شراكة بين الجمعية الجزائرية لصحة الفم والاسنان ومؤسسة "إنريكو ماتيي" الإيطالية لتحسين التكوين في هذا الاختصاص    الجزائر تندد ب الطابع "المخزي" للعريضة التي أودعتها مالي لدى محكمة العدل الدولية    المغرب: ردود أفعال منددة بتصعيد المخزن لمقاربته الأمنية عقب الحكم بالسجن على الناشطة الحقوقية سعيدة العلمي    المغرب يروي عطشه بطاقة مسروقة من الصحراء الغربية المحتلة    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى65174 شهيدا و166071 مصابا    ألعاب القوى/ بطولة العالم (الوثب الثلاثي): ياسر تريكي يحرز المركز الرابع في النهائي    عماد هلالي: مخرج أفلام قصيرة يحرص على تقديم محتوى توعوي هادف    الصالون الدولي للصناعات الغذائية بموسكو: جلسات ثنائية بين متعاملين اقتصاديين جزائريين ونظرائهم من مختلف الدول لبحث سبل التعاون و الشراكة    ولاية الجزائر: تكثيف جهود الصيانة والتطهير تحسبا لموسم الأمطار    فلاحة: تطور ملحوظ و آفاق واعدة لشعبة إنتاج التفاح بولايتي باتنة و خنشلة    وزارة التضامن الوطني: توحيد برامج التكفل بالأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد    شركة "ستيلانتيس الجزائر" توقع اتفاقية شراكة مع مؤسسة "ايدينات" لتجهيز سيارات الأجرة بحلول نظام تحديد المواقع و أجهزة العداد    وزير الأشغال العمومية يؤكد تسريع وتيرة إنجاز مشروع توسعة ميناء عنابة الفوسفاتي    إطلاق برنامج "الأسرة المنتجة" لدعم الأسر ذات الدخل المحدود    إطلاق خدمة "تصديق" لتسهيل إجراءات اعتماد الوثائق الموجهة للاستعمال بالخارج    وزير السكن: تقدم أشغال المركب الرياضي الجديد ببشار بنسبة 20 بالمائة    وزير الداخلية يشدد على تسريع إنجاز مشاريع المياه بولاية البليدة    فرنسا تشهد احتجاجات عارمة ضد السياسات الاقتصادية وتشديد أمني غير مسبوق    الجزائر تحتضن أولى جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي بمشاركة الألكسو    جامعة التكوين المتواصل: انطلاق الدروس عبر الأرضيات التعليمية غدا السبت    المحاور ذات الأولوية للتكفل بانشغالات المواطن محور اجتماع سعيود بولاة الجمهورية    ألعاب القوى مونديال- 2025: الجزائري جمال سجاتي يتأهل إلى نهائي سباق ال800 متر    عبد اللطيف: نحو تجسيد رؤية عصرية    جلاوي يترأس اجتماع عمل لضبط البرنامج المقترح    غزّة تحترق    الجزائر تشارك في الدورة ال69 بفيينا    إرهابي يسلّم نفسه وتوقيف 4 عناصر دعم    ناصري يندّد بالعدوان الصهيوني    "مغامرات إفتراضية", مسرحية جديدة لتحسيس الأطفال حول مخاطر العالم الافتراضي    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    سجّاتي ومولى يبلغان نصف نهائي ال800 متر    4000 أستاذ جديد في الجامعات    هذا جديد الأطلس اللساني الجزائري    البيض : هلاك 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    فرنسا على موعد جديد مع "رياح خريف" الغضب    آفاق أرحب للشراكة الجزائرية-الصينية في مجال الصحة    قانون الإجراءات الجزائية محور يوم دراسي    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    بن سبعيني يتألق أوروبيا ويثير أزمة بسبب ضربة جزاء    براهيمي ينتظر تأشيرة العمل لبدء مشواره مع سانتوس    شاهد آخر على بشاعة وهمجية الاستعمار    دعوة لإعادة تكوين السواق وصيانة الطرقات للحد من حوادث المرور    "الألسكو" في الجزائر لبحث سُبل حماية تراث العرب    إحياء التراث بالحركة واللوحةُ رسالة قبل أن تكون تقنيات    بجاية: العثور على 120 قطعة نقدية من العصور القديمة    سفير زيمبابوي في زيارة لجامعة باجي مختار    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    حضور جزائري في سفينة النيل    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيئتنا كانت الأمل
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 04 - 2016


بقلم: إلياس خوري*
جاء تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلية عن الجولان السوري المحتل باعتباره جزءاً من إسرائيل إلى الأبد وكأنه من خارج السياق فالعالم منشغل بمآسي اللاجئين السوريين والمشرق العربي يتآكل والشعب السوري يقاوم الموت تحت البراميل المتفجرة ومصر تتنازل عن تيران وصنافير ولبنان غارق في روائح النفايات وإلى آخره.
