غليزان : جثمان المجاهد عابد سالمي يوارى الثرى    استمرار منع الاحتلال الصهيوني إدخال الوقود إلى غزة يهدد بوقف تام للعمليات الإنسانية    "الطيران المدني" الإيراني: تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى ظهر اليوم    مديرية الاتصال تكذب خبر إجراء رئيس الجمهورية لقاء إعلامي مع صحف أجنبية    المجلس الشعبي الوطني: المصادقة على 3 مشاريع قوانين    العيد ربيقة : إحياء ذكرى المعارك التاريخية تذكير بتضحيات الشهداء والمجاهدين    بقائي: المواجهة ستستمر بقوة    صواريخ طهران تحرق تل أبيب    مرتبة ثانية لسجاتي    الفاف تحدّد شروط الصعود والنزول    وزير العدل : جزائر الشهداء ستدحر كل المكائد    المصادقة على القانون المتعلق بالتعبئة العامة    أسعار النفط إلى 75.93 دولار للبرميل    إطلاق موجة جديدة من الهجمات الصاروخية    العدوان الإسرائيلي على إيران.. واللعب بالنار –ج1-    تخفيض سن التقاعد لعمال التربية يأتي "تجسيدا لالتزام رئيس الجمهورية    قانون التعبئة" يكسب بلادنا القوة والمناعة والصرامة الاستراتيجية    وزارة التضامن الوطني تنظم احتفالية بحديقة الحامة    حوادث الطرقات : وفاة 14 شخصا و إصابة 225 آخرين    منع إدخال الهاتف النقال أو أي جهاز اتصال الكتروني    احياء التظاهرات المرتبطة بالثورة التحريرية المجيدة    السيادة الغذائية خط أحمر ولا مكان لهواة الفلكلور    الجزائر تطالب مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته    تخرّج 9 دفعات من الطلبة الرتباء في عدة تخصّصات    رفع طاقة إنتاج "الذهبية" إلى 50 ألف وحدة يوميا    مصاعد هوائية جديدة لتخفيف الازدحام بالعاصمة    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: مجمع حكمة الاردني يستعرض تقدم مشاريعه في الجزائر    مشروع استثماري تركي في الطاقات المتجدّدة بسعيدة    " يونيسف" تثمّن دور الهلال الأحمر الجزائري    إقبال كبير على شواطئ سكيكدة    "الخردة" وجهة "المنقبين" عن القطع الأصيلة    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    بن ناصر لن يلعب في قطر ويعالج في مستشفى "أسبيتار"    أسطورة الريال قائد بالفطرة    على الكاتب المساهمة في بناء الوطن    تنافس 7 عروض على "العنقود الذهبي"    فتح المساجد ودور الشباب والمكتبات لاستقبال ممتحني البكالوريا    حاج موسى يثير أزمة بسبب قميص أيندهوفن    السيد سايحي يلتقي بوزيري الفلاحة والبيئة التونسيين    موسم الحصاد والدرس: مهنيون يؤكدون أن محصول 2025 سيكون أوفر من الموسم الماضي    الوادي : انتقاء 15 عرضا للمشاركة في المهرجان الدولي للمونودراما النسائي    نهائي كأس الجزائر لكرة السلة -2025/ رجال:اتحاد الجزائر، حامل الكأس، في مواجهة نادي سطاوالي، بطل الموسم    البطولة الوطنية للجيدو ما بين مصالح الشرطة: انطلاق منافسات الطبعة ال14 بوهران    كأس إفريقيا سيدات : المنتخب الجزائري يشرع في تربص تحضيري بوهران    المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي : تنافس 7 مسرحيات على "العنقود الذهبي"    المجلس الأعلى للشباب : قافلة وطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي تحط رحالها بإيليزي    إطلاق مشروع تعميم العنونة الجغرافية بورقلة: خطوة استراتيجية نحو تنمية محلية مستدامة    ما تْغامْروش..    طوابع بريدية جديدة    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    أدعو إلى التجديد والإبداع في الفن مثلما فعل العنقا    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    بشارات ربانية عظيمة    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديك الدهر قد باض في بغداد حكومة
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 12 - 2015


بقلم: هيفاء زنكنة*
أخبرتني إحدى الصديقات بأن هناك حملة تقوم بها سيدة بريطانية بلندن لجمع الملابس والأحذية المستعملة للنازحين العراقيين. فتساءلت عما إذا كنا قد بلغنا قاع الهاوية أم أن هاويتنا بلا قاع؟
كيف تحول الشعب الذي كان يهدي الكتب والدفاتر والأقلام للشعوب العربية والإسلامية لتتعلم وتدرس إلى مستجد يجمع له ذوو الإحسان الملابس والأحذية المستعملة؟ كيف بات من كان متعودا على سكن البيوت بحدائقها الواسعة إلى نازح في غرف بمبان خربة وخيام تتصدق بها المنظمات الخيرية إذا كان محظوظا؟ من الذي يتحمل مسؤولية هذا التحول المذهل الذي يكاد يقترب بالعقل لفرط لاعقلانيته من حافة الجنون؟
ليس هناك من يتحمل المسؤولية. الكل بريء من فاجعة الملايين النازحة من العراقيين. الحكومة العراقية الممثلة للشعب افتراضا تحمل تنظيم داعش المسؤولية لتغسل يديها من مسؤولية التهجير في سنوات ما قبل داعش. وهي سنوات يعمل جميع المسؤولين عن التهجير القسري على محوها من الذاكرة. لم يعد هناك ذكر لجرائم الاحتلال وحكوماته. لم تعد هناك مسؤولية محتل أو قوات أجنبية. لم يعد هناك احتلال أساسا مهما كان عدد الدول التي تطأ العراق. مُحيت جريمة قتل ما يقارب المليون مواطن منذ عام الغزو في 2003. صار تاريخ الجرائم المرتكبة ضد الشعب المعترف به رسميا وبالتالي تحميل المسؤولية هو يوم احتلال داعش (يسميه داعش تحريرا كما فعل غزاة العراق) لمدينة الموصل شمال العراق وإعلان الدولة الإسلامية.
