحركة).
احتمال غريب في رأي بعض المتابعين بالنظر إلى الجهد التصحيحي الذي يقوده الغنوشي، والذي يتعارض مع جزء كبير من قواعد الحركة ومن بعض قيادييها أحياناً اخرى.
تصريح الغنوشي جاء على هامش ندوة عقدتها الحركة تحت عنوان (حركة النهضة... الآفاق الفكرية والسياسية)، ونظمتها (لجنة الإعداد المضموني) للمؤتمر العاشر للحركة، يومي السبت والأحد الماضيين، وتزامنت مع ذكرى مرور أربع سنوات على حصول (النهضة) على ترخيصها القانوني (بعد انتظار دام ثلاثين سنة كاملة من العذابات والمآسي والسجون والمنافي)، كما ورد في تهنئة الحركة لمناصريها.
الندوة جاءت لتطرح سؤالاً جوهرياً حول مستقبل الحركة وهويتها، بالنظر إلى المتغيرات المحلية والدولية، والسياقات الداخلية التي أرجأت قيادات (النهضة) طرحها إلى مؤتمرها المقبل، لتفصل نهائياً في قضية تلازم الجانب الدَعَوي والحزبي الذي رافق الحركة منذ تأسيسها.
واستغلال الغنوشي هذه المناسبة بالذات لطرح إمكانية عدم ترشحه لرئاسة الحركة في مؤتمرها المقبل يحمل معانٍ عديدة، ويعيد نقاشاً كبيراً وخافتاً في أروقة الحركة يدعو إلى تجديد القيادات، ويُخرج بعض الامتعاض الذي عبّرت عنه العديد من القيادات في محطات سياسية قريبة، الأمر الذي أدى إلى بعض التشققات في الحركة، ويعيدها من جديد إلى سطح الأحداث، ويغري بعض الطامحين في رئاسة الحركة وخلافة الغنوشي.
تيارات جديدة
غير أن التصريح اللافت سيغذي أيضاً ومن جديد صراع التيارات المختلفة داخل الحركة قبيل انعقاد المؤتمر، وهما بالأساس تياران بارزان، أولهما تيار الغنوشي وأنصاره الذين يرون في تجديده لفكر الحركة والذهاب بها إلى حداثة سياسية تعتمد البراغماتية ولا تتجاهل المتغيرات وتُقدّم التنازلات وتنتصر للديمقراطية وتُراجع نصوصها الأصلية إلى درجة القطع مع بعض الأصول التي أسست للحركات الإسلامية في عديد البلدان العربية، فيما يقف على الجهة المقابلة تيار أصولي يرى أن الحركة قدّمت العديد من التنازلات المرجعية والفكرية والسياسية وفقدت جزءاً من هويتها ومن مساحتها السياسية الممكنة.
ولا تنفي سيطرة هذين التيارين وجود بعض الأصوات الأخرى داخل (النهضة)، لا تختلف مع الغنوشي على المستوى الفكري وعلى مستوى تحديث الحركة، ولكنها لا تتفق معه سياسياً وترى انه أفقد الحركة الكثير مما كان يمكن أن تجنيه في السنوات الأخيرة، وبعضها لا يتفق مع أسلوب إدارته للحركة وللعلاقات السياسية في تونس، وخصوصاً تقاربه الكبير مع حزب (نداء تونس) و(شيخه) الباجي قايد السبسي.
أما أبرز القيادات التي عبّرت عن غضبها من (الشيخ المؤسس)، فهما الصادق شورو والحبيب اللوز المحسوبان على التيار الأصولي داخل الحركة، وحمادي الجبالي ورياض الشعيبي الغاضبان على الخيارات السياسية، وعبد الفتاح مورو صديق الغنوشي الذي يختلف معه في أسلوب إدارة الحركة ويرى أنه لا بد من إعطاء قيادة الحركة للشباب، هو دعا في مناسبات عديدة الغنوشي إلى الابتعاد عن قيادة الحركة. هذه القيادات تجد صدى ومناصرين لها من بين الكوادر الوسطى وقواعد (النهضة).
وجاء حضور الأمين العام للحركة المستقيل حمادي الجبالي خلال ندوة الحمامات، ليفتح شهية التأويلات حول خلافة الغنوشي، وعودة الجبالي الذي لا يتعارض جوهرياً مع الغنوشي، على الرغم من اختلافه المعلن معه حول إدارة الحركة وحول التنازلات السياسية التي قدمتها (النهضة) في السنوات الأخيرة والتي جعلتها تتراجع بحسب الجبالي.