لماذا قرر نتنياهو إطلاق تصريحه عن الأبد الاسرائيلي في الجولان المحتل؟ لاحظوا معي التوازي بين شغف الفاشيين الإسرائيليين بالأبد وشغف الفاشية الأسدية بالأبد ايضاً. (القدس عاصمة أبدية لإسرائيل) و(رئيسنا إلى الأبد حافظ الأسد). الهوس الإسرائيلي بالأبد انتقل اليوم إلى الجولان معلناً تأكيد ضمه إلى الدولة العبرية أما هوس بشار بأبد أبيه فقاده إلى افقاد سورية سيادتها على أراضيها فصارت سورية ملعباً للقوى الإقليمية والدولية التي جاءت لنجدة سلطة الابن المتهالكة.
نتنياهو يعلن قبيل زيارته لحليفه الروسي أنه شريك في لعبة السيادة على الخريطة السورية الممزقة ويحجز حصته مسبقاً ويدغدغ العنصرية الإسرائيلية التي وصلت إلى ذروتها في الاستقبال (البطولي) الذي حظي به الور عازاريا الجندي الإسرائيلي القاتل الذي قام بتصفية الفلسطيني الجريح عبد الفتاح الشريف. عازاريا مُنح إجازة من السجن كي يحتفل مع أفراد عائلته بالفصح اليهودي فتحول العيد إلى احتفال لتمجيد الجريمة في الرملة.
واللافت أن هذا الأبد الإسرائيلي صار جزءًا من خطاب بدأ العالم يعتاده فلم تعد المستعمرات في الضفة الغربية ومظاهر التمييز العنصري التي صارت سمة الدولة العبرية تثير غضب العالم أو تستدعي تذكيراً بالقيم الإنسانية فنحن في زمن ما بعد القيم زمن تتوحش لغته وتنهار معانيه.
لا معنى لتذكير الفاشيين في إسرائيل بالقيم فلعبتهم قامت دائماً على لعبة ابتزاز القيم. ولا ضرورة للكلام عن انهيار القيم في انظمة عربية مستبدة حولت البلاد بأسرها إلى سجن كبير. في الحالتين الإسرائيلية والعربية هناك ما يشبه التناغم كي لا نقول التواطؤ وهو تناغم عميق قائم على رؤية عنصرية تقول إن المشكلة هي في الشعوب العربية. الصهيونية بأجنحتها المختلفة سعت وتسعى إلى (تخليص) الأرض من أصحابها لأنهم لا يستحقون أرضاً وعد الله بها (شعبه المختار) والفاشيات العربية بنت نسقاً من التعالي وتصرفت بصفتها آلة قمع وقولبة واستبداد. المهمة الصهيونية تحولت إلى فاشية معلنة لا تخجل بعنصريتها بل تتباهى بها أما الفاشيات العربية فصارت آلة تحطيم للمجتمعات العربية وعصابات للنهب والفساد وانتهت إلى التخلي عن السيادة الوطنية.
المعادلة الصعبة
هذه هي المعادلة التي يعيش في ظلها المشرق العربي حيث تجد الأصوليات أرضاً خصبة للوحشية المطلقة. في بلاد العرب وفي فلسطين المحتلة الحكاية نفسها ولكن بأشكال ولغات مختلفة.