ويٌبعد مجلس النواب الممثل للشعب افتراضا عن نفسه المسؤولية. ليحملها المجتمع الدولي داعيا إياه بلسان سليم الجبوري رئيس المجلس إلى اتخاذ موقف جاد تجاه أزمة النازحين وأن يتحول موقفهم من محاولة التقييم إلى مساهم فاعل في معالجة مأساتهم . مما يجعل المجلس في حل من اتخاذ أي قرار لتحسين وضع النازحين. وبلغ الاستخفاف بآلام النازحين الذين يفتقدون المأوى والخدمات في درجاتها الدنيا ويزداد بؤسا مع برودة وفيضانات الشتاء أن يدلي الجبوري بتصريحه في 18 نوفمبر خلال افتتاحه معرضاً مصوراً عن معاناة النازحين.
وقد أقيم المعرض في مبنى مجلس النواب. نعم هذه هي الحقيقة الموجعة. افتتح الجبوري معرضا مصورا يحكي معاناة النازحين لحضرات النواب. لماذا؟ هل حضرات النواب من السياح الأجانب؟ ألا يعرف النواب معاناة النازحين ونشرات الأخبار في الأستديوهات التي يكادون لا يغادرونها لفرط إطلاقهم التصريحات لا تخلو من أخبار النازحين ومناداتهم الحكومة والنواب أن يفعلوا شيئا من أجلهم؟ وإذا كانت هناك سيدة ببريطانيا تعرف مأساة النازحين العراقيين وتعمل على التخفيف عنهم ألا يعرف النواب حكاية النازحين؟ رحم الله الرصافي يوم قال: إن ديك الدهر قد باض ببغدادة وزارة !
العراق الجريح
إنسانيا أعلنت المنظمة الدولية للهجرة فرع العراق أن النزوح داخل العراق يتزايد. ويحتاج النازحون إلى الدعم الشامل كون معظمهم فروا من منازلهم ولم يأخذوا معهم سوى الأشياء التي يستطيعون حملها . وافتتحت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين مخيما جديدا في محافظة الأنبار يتسع لثلاثة آلاف نازح من مدينة الفلوجة الذين تمنع الحكومة دخولهم إلى بغداد إلا بوجود كفيل وهو ما لا تفعله مع الإسرائيلي والإيراني. بينما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أن الوكالات الإنسانية الدولية مفلسة لكثرة النازحين والمهجرين العراقيين والسوريين. وقال عضو في مفوضية حقوق الإنسان إن شتاء 2016 سيكون الأقسى على النازحين في العراق بسبب انعدام المساعدات المقدمة لهم. فلماذا لا تقوم الحكومة بتقديم المساعدات لهم وهي المهيمنة على أعلى الميزانيات التي عرفها في تاريخه المعاصر؟
إن ما يختار رئيس مجلس النواب والأمين العام للأمم المتحدة عدم التطرق إليه حول معاناة النازحين هو أن مسؤولية فشل العلاج الأولى أو على الأقل توفير الأساسيات للنازحين تقع على عاتق الحكومة على افتراض أن المأساة بدأت فعلا مع مجيء داعش. وسبب الفشل واضح وضوح الشمس فالحكومة ومجلس النواب وساسة الاحتلال (بأنواعه) غارقون في مستنقع الفساد المالي والإداري ومصالحهم المافيوية وملفات التهديد والابتزاز بضمنها الابتزاز الجنسي كما يبدو متشابكة إلى حد لم يعد بالإمكان تفكيك فاسد من فاسد أو تبرئة سياسي من آخر. فالكل يدعي أنه الشرف والصدق والنزاهة. والكل يدعي أن الآخر لص فاسد.
في ظل هذه الحكومة وما سبقها بقيادة حزب الدعوة وبمشاركة مجلس النواب بإسلامييه وعلمانييه تمت سرقة 360 مليار دولار أو ما يعادل نصف عائدات نفط العراق تقريبا خلال عشر سنوات فقط حسب تقارير لجان في مجلس النواب. وخلال عام واحد تم تهريب 550 مليون دولار من قبل شخص واحد. ولنتمكن من تصور انعكاس حجم هذه السرقات الرسمية على تحسين أوضاع النازحين اقتبس ما كتبه أحد القراء معلقا بأن المبلغ المسروق يعادل تكلفة بناء 12 مليون وحدة سكنية بقيمة 30 ألف دولار للوحدة السكنية الواحدة. مما يعني ليس فقط حل مشكلة السكن والمدارس والمرافق الخدمية في البلد ذي ال35 مليون مواطن بل يضع تحسين وضع النازحين وتزويدهم بما يحفظ كرامتهم ومساعدة الأطفال على مواصلة التعليم في إطاره: أمر ممكن التحقيق وليس مستحيلا كما يشاع فيما لو توفرت النية الصادقة لحكومة ترى أن دورها الأول والأخير هو تمثيل المواطنين ويتم تنظيفها من الساسة اللصوص الذين يجدون في الشخص النزيه حقا تهديدا على وجودهم ومصالحهم. مع إدراكنا بأن تقديم المساعدات الإنسانية لن يوفر حلا جذريا. إذ يرتبط الحل باستعادة العراق سيادته على أراضيه وبناء دولة يتمتع فيها العراقي بالحرية والكرامة وحق المواطنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.