رئيس الجمهورية: الجزائر اليوم تتعامل مع الرهانات بنفس جديد وتتطلع إلى رفع التحديات بكامل الثقة في قدراتها    الذكرى ال63 لاسترجاع السيادة الوطنية: السكك الحديدية في الجزائر, من أداة للنهب الاستعماري إلى رافعة إستراتيجية للتنمية الوطنية    جيجل: وفاة 4 أشخاص واصابة 35 آخرين بجروح في حادث انقلاب حافلة    رئيس الجمهورية يترأس الحفل السنوي لتقليد الرتب وإسداء الأوسمة    عملية نقل طيران الطاسيلي إلى الجوية الجزائرية تخضع لمبدأ العدالة والشفافية    الجزائر-فنزويلا: السيد شرفة يبرز أهمية الاسراع في انشاء مجلس أعمال ثنائي    محكمة ورقلة: إصدار أمر بإيداع ضد شخص متورط بنقل أزيد من 54 كلغ من الكوكايين    هاتف نقال: منح رخص الاستغلال لشبكات الاتصالات الإلكترونية النقالة من الجيل الخامس    ندوة وطنية لمديري التربية    اختتام مشروع باورفورماد بوهران    هذه تفاصيل هدنة ترامب في غزّة    ندوة حول الأمر اليومي للعقيد هواري بومدين    مستقبل الهجرة ونظرية الاستبدال العظيم    المجتمع الدولي مطالب بالعمل على رفع الحصار الجائر المفروض على الأراضي الصحراوية المحتلة    نهائي كاس الجزائر/ اتحاد الجزائر- شباب بلوزداد: قمة واعدة بين اختصاصين    الجزائر تتوفر على مؤهلات لوجيستيكية ومنشآت رياضية لاحتضان أي تظاهرة عالمية    الجيش يُوجّه ضربات موجعة لبقايا الإرهاب    قانون التعبئة العامّة في مجلس الأمة    توزيع آلاف السكنات ومقرّرات استفادة من قطع أرضية    الشواطئ ملك وطني مفتوح لكل المواطنين    المجلس الأعلى للغة العربية ينظم احتفائية    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57130 شهيدا و135173 مصابا    أمطار رعدية مرتقبة على عدة ولايات بشرق البلاد    جانت: انطلاق تظاهرة ''السبيبا'' الثقافية وسط حضور جماهيري غفير    إسبانيا: فعاليات تضامنية تربط الفن برسالة دعم للصحراء الغربية    البطلة الاولمبية كايليا نمور سفيرة جديدة لمؤسسة "أوريدو"    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    المشاريع السكنية أصبحت تُنجز في غضون سنة واحدة فقط    تغيراتها وانعكاساتها الإقليمية ج1    متابعة المشاريع المهيكلة الكبرى    الافتتاح الرسمي لمركز الامتياز المتخصّص في الصناعات الغذائية    نشكر الجزائر لحرصها على تقوية العلاقات بين البلدين    رصد تطوّر الإنتاج وفرص التصدير    أخبار اليوم تُهنّئ وتحتجب    تعيين حجيوي محمد رئيسا جديدا لمجلس الإدارة    المغرب من يعرقل الحل في الصحراء الغربية    دعوة لانتهاج خطط تحمي المواد المائية الحيوية    عقوبات صارمة تطول مافيا الشواطئ بالعاصمة    مشروع مستشفى ب500 سرير في قسنطينة قريبا    الأمن الفرنسي يوقف بلايلي في مطار باريس    توأمة بين البلديات : انطلاق قافلة ثقافية من تيميمون باتجاه مدينة أقبو    كرة اليد/كأس الجزائر (سيدات)..نادي بومرداس- نادي الأبيار: نهائي واعد بين عملاقي الكرة الصغيرة النسوية    فاطمة الزهراء سليماني و عبد الباسط بودواو يتوجان في المهرجان الوطني السادس للمواهب الشابة في فنون الغناء    دعوة إلى الاستلهام من الثورة الجزائرية للتحرر من قيود الاستعمار    الفاف" تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة    ستة مؤلفات جزائرية في أربع فئات    ياسين بن زية يتجه لتوقيع عقد جديد في أذربيجان    الجزائر تطمح للعب دور إقليمي في مجال الهيدروجين الأخضر    مدّ جسور الإنشاد من البلقان إلى دار السلام    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    برنامج خاص بالعطلة الصيفية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا ينهون جحيم سوريا!
