فى تصريح صحفى لسفير الجزائر بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية نذير العرباوى، قال إن صحيفة «الشروق» المصرية ، نشرت على صفحتها السابعة، قبل أيام حوارا مع السفير المغربى بالقاهرة تضمن العديد من الروايات والمغالطات، لتضليل الرأى العام وهى فى الحقيقة ممارسات تعودنا عليها، واعتمدنا دوما التعامل معها، بقدر كبير من الحكمة وبأسلوب متزن لأن الأمر يتعلق ببلد تربطنا به علاقات تاريخية وحسن الجوار. غير أنه احتراما لجريدتكم المرموقة ولقرائها الكرام ولإنارة الرأى العام فى مصر الشقيقة، أكتفى على سبيل التذكير والنزاهة، بعرض الحقائق الضائعة أو المضيعة. الحقيقة الأولى: أن الجزائر انتزعت واسترجعت سيادتها على كل شبر من أراضيها، من الاستعمار الغاشم بالتضحيات الجسام وبالدم والبارود، بعد مقاومة شعبية دامت أكثر من قرن وربع قرن وحرب تحريرية خالدة دفع فيها الشعب الجزائرى الأبى ثمنا باهضا ناهز مليون ونصف مليون شهيد، وهم أحياء عند ربهم يرزقون. ومدينة تندوف الغالية ككل المدن الجزائرية، سقيت تربتها بدماء الشهداء الأبرار. بالنسبة لحدودنا الغربية، وحتى يتضح الأمر لدى الجميع، أدعوكم إلى التمعن فى القرائن المادية والقانونية الدامغة وذلك بالوثائق الأصلية والمراجع الدولية الثابتة التى لا تدع أى مجال للشك أو التأويل وتدحض عبثية الإدعاءات التى لا تخرج عن نطاق التصريحات التضليلية اللا مسئولة والاستفزازات اليومية التى عودتنا عليها سلطات البلد الجار. فحدود الجزائر البرية مع المملكة المغربية الشقيقة، تم ترسيمها بشكل نهائى بموجب اتفاقية ثنائية وقع عليها الجانبان فى الرباط بتاريخ 15 جوان 1972. واستوفت إجراءات التصديق عليها وتم تبادل وثائق التصديق بين وزيرى خارجية البلدين بالجزائر يوم 14 ماى 1989. وسلم وزير الخارجية المغربى آنذاك المرحوم السيد عبداللطيف الفيلالى، لنظيره الجزائرى السيد بوعلام بالسايح، وثيقة تصديق المغرب على الاتفاقية، وتم التوقيع على محضر يؤكد تسلم وثائق التصديق الأصلية ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ. وتحوز الجزائر النسخة الأصلية لوثيقة التصديق المسلمة من قبل وزير الخارجية المغربى، والتى تنص صراحة على أن «ملك المغرب يوافق ويصدق على هذه الاتفاقية، ويتعهد بتطبيقها». بالإضافة إلى ذلك، فإن اتفاقية ترسيم الحدود البرية التى دخلت حيز التنفيذ فى 14 ماى 1989، تم إيداعها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة للتسجيل، طبقا للمادة 9 من اتفاقية ترسيم الحدود البرية التى تنص على تسجيلها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة فور دخولها حيز التنفيذ، وكذلك عملا بالمادة 102 من ميثاق الأممالمتحدة، التى تلزم الدول الأعضاء فى المنظمة بتسجيل كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية المبرمة فى أقرب وقت ممكن، وكذلك تنفيذا للفقرة الثالثة من المادة الأولى من نظام الأممالمتحدة المتعلق بإجراءات التسجيل، التى تلزم أى دولة طرف فى معاهدة، بالقيام بشكل انفرادى، بإجراءات التسجيل. وبناء عليه، قامت الأمانة العامة للأمم المتحدة بتاريخ 30 جويلية 2002، باستكمال إجراء التسجيل بموجب شهادة التسجيل المسلمة لهذا الغرض. يتبين مما تقدم بأن مسألة ترسيم الحدود البرية بين الجزائر والمغرب، تمت تسويتها نهائيا على المستويين السياسى والقانونى، من خلال التصديق على اتفاقية ترسيم الحدود وتبادل وثائق التصديق، وتسجيلهما لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة. عدا ذلك، وكل كلام لا يأخذ فى الاعتبار هذه الحقائق الدامغة، فهو مجرد ثرثرة تجانب الحقيقة، لا يمكن أن يصدر عن مسئول، نسى أنه لا يمثل حزبا، حزب الاستقلال، الذى طالما دعا إلى المشروع الوهمى للمغرب الكبير الممتد إلى نهر السنغال. الحقيقة الثانية: فيما يتعلق بقرار غلق الحدود البرية بين الجزائر والمغرب، فقد جاء كما يعلم الجميع، عقب الاتهامات الباطلة التى وجهت للجزائر، إثر الاعتداء الإرهابى على فندق فى مدينة مراكش سنة 1994. كما جاء قرار غلق الحدود كردة فعل على قرار الحكومة المغربية غير المبرر بفرض تأشيرة الدخول على المواطنين الجزائريين وقيام أعوان الأمن والشرطة بإجراءات تعسفية واعتداءات وأعمال قمع ضد عشرات الآلاف من السياح الجزائريين بل ومطاردة عائلاتهم وأطفالهم فى الفنادق المغربية. وأود الإشارة إلى أن هذه الجريمة اقترفتها مجموعة إرهابية تنتمى إلى شبكة جعلت من المغرب ممرا لتهريب السلاح إلى الإرهابيين فى الجزائر، علاوة على أن الحدود البرية كانت ولا تزال، معبرا لاستنزاف مقدراتنا الاقتصادية وتهريب المخدرات مع الملاحظة بأنه بالرغم من غلق الحدود البرية، تتهاطل على الجزائر الأطنان من المخدرات التى أصبحت تشكل عدوانا حقيقيا لا على الجزائر فقط بل على المنطقة، فما بالك لو كانت الحدود البرية مفتوحة؟ الحقيقة الثالثة بشأن إقحام الجزائر فى قضية الصحراء الغربية التى ليست طرفا فيها، فهى محاولة فاشلة كون هذه القضية قضية تصفية استعمار، طرفاها المغرب وجبهة البوليزاريو دون سواهما، كما تنص عليه لوائح الأممالمتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة. مصدر الأكاذيب والأدعاءات والتطاول يكمن فقط فى إلتزام الجزائر المبدئى، وفاء لتاريخها النضالى المجيد، بحق الشعوب فى تقرير مصيرها، وهو مبدأ ثابت ومقدس فى سياستها الخارجية، ظلت الجزائر ولا تزال، تدافع عنه فى كل مكان فى العالم. عدا ذلك، فما هو سوى تكتيك فاشل يرجى منه التضليل والتصعيد وزيادة التوتر، ومحاولة يائسة لجر الجزائر إلى صراعات هامشية لا يخدم مصالح الجوار.