هنا يقع السؤال الثقافي العربي وهو سؤال سياسي بمقدار ما هو سؤال فكري. والسؤال يبدأ بقراءة لحظة التفكك التي نعيش. والمشكلة أن التيارين اللذين يطفوان على سطح النقاش وهو نقاش صحافي وركيك أساساً يتبنيان الخطاب الاستشراقي بتلاوينه المختلفة. فالحداثويون يرون المشكلة في بنية الثقافة العربية ويعيدوننا إلى خطاب استشراقي سبق لادوارد سعيد أن حلله وفككه وبرهن على خوائه فيكونون كمن يخوض حرباً وهمية على المستوى الفكري لكنهم يصيرون بوعي أو من دون وعي جزءاً من آلة القمع الوحشية التي تمتد من واشنطن إلى تل ابيب وصولاً إلى دمشق. أما الأصوليون فيندفعون إلى تبني خطاب عدوهم معلنين تأبيد الماضي وبذا كشفوا لُبّ مشروعهم السياسي الذي لم ولن يكون سوى تفصيل صغير في خريطة الاستبداد.
وبين هذين التيارين السائدين يقع الناس ومجموعات من النخب الجديدة التي تواجه الهول. من شباب مصر الذين يسجنون ويقتلون إلى المعتقلين والمنفيين السوريين إلى المشردين العراقيين إلى المثقفين الشهداء في لبنان من حسين مروة إلى سمير قصير. هذه النخب الثقافية السياسية تتشكل اليوم في مقاومة عتمتين: عتمة الحداثة النخبوية التي ولدت في أحضان فكر قومي شبه فاشي وعتمة الأصوليات التي وجدت في الكاز والغاز منفذها إلى التوسع الكبير.
ضد هؤلاء وأولئك على الثقافة أن تجد نقطة إنطلاق جديدة وتؤسس رؤية متحررة من وحشيتين تجدان اليوم في الهمجية الصهيونية رديفاً وحليفاً سرياً وعلنياً.
ربما كان الأمل هو الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه الثورات الشعبية العربية. وهو الخطأ عينه الذي وقعت فيه القيادة السياسية الفلسطينية حين اعتقدت أن انتفاضة اطفال الحجارة كانت كفيلة بتحريك الضمائر الميتة فسقطت في منقلب أوسلو وحولت الأمل إلى كابوس. الأمل نفسه أو ما يشبهه اجتاحنا مع بدايات (الربيع العربي) كنا نأمل أن يكون خروج الناس إلى الشارع مطالبين بالحرية كافيا كي نصل إليها ونمنع آلة القمع من الدوس على أجسادنا وأحلامنا. لكن ضمير (الرئيس السوري المنتخب) بحسب أدونيس لم يردعه عن قمع الناس بوحشية مطلقة. ومن المؤكد أن هذا القمع لا علاقة له بخروج المظاهرات من الجوامع لأن (الرئيس المنتخب) لجأ إلى من جاء للدفاع عن مقام السيدة زينب تحت شعار (زينب لن تسبى مرتين) ولم يجد في العلمانية التي يدّعيها رادعاً عن استخدام خطاب أصولي طائفي ديني.
ومثلما سقط الرهان على (الضمير الإسرائيلي) ومعه (الضمير الأمريكي) فإن الرهان على الضمير العلماني للمستبد الصغير في دمشق سقط هو الآخر.
خطيئتنا كانت الأمل (مع الاعتذار من سعدالله ونوس) هنا في سورية وهنا في فلسطين وهي خطيئة نابعة من نجاح الاحتلال والاستبداد في تحطيم السياسة في بلادنا ومن تفاؤلنا الساذج بأن صرخة الحرية هي العلاج السحري الذي ينهي الاستبداد والاحتلال. (وهو تفاؤل يجب الاعتراف بأنه جزء من إرث الفكر الانقلابي والنخبوية اليسارية التي علقت بنا).
دخلنا من (بوابات أرض العدم) (وأنا هنا أستعير عنوان كتاب سمر يزبك الآسر) لنكتشف أن علينا أن نبدأ حكايتنا في ركام المدن والقرى وركام الأرواح المعذبة. السؤال الثقافي في هذا الركام ليس تهويمات نخبوية مستلة من آخر كتاب إفرنجي قرأناه أو ترجمناه بل هو بناء للقيم الإنسانية.
نتخلى عن الأمل كي نخوض في وحل لغة الصمت ونرث عذابات تدمر وعنجر وفرع فلسطين ونفحة وهداريم وجلبوع وأبو غريب والواحات ونكتب بالألم لغة الألم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.