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 06 - 2015


بقلم: مطاع صفدي*
من جديد ينبغي تكرار هذه المعلومة الأولى القائلة أن لا نهاية لفظائع (الربيع) المنكوب في مختلف جبهاته المستمرة إلا بإطفاء البركان السوري. هذا لا يعني أن سوريا، دولتها، أو بعض منظماته هي الفاعلة في كوارث الجحيم العربي الراهن. بل لأن لهذا الجحيم ثمة مركزية ما مستوطنة في هذا البلد. فما دامت كل فظائع المهالك غير المسبوقة في تاريخ الشر المحض قد ارتكبت نماذجها ما بين جحامل الهمجيات الفالتة في هذا البلد، فأمثالها وأشباهها تنتشر وتتجاوز كل حدود في أقاليم المنطقة كلها.
يدرك هذه الحقيقة السيد أوباما الذي أحبط كل حل عسكري، ثم سياسي، كان ممكناً لإغلاق الاتون السوري، فهو لا يفتأ يكرر عدم امتلاكه لاستراتيجية تقضي على داعش، لا يريد لها أن تزول كما لا يريد لسوريا أن تستعيد سلامها.. ذلك أن أبواب الجحيم لم تفتح جميعها بعد، فلا تزال هناك مهمات كبرى أخرى بانتظار أن تصلها الشرارات المتفجرة.
سيناريوهات التغيير
في خزائن عشرات من مراكز الأبحاث الأمريكية مصنّفاتٌ مكدّسة من سيناريوهات التغيير لكيانات العالم العربي. إنها مكتبة الإمبريالية العالمية، متخمةً بمشاريع الانقلابات البنيوية لمختلف أقطار العرب، وفي مقدمتها تبرز الدول النفطية. هنالك شبه إجماع (عقائدي) يتبناه أهم كتاب هذه السيناريوهات. وينطلق من اعتبار أن دول النفط ليست كيانات سياسية. وما يحكمها ليس سوى إدارات صدفوية وموقتة. فهي فاقدة ركائزها البنيوية. وقد قامت على عجل ما بعد نمط العيش الصحراوي من دون التمكن الواقعي من إنشاء مؤسسات دولة مدنية لمجتمع يريد أن يصبح متمدناً حقاً.
مئات من صنوف الدراسات المستقبلية المؤلَّفة والموضوعة من قبل (خبراء) الاستراتيجيات الدولية المكرَّسة لاستكمال هيمنة الإمبريالية العظمى، بانتظار حكم العالم دفعة واحدة. والكثير من هذه الوثائق تنصب على نوعية مستقبل العرب والإسلام، من خلال الأديان والعقائد والمنظمات وأشكال الحكومات التي ستضبط شعوب وأمم هذا النمط الخاص من البشر.
مراكز الأبحاث المتناثرة ما بين الجامعات الأمريكية والدوائر الدبلوماسية والمعاهد الخاصة، أعمالها شبه علنية، ومحصولها (العلمي) متوفر لطلابه في مراكزه المعروفة. وإذا كان المحور العربي والإسلامي يشغل حيزاً رئيسياً في معظمها، فذلك أمر طبيعي نظراً لبالغ الأهمية التي توليها أمريكا الدولة لقضايا الشرق العربي ومؤسساته الدولتية والمجتمعية.. فالمتابعة المعرفية والمعلوماتية الدقيقة لمختلف أحداثه ووقائع حياته اليومية جماعياً وفئوياً وحتى فردياً، هي التي توفر المواد الأولية لبناء خطط التعامل. وإنجاز القرارات التي تعتمدها دوائر الدولة ذات العلاقات الخارجية بعالم ما وراء المحيطات. إذ أن ثقافة الهيمنة الأمبريالية اعتمدت دائماً على عناصرها الثلاثة: وهي العقل والمال والجغرافية السياسية والاقتصادية. وهي العناصر المؤسسة لمختلف عوامل التقدم أو التخلف في العصر الراهن. وإن فهمها يتطلب ملاحقة شمولية لتطوراتها واكتشاف علاقاتها المضطردة فيما بينها. فالسياسة المعرفية هي أهم ما تميزت به ثقافة الهيمنة العصرية. وقد يفسر ذلك نجاحاتها الكبرى، بالأخص منذ الحرب العالمية الثانية. لكن سجل الانتصارات محفوف كذلك بسجل آخر مكتوم في معظمه، ويخص خانة الانهزام وفواجعه المسكوت عنها. غير أن مراكز الأبحاث التي لا تُقرّ بأية هزيمة نهائية إلا أنها لا تعفّ عن درس وقائع الفشل. فما بين مناورات التعليل والتسويغ قد تبرز مكامن الأخطاء وتنكشف الأسباب والنتائج. وحين تتعلم الهيمنةُ من بعض أخطائها فإنها تضاعف من عنفها. وتحسّن من خططها وأدواتها، تجنباً لمواجهة ما لا يمكن إصلاحه في المستقبل.
