كانت في أعراس الماضي الحناء حاضرة بقوة إذ تضفي بهجة على الأعراس وعادة ما يقام ذلك العرف ليلة الأربعاء لتزف العروس يوم الخميس إلى بيت الزوج لكن لم تعد لتلك العادة حضورا في أعراس اليوم وغابت بصفة تكاد تكون كلية عن الأعراس بدعوى تقليص التكاليف والمستلزمات التي يستلزمها ذلك العرف الذي عادة ما يرفق بتخصيص أهل العروس عشاء لأهل العريس الذي يرافق القيام بتلك العادة الحميدة وانسلاخ أصحاب الأعراس من التكاليف أدى بهم إلى إلغاء ذلك العرف الذي كان ملزما ولم يكن هناك عرسا يتم دون ربط الحناء للعروس وكذلك العريس. لازالت بعض العائلات من تلتزم بالحناء ووجدت أن بإلغائها يلغى مظهر هام من مظاهر العرس فالحناء تجلب الفال الحسن وتدل على الفرح والغبطة ويقترن حضورها بالولائم والمناسبات الدينية. بحيث اتحدت أغلب ولايات الوطن الشرقية والغربية وحتى ولايات الجنوب في ذلك العرف دون أن ننسى ولايات الوسط فبه يرمز للعروس الجزائرية لكن العادة عرفت تراجعا في السنوات الأخيرة مما يهدد ويعصف بالأعراف والتقاليد الجزائرية الأصيلة. في هذا الصدد اقتربنا من بعض الأوانس والسيدات لرصد آرائهن في الموضوع فكانت آراء متباينة لكنها صبت في وعاء واحد وأكدت غياب العرف عن أعراس اليوم بعد أن كانت الحناء تحضر بقوة في أعراس الأمس. الحاجة علجية من بلكور العتيق قالت إن الحناء ترمز للفرح وتخضيب الأيدي يدل على الغبطة فالحناء تحضر في كل المناسبات فما بالنا الأعراس وأضافت أن أعراس الأمس كانت تخصص يوما لذلك العرف وعادة ما يقترن بيوم الأربعاء بحيث يذهب أهل العريس في موكب خاص ويرفقون معهم (الطبق) وردي اللون والذي يحوي الحناء والسكر والبيض وماء الزهر والشموع وحلويات (الدراجي) لتوزيعها بعد إنهاء الحناء بحيث يقصدون بيت العروس بعد صلاة المغرب في أجواء مميزة تعلوها زغاريد النسوة وأبواق السيارات وبعد الدخول وأخذهم لقسط من الراحة تدخل العروس التي تلبس لباسا مخصصا للحناء وعادة ما تكون جبة من الحرير الخالص وردية اللون ويكلف اثنان من الأطفال بحمل الشموع وتقوم سيدة كبيرة قد تكون خالة أو عمة العريس أو حتى أمه بوضع الحناء بعد مزجها بالبيض والسكر وماء الزهر على أن توضع (محرمة الفتول) على رأس العروس ويكون ربط الحناء على صوت (التقدام) من طرف المدعوات بحيث تتغنى النسوة بالرسول عليه الصلاة والسلام للتبرك به في العرس وكذلك تثني تلك المقاطع على الخصال الحميدة للعروس والعريس وعند الانتهاء تطلق الأوانس الزغاريد وهكذا حتى تنتهي عملية ربط الحناء في أيدي العروس وقالت إنها كانت أجواء مميزة فعلا تزيد من نكهة العرس وتحفظ العادات والتقاليد التي غابت نوعا ما حاليا. من السيدات من رأين في ذلك العرف زيادة في تكاليف العرس منهن الآنسة فريال المقبلة على الزواج قالت إنها سوف تكتفي بربط الحناء بين أهلها دون تكليف أهل العريس بالقدوم حتى تنقص من التكاليف فقدوم أهل العريس يعني تخصيص وجبة عشاء لهم وترى أن ذلك فيه زيادة في تكاليف العرس. السيدة فطيمة في العقد السابع قالت إنها لازالت تتمسك بعادات زمان في العرس وأقامت حناء بناتها بقدوم أهل العريس وكانت أجواء بهيجة مثل تلك التي عهدناها في أيام زمان. وتجدر الإشارة أن بعض الشوائب التي طالت العرف وحوم شكوك السحر والشعوذة أدى إلى زرع الخوف وتلاشي عادة الحناء إلى جانب أسباب أخرى واهية إلا أن عادة الحناء تبقى عادة مميزة في الأعراس الجزائرية وجب العودة إليها في أعراس اليوم.