غير أن تصريح الغنوشي بإمكانية عدم ترشحه لا يعني قطعاً أنه لن يترشح، وإنما هي مجرد إمكانية ستجد معارضة قوية من داخل الحركة ومن خارجها، وهناك من يعتقد بأن ذلك يمكن أن يُعتبر بمثابة اختبار لجعل الترشح من جديد ليس فقط رغبة شخصية وإنما مطلباً يدعمه جزء لا بأس به من كوادر الحركة.
فتيار الغنوشي داخل (النهضة) قوي ويُشكّل الأغلبية من دون شك، ويلتقي مع نظرة كثيرين من خارج الحركة الذين يرون أن الغنوشي استطاع أن يُطوّر (النهضة) وأن يوجّهها في اتجاه الإقرار بالمكاسب المجتمعية التي تحققت للمرأة وللشباب، وهو الأقرب من بين شيوخ الحركة إلى الحداثة وبإمكانه إجراء تطورات حقيقية في التفكير الإسلامي عموماً. ووجدت فيه هذه الأحزاب شخصية يمكن التحاور والتقارب معها سياسياً وفكرياً لأنها تنبذ العنف وتتبنى الممارسة الديمقراطية، بل تدعو إلى التقارب والاندماج السياسي، وستسعى هذه القوى بالتأكيد نحو دفع الغنوشي إلى التراجع عن نيته في الانسحاب في هذا التوقيت بالذات لأن هذا سيفتح الطريق أمام متشددي (النهضة) بما فيه من تأثير على المشهد السياسي التونسي الهش برمته.
ويبدو أن ما يحدث في الآونة الأخيرة داخل الحركة، بما فيها سؤال الخلافة، قد أثار غضب الكثيرين من المقرّبين لرئيسها الحالي، على غرار مستشاره السياسي وظلّه الملازم لطفي زيتون الذي اختار العودة إلى لندن، منفاه الأول، والتزم الصمت المطبق، وفق ما كشف عنه قيادي بارز من الحركة ل(العربي الجديد)، مشيراً إلى أن زيتون ليس الوحيد الذي التجأ إلى (الصمت التنظيمي).
ويطرح توقيت إعلان الغنوشي نيّته الانسحاب خلال ندوة الأحد أكثر من سؤال، فالمجتمعون في مدينة الحمامات من أبرز قيادات الحركة التاريخيين ومن حركات إسلامية عربية، التقوا لإعادة طرح السؤال المؤجل حول علاقة الجانب الدعوي الثقافي المجتمعي، بالسياسي والحزبي، وفق تصريح عضو مجلس شورى (النهضة) رضا إدريس، وتدارسوا موضوع الرؤية والهوية الفكرية والمنهج الأصولي للحركة، في مراجعة للورقة التأسيسية التي تم تقديمها سنة 1986 واستشراف رؤيا فكرية تجديدية شاملة للأعوام المقبلة.
وانطلق المجتمعون من تشخيص العلاقة بين الدعَوي والسياسي وتحليل الإشكاليات والنظر في إبعادها والاستراتيجيات المستقبلية لكيفية إدارة هذه المعادلة الصعبة أو (سبل تصريف المشروع) كما يسميه أبناء الحركة، وتباحثوا مسيرة النهضة تاريخياً، ونموها وتطورها مقارنة بالتجارب العربية الأخرى.
وأشار المشاركون إلى خطورة هذه الإشكالية لأنها تتعلق بالهوية الفكرية للحركة، وتبحث مجالات النقص أو القصور بالنظر إلى تغير السياقات التونسية والرسالة الجديدة للحركة بعد الثورة، وهو ما يستوجب اقتراحات تعديلية لنص 1986 الخاص بالرؤية الفكرية، حسب ما جاء على لسان إدريس.
كذلك أُثير خلال الندوة موضوع التحديات المستقبلية للمشروع الوطني والمشروع الإسلامي عموماً، والتشديد على أن تكون الإجابة عن تحديات واقعية مستجدة تتجه إلى تفعيل التمدّن في المجتمعات بديلاً عن العنف والتوحش.
ويمكن القول إن ندوة الحمامات ليست سوى بداية لفتح الأبواب والنوافذ أمام التساؤلات الهامة التي أجّلها المؤتمر السابق للحركة، والتي لم يعد من الممكن تأجيلها، فهل يحسمها المؤتمر المقبل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.