نحن الفريسة دوما
نقول هذا ونحن نعتقد أن قضايانا العربية كانت الفريسةَ المفضلة لمغامرات الهيمنة الأمبريالية. بل يمكن الجزم أن ما من قضية مصيرية إلا و تكون فيها الهيمنة هي الخصم الأقوى والأفعل، وبما يتجاوز القوى المحلية المضادة؛ أي أن العوامل الخارجية ، والمصطلح على تسميتها بالدولية من استعمار واستغلال وسواهما، قد تكون غالباً هي صاحبة مخططاته وهي راعية تنفيذها، وهي المستفيدة الأولى من وقائعها ونتائجها.
نقول هذا لا لنثبت ما هو شائع ومعروف عن تسلط الهيمنة الأمبريالية على معظم الحدث العربي والإقليمي. بل لكي نقول بالفم الملآن. ودون الخشية من تهمة الانصياع لأسطرة (المؤامرة) أن الربيع العربي الذي يفخر بعض ثوارنا أنه كان مفاجأة للأجنبي وليس الوطني وحده، فهو جاء مفاجأةً لأصحاب الهيمنة أنفسهم، إذ رأوا فيه فرصة سعيدة نادرة لفتح كل أبواب المنطقة أمام كل متدخل. فمن يمكنه اليوم أن يمارس أية تمييزات قاطعة ما بين عوامل الداخل وعوامل الخارج في سوريا والعراق أولاً، وفي الأقطار الأخرى.
علينا الاعتراف أن ربيعنا العربي متساقط بين أحابيل كل الشبهات التي يمكنها أن تقلب أغلب راياته البيضاء إلى الأعلام السوداء الداكنة. أعظم التحديات الحقيقية لرصيده الثوري هو الفوز بنظام سلمي حقيقي لثورة واحدة ناجحة نسبياً. مثل هذا التحدي (الخارق؟) تعمل على تأجيله كل يوم نكسةٌ تليها نكسة أخرى في هذا القطر أو ذاك.
يتفق مراقبون غربيون كثيرون أن نكبة المشرق لم تعد من قضايا الثورة والتحرر، باتت كرة نارية طائشة توزع جحافلها الحمراء وتقذفها إلى كل مكان، وتنتج كل شياطين العنف لما قبل التاريخي. هنالك نوع من الطيش الجحيمي تغذيه أدنى الغرائز الحيوانية المعجونة بأحقاد غيبية دهرية..
ثقافة الهيمنة لم تعد في حاجة إلى (المؤامرات) أمسى ضحايا المؤامرة هم أبطال مخططيها ومنفذيها. لقد انتهى عصر الأحزاب وشعاراتها وطقوسها. فالبراكين الصاخبة تفجرها صخورها النارية عينها. هي التي تتولى الإعلان عن ثوراتها، وهي التي تخمدها وتبدّد نيرانها. والجميع يترقب البراكين الأخرى القادمة. لا أحد يتصور سيناريو مسبقاً سلفاً لإنهاء جحيم واحد ما.
لماذا لا يريد أوباما إغلاق المجزرة السورية، لأن عصر الأرض العربية المحروقة (كلياً) لم تكتمل مراحله بعد.
فما زالت هناك براكين أخرى كثيرة يمكن وصفها أنها لم تزل عذراء لم تخترقها فوهات الجحيم من صميم صخرها شبه المستكين، حتى اللحظة. ذلك أن سوريا دأبت أن تقدم أمثلة الفظائع جميعها في أفجع رموزها المطلقة، كل انفجار (ثوروي) في قطر آخر يصير أشبه بحاصل تحصيل عادي. لا بد إذن من استمرارية المختبر القياسي الأعلى حتى تبدو لواحق الثوريات الآتية غداً أشبه بنتائج تطبيقات فرعية عن نماذجها الكبرى في بلادنا الشامية الجميلة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.