الشيخ: قسول جلول ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُون...)) في هذه الأيام كثر الحديث عن الحلال والحرام...والكل يقول هذا حلال وهذا حرام !! إلجام العوام عن الكلام في الحلال والحرام !! هذه العبارة مستوحاة من العبارة الشهيرة لأبي حامد الغزالي رحمه الله...إدعاء حق التشريع اعتداء على حق الله وسلطانه وألوهيته وأن الله هو الذي يحرم ويحلل((يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله...)). إن مقتضى إيمانكم ألا تزاولوا أنتم - وأنتم بشر عبيد لله خصائص الألوهية التي يتفرد بها الله. فليس لكم أن تحرموا ما أحل الله من الطيبات وليس لكم أن تمتنعوا - على وجه التحريم - عن الأكل مما رزقكم الله حلالا طيبا.. فالله هو الذي رزقكم بهذا الحلال الطيب. والذي يملك أن يقول: هذا حرام وهذا حلال فهو وحده صاحب الحق إذن في أن يحل لهم ما يشاء من رزقه وأن يحرم عليهم ما يشاء. وهو منطق يعترف به البشر أنفسهم. فصاحب الملك هو صاحب الحق في التصرف فيه. والخارج على هذا المبدأ البديهي معتد لا شك في اعتدائه ! والذين آمنوا لا يعتدون بطبيعة الحال على الله الذي هم به مؤمنون ولا يجتمع الاعتداء على الله والإيمان به في قلب واحد على الإطلاق!! هذه هي القضية التي تعرضها هاتان الآيتان في وضوح منطقي لايجادل فيه إلا معتد والله لا يحب المعتدين وهي قضية عامة تقرر مبدأ عاما يتعلق بحق الألوهية في رقاب العباد ويتعلق بمقتضى الإيمان بالله في سلوك المؤمنين في هذه القضية. سلوكات خاطئة ومن سلوكاتنا الخاطئة ومن الظواهرالغربية والتي لم تكن في المجتمع الجزائري هي إطلاق ألسنتنا ومن جميع الناس وبملإ أفواهنا.(هذا حلال وهذا حرام) من أصغر قضية إلى أكبر قضية فاللحوم المستورة حرام ؟ والمنتوجات الغذائية حرام ؟ وأصبح السماسرة والأباطرة من المستوردين والمصدرين يستغلون فتاوى دينية من علماء جزائريين أو خليجيين لتحليل منتوجهم وتغطيته بغطاء ديني... ومنهم من يشتري فتوى تحرم إقامة مذابح آلية لأنها تقطع الطريق أمام مصالحهم ومنهم من..... ومنهم... سئل الإمام مالك (رحمه الله) إمام دار الهجرة عن أربعين مسألة جاء بها رجل قادم عليه مسافر إليه يسأله عنها فأجاب عن ست مسائل وقال عن البقية لا أدري مالك قال لا أدري قال الرجل جئتك من كذا وكذا وتقول لا أدري قال نعم اركب راحلتك وارجع وقل للناس سألت مالكًا وقال لا أدري. وكان السلف الصالح على جلالة قدرهم وسعة علمهم لا يتبادرون إلى الفتوى يسندوها إلى غيرهم يتدافعونها فإذا سُئل قال اذهب إلى فلان لكن نحن وللأسف كل الناس يفتون !!! وهذه المهمة هي مهمة العلماء وأهل الاختصاص كل في ميدانه لقوله عز وجل (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ). وتقرأ وتسمع..مثلا لجنة الحلال وشهادات حلال وأكل مكتوب عليه حلال ولحم مكتوب عليه حلال وإنتاج الأغذية الحلال الخ... مفاهيم قرآنية للحديث حول هذا الموضوع يجب أن نعرف الحلال من عالم الطيور والمحرم منها الحلال من الحيوانات والمحرم منها وغيرهما من الزواحف والحشرات والرخويات والحديث حول عملية الذبح الحلال من الناحية الفقهية والمراقبة الدّقيقة في المسالخ وتوضيح كيف يتعامل الجزئريون مع هذا المولود الجديد والمشروع المنتظر ثقتهم كبيرة في علمائهم وخاصة بعد تشكيل لجنة من ذوي الاختصاص تبحث في هذا الموضوع الذي فرضته التجارة العالمية. للفصل في هذه القضية والإجابة على الأسئلة الغامضة التي يستعملها المغرضون للتشكيك في الذبح في المذابح المحلية والمذابح العالمية !!! ودخول الجزائر للاستثمار في هذا المجال للاكتفاء الذاتي والتصدير مما يستوجب مرافقة هذه العملية وفق خصوصية الشعب الجزائري وتخصيص حصص وندوات لرفع اللبس وتوضيح هذه العملية من حيث الجوانب المتعلقة ببعض المصطلحات العلمية والمفاهيم حتى لا تؤول وتشرح لفائدة شريحة معينة على حساب الدين أو على حساب الاقتصاد الوطني....!!! وعدم الوقوف بجهالة أمام المتعاملين الاقتصاديين الذين ينوون إقامة معامل جديدة متخصصة في الذبح الأوتوماتيكي في الجزائر والجدل الحاصل في مجال الذكاة من حيث جوانبها الشرعيّة والعلميّة والتي يجب أن تكون مطابقة للشريعة الإسلامية التي دعت إلى الإحسان في كل شيء وتوفير الطعام الحلال خصوصا فيما تعلق باللحوم ومشتقاتها؟ وهناك دول إسلامية مستوردة لهذه اللحوم ومشتقاتها كدول الخليج مثلا فمنذ سنوات وهي تتغذى على اللحوم المجمدة المختلفة ولم يطرح هذا الإشكال رغم أن علماء الخليج كما تعلمون يشككون في كل شيء ويحرمون كل مايسألون عنه إلا اللحوم ومنتوجاتها المستوردة من الخارج والحاملة لعبارة..حلال.من دول مختلفة.
مفهوم الحلال والحرام في الإسلام هو أن المباح يعبر عنه حلال وأن غير المباح يعبر عنه حرام والقرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حددا الفرق بينهما وأن المسلم دقيق جداً في موضوع الكلمتين حلال وحرام ولمعرفة ما يحل من أنواع الطيور والحيونات والزواحف وغيرها يجب أن نعرف أن الإسلام حرم في عالم الطيور أن جميع الطيور مباح أكلها على اختلاف ألوانها وأشكالها فلا يحرم منها إلا ما له مخلب يجرح به كالصقر والباز والشاهين والنسر والعقاب وجميع جوارح الطير. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير. رواه مسلم. والمراد مخلب يصيد به إذ من المعلوم أنه لا يسمى ذا مخلب عند العرب إلا الصائد بمخلبه وحده. وأما العصافير والحمام وسائر ما لا يصيد بمخلبه فلا تسمى ذوات مخالب ما يأكل الجيف والزبل من الطيور كالغراب والرخم لخبث لحمه وقد قال تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157]. دخل في ما لا يجوز أكله أيضاً أمران: أما حيوانات البحر التي لا تعيش إلا فيه فمباحة كلها صغيرها وكبيرها ولا يستثنى منها شيء فكلها مباحة لعموم قوله تبارك وتعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ [المائدة:96]. الإسلام حرم في عالم الحيوانات قال الله تعالى: ((حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسمها بالأزلام ذلكم فسق)) المائدة الآية 3. وقال جل من قائل ((قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسق أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم)) الأنعام الآية145. وقد أثبت العلم الحديث الكثير من الحقائق العلمية التي تؤيد تحريم هذه الأطعمة لما تتضمنه من مفاسد وأضرار على صحة الإنسان: الميتة: وهي ما مات حتف أنفه سواء موتا عاديا أو بالشيخوخة أو بالإصابة بالأمراض أو بالذبح دون الالتزام بالذكاة الشرعية... فالموت بسبب الكبر أو بسبب مرض من الأمراض الفتاكة فتناول لحوم هذه الحيوانات يشكل خطورة على صحة الإنسان وقد رخص الشارع الحكيم بتناول أنواع من الميتة مثل لحوم السمك والجراد كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحلت لنا ميتتان: السمك والجراد ودمان: الكبد والطحال) رواه أحمد والشافعي. الدم: أي الدم المسفوح وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الدم حامل لعدد كبير من الجراثيم والسموم والفضلات فهو مضر للصحة. لحم الخنزير: والخنزير حيوان قذر يعيش على الأوساخ والقاذورات وإن تحريم لحم الخنزير كان قطعيا في آية واحدة وقد أجمع العلماء على تحريم جميع أجزاء الخنزير وذكر الآية للحم الخنزير هو من باب المجاز اللغوي إذ أطلق الله عز وجل الجزاء (وهو اللحم) وأراد الكل وهو جميع الخنزير ما أهل لغير الله به: يحرم الإسلام أكل كل ما ذبح لغير الله أو ذكر عليه غير اسم الله عز وجل يقول الله تبارك وتعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق)) الأنعام الآية 121 وهذا الأمر يؤكد ارتباط غذاء الإنسان بعقيدته وأنه جزء من منظومة العبودية لله عز وجل فالأكل من غير ما ذبح لله دليل على موافقة الأكل لهذا الأمر وإقراره عليه. المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة: والمنخنقة: هي التي تخنق فتموت. والموقوذة: هي التي ضربت بعصا أو بحجر فقتلت. والمتردية: هي التي تردت من مكان عال فماتت. والنطيحة: هي التي تنطحها أخرى فتقتلها. والحيوانات في مثل هذه الحالات لا يحل أكلها لأنها ماتت أو قتلت بغير الذكاة الشرعية التي تساعد على خروج الدم الضار من الجسم ما أكل السبع إلا ما ذكيتم: والمقصود به هو ما جرحه الحيوان المفترس وأن الإسلام حرم أكل لحوم الحيوانات المفترسة والجارحة التي تتغذى على لحوم حيوانات أخرى مثل السباع والقطط والكلاب بالإضافة إلى الطيور الجارحة مثل الصقر والنسر والعقاب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير). أما الزواحف والسحالي والثعابين والحشرات والأشياء التي لا دم لها فإن كان مما ينفع الإنسان ولا يضره فإن أكله جائز أما إن كان يضر الإنسان أكله فإنه لا يحل له. لأن الله -سبحانه وتعالى- ذكر المحرمات في سورة الأنعام وسورة المائدة ولم يذكر فيها الحشرات على أنها من المحرمات. ولذلك خضعت الحشرات للقاعدة العامة وهي أن الله أحل الطيبات وحرم الخبائث كما جاء في سورة الأعراف فما كان نافعا طاهرا ولم يأت نص بمنع أكله فإنه يجوز أكله وما كان خبيثا ضارا فإنه محرم بنص